تقاليد مصرية فرعونية

من تقاليد وعادات الفراعنة المصريين

– عنوان المحاضرة : تقاليد مصرية فرعونية

– المحاضر : أ. منتهى عثمان

– المحاضرة : نصية

– قدمت في : FG – Group Academy -Turkey



تختلف العادات والتقاليد ما بين الشعوب قاطبة فالعادات هي ما توارثته الأجيال من أفعال وأقوال وتبقى حاضرة في المناسبات والطقوس الدينية والإجتماعية وغيرها .. فإلى مصر التي تزخر بالعادات والتقاليد .

لا بدّ من التوقف والحديث عن العادات المصرية وكيف أثرت العادات الفرعونية على المصريين .

مهما تغير المصريون على مر العصور أو ظهر تأثرهم بثقافات أخرى حلت على بلادهم كإحتلال سقيم فإن حضارتهم القديمة العظيمة التي أطلق عليها « جيمس هنري برستد » فجر الضمير : ” أي أن ضمير الإنسانية بدأ من عندها “

لا تزال ساكنة الروح والوجدان والهوية عند كل مصري حتى وإن لم يكن يدري .

فاحتفظ المصريون بلهجة بها آلاف الكلمات من القبطية والديموطقية ، وكثير من العادات والتقاليد وأنماط الحياة اليومية التي نستعرض هنا معكم منها عادات قد لا يعرف بعضنا أنها متوارثة من الأجداد .

على الرغم من الاعتقاد السائد بأن كل ما تبقى لنا من حضارة  الفراعنة هو تلك الآثار الخالدة التى تبهر العالم بأكمله ، وأن أي أثر لعاداتهم وتقاليدهم ولغتهم اختفى تماماً مع الزمن ، إلا إن ذلك الأمر غير صحيح ..

فالمصريون مازالوا يمارسون العديد من العادات والتقاليد التى يرجع أصلها إلى الفراعنة .

ومن هذه التقاليد :

1- إن الكثير من الكلمات التى يستخدمونها في حياتهم اليومية أصلها فرعوني :

يستخدم المصريون فى حياتهم اليومية العديد من الكلمات التى يعود أصلها إلى اللغة المصرية القديمة واللغة القبطية ، ومن أبرز تلك الكلمات : ( طنش = تجاهل ) ، ( امبو = يشرب ) ، ( مم = يأكل ) ، ( شبشب – زقطط – بيخ -بعبع ) .

بالإضافة إلى عدد لا يحصى من الكلمات ؛ فمازال تأثير حضارة ولغة المصريين القدماء واضحاً فى جميع نواحي حياتهم .

 

2- شهقة الملوخية :

الملوخية التي يعشقها الكثير من المصريين عند اضافة الطشه ” الثوم ” إلى الملوخية فهناك بعض السيدات تشهق وهي تضع الثوم على الملوخية .. وإليكم حكاية شهقة الملوخية :

كان هناك ملك من ملوك مصر إذا جاع يجب أن  ياكل في الحال وفي حال لم يكن الأكل جاهزاً ، فيقتل الطباخ ويأتي  بطباخ غيره ..

وفي يوم كان الطباخ يعمل الطشة وهو يضعها على الملوخية دخل الحارس و قال أن الملك رجع جوعان فشهق الطباخ من خوفه ولما قدموا الأكل للملك أعجب جداً بمذاق الملوخية وكافىء الطباخ .. ومن يومها انتشر أن الشهقة تُحلي الطعم للملوخية .

 

3- زياره الموتى يومي الخميس والجمعة :

يوجد نصوص من العصر الفرعوني تبين لنا أن الملكة ايزيس كانت تزور قبر زوجها الملك اوزوريس في كل اسبوع في جزيرة باجا بالقرب من أسوان ..

فكانت تصب الماء على قبره وتجلس فى ظل الشجرة التي تمثل الفرعون نفسه .. وكذالك النواح والبكاء على الميت هو عادة فرعونية للأسف لم نتخلص منها حتى وبعد دخول الديانات السماوية إلى مصر .

 

4- عادة الأربعين :

هي عادة فرعونية كان يفتح على المومياء لإستكمال عمليه التحنيط ، لايزال المصرييون يقيمون عزاء لموتاهم في الأربعين ، أي بعد فوات 40 يوماً على الوفاة وذلك مربوط ربطاً مباشراً بطقوس التحنيط حيث كانت تأخذ أربعين يوماً للاكتمال وفي اليوم الأربعين تستطيع الروح أن تتحرر وتسافر إلى العالم الآخر بعدما تطمئن أن الجسد محفوظ في مكان أمين .

 

 5- كسر ” قلة ” :

كانت تكسر وراء العدو أو أي شخص لا نرغب في رؤيته مجدداً ، كثيراً ما نسمع جملة ” اكسر قلة وراه ” ، والتي  يرددها المصريون عندما يتلقون زيارة من شخص غير مرغوب أو يقابلون شخصا يكرهونه أو لا يرغبون فى رؤيته ، إذ أن هناك اعتقاد بأن كسر ” قلة ” وراء ذلك الشخص يساعد على إبعاده عنهم تماماً وعدم تلقيهم زيارة منهم مرة أخرى أو رؤيته على الإطلاق .

وأصل ذلك الاعتقاد يعود إلى عصر الفراعنة ، حيث اعتقد المصريون القدماء أن تحطيم إناء أو قدر فخاري وراء شخص لا يحبونه من شأنه أن يعمل على التخلص من الطاقة السلبية والأرواح الشريرة التى تحيط بذلك الشخص وإبعاد الحظ السيئ الذى من الممكن أن ينتج عن زيارته .

 

6- البخور :

فهو عادة فرعونية لا تزال موجودة في بيوتنا المصرية وخاصة يوم الجمعة عند المسلمين .. وكان الحرص على إشعال البخور في البيوت وعند المرض أو الخوف من الحسد هو أيضاً قادم من مصر القديمة ؛ فقد كان المريض يذهب إلى معبد مدينته ليحصل على بركة الآلهة بالبخور ويطرد الأرواح الشريرة والطاقات السلبية عن طريق البخور .

 

7- القرابين :

كان المصري القديم يهتم جداً بالقرابين وكانت توزع على مقبرة المتوفى فاذا كان المتوفى غنياً فإن القرابين توزع كل يوم ..

 أما إذا اذا كان فقيراً فكانت توزع في الأعياد الخاصة بالمصري القديم وهذا نراه واضح وظاهر في كل مصر الآن وهي ما تسمى ( برحمة ونور ) ويعرفه الغني والفقير وجميع طبقات المجتمع بتنوعها وتنوع ثقافتها وهي إلى الآن توزع في المقابر في عصرنا الحديث .

 

8- شم النسيم :

توارث المصريون عادة الاحتفال بشم النسيم عن الفراعنة ، الذين كانوا يحتفلون به منذ نحو 4500 عاماً .. وكان الفراعنة يقومون خلال ذلك اليوم بتقديم السمك المملح أو ” الفسيخ ” والخس والبصل كقرابين للآلهة خلال موسم الحصاد ؛ وكان من عاداتهم الأساسية خلال ذلك اليوم الخروج إلى الحدائق والمتنزهات وتلوين البيض وتجهيز أطعمة مثل الرنجة والفسيخ والسردين ؛ وهي نفس العادات التى يقوم بها المصريون حتى اليوم بالضبط .

 

9- عدم ترك ” الشبشب ” مقلوباً :

يعتقد العديد من المصريين أن ترك ” الشبشب ” مقلوباً يجلب الحظ السيئ أو ” النحس ” ، ولذلك فإن تركه مقلوباً يعد من المحرمات في الكثير من البيوت المصرية ؛ وما لا يعلمه الكثيرون هو أن ذلك الإعتقاد يعود تاريخه إلى آلاف السنين ، حيث كان الفراعنة يعتقدون أن ترك الشبشب أو النعل مقلوباً يعد إهانة للآلهة ، إذ أنه بمثابة وضع الشبشب فى وجه الآلهة .

 

10- كعك العيد :

وهذه عادة فرعونية أصيلة لم يعرفها العرب بل وإن العرب والمسلمين اخذوا هذه العادة من المصريين .

 

11- ” عين حورس ” للحماية من الحسد :

كان المصريون القدماء يعتبرون “عين حورس” رمزا للصحة الجيدة والحماية من الأرواح الشريرة والحيوانات الضالة ، وكانوا يقومون بإرتداء قلادة ” عين حورس ” للزينة والحماية ، فضلاً عن أنه كان يتم وضعها على صدر مومياء الفرعون لضمان بقائه سليماً معافى في الحياة الأخرى ؛ ومع مرور الزمن اعتبرها المصريون رمزاً للحماية من الحسد والشر .

 

12- التصدق على الفقراء :

على مر التاريخ ، كان التصدق على الفقراء من أولويات المصريين ، لاعتقادهم بأن أي مبلغ يقومون بإعطائه للفقراء مهما كان بسيطاً من شأنه أن ينقذ حياة إنسان ؛ وتلك العادة ترسخت لدى المصريين منذ آلاف السنين ، حيث اعتقد الفراعنة أن الإلهة ” ماعت ” ، إلهة الحق والعدل عند قدماء المصريين ، تعطى مكافأة كبيرة لمن يساعدون الفقراء .

 

13- سبوع المولود :

ففي اليوم السابع يتم إقامة حفل كبير يحضره كل الأقارب والجيران والمعارف ، ويتم ” زف ” المولود إلى خارج البيت تحمله أمه في ” منخل ” مزين بالورورد وتزداد الزينة إذا كان المولود أنثى ، وقبلها بليلة يتم وضع ” قلة ” بها ماء في إناء واسع يوضع فيه ماء ويبذر فيه سبع حبات من الفول والأرز ، من المساء حتى موعد الاحتفال في اليوم التالي ، وذلك تيمناً بالعمر المديد والخير الوفير وفي الاحتفال توزع حلوى خاصة بالسبوع ، ويحمل الأطفال الشموع وتقوم جدة الطفل او أي  ست كبيرة بـ ” دق الهون ” وهو عبارة عن إناء من النحاس تطحن فيه الحبوب ويتسبب دقه فى ضجيج بجوار أذن المولود وتطلب منه أن يطيعها ويطيع أمه ( بديلاً عن طاعة اوزوريس أم الإله في العادات الفرعونية القديمة ) .

ثم يوضع الطفل على الأرض وتعبر أمه فوقه سبع مرات لحمايته من الشر طوال عمره ويغنون له ” حلقاتك برجالاتك ، حلقة ذهب في وداناتك ” ولا يزال يقام فى معظم البيوت المصرية .

 

14- شواهد القبور :

في حقيقة الأمر التأثير المصري هو الأقوى ؛ فبعد مرور آلآف السنوات ودخول المسيحية والإسلام لمصر ؛ لايزال المصري يحتفظ بشاهد لقبر المتوفي كي يقدر على زيارته في أي وقت .

 

15- دبلة الزواج :

هل تعلم أن الدبلة الذهبية التي يرتديها المتزوجون في أنحاء العالم أصلها مصري قديم واسمها ” حلقة البعث ” ، وهي تعطي البركة لدوام العشرة والمحبة طوال حياة العروسين مع بعضهما .

 

16- حلة الإتفاق :

أظن أن القليلين من الأجيال الجديدة وخاصة فى المدن لا يعرفون شيء عن ما يسمى حلة الإتفاق ، وموضوع حلة الإتفاق هذا عادة مصرية قديمة سواء في المدن أم في الريف وإن كانت تختلف من هذا إلى ذاك ، والحَلَّة بفتح الحاء وتشديد اللام هي وعاء الطبخ وليس الحُلّة بضم الحاء وتشديد اللام وهي  البدلة ، وحلة الإتفاق هو تعبير المقصود به ليس الحلة تحديداً إنما المقصود به العشاء الذي تصنعه أم العروسة – أو من ينوب عنها فى حالة وفاتها كالخالة أو الأخت أو العمة – ليكون عشاء العروسين في ليلة الدخلة ، ويكون هذا العشاء على حسب قدرة الأسرة ولكنه غالباً ما يحتوى على الحمام المحشي وبعض الأصناف الأخرى من اللحوم أو الدواجن ، وهذا بالطبع غير ما يتم تقديمه لبيت العروسين من أطعمة سواء نيئة أو مطهية لتكفي العروسين عدة أيام .

 

17- الزواج :

تعدّ الأعراس مناسبة لا غنى عنها في كل أنحاء العالم ، ففي مصر مثلاً جرت العادات على تقديم جهاز العروس والذي يتكون من الصندوق الذي يوضع به الإكسسوارات من العقود والمجوهرات والأشرطة الملونة التي يزين بها الشعر الطويل والمخدة ، وكذلك يتم تقديم مبلغ مالي للعريس وتُسمى بنقوط الفرح أو نقوط فلان ، وهي عادة متأصلة في المجتمعات الشعبية الأخرى .

أما مطرب الفرح الشعبي أو العرس فعند الغناء يضع يده على أذنه ويبدأ بقول يا ليل يا عين ، وهي عادة موجودة منذ آلاف السنين وليست عادة جديدة ، أما أعراس الأغنياء فأحد التقاليد القديمة هو إحضار كبار المطربين والمطربات والراقصات بكلف مالية دون الاهتمام بهذه التكاليف .

– ليلة الحنة :

ليلة الحنة والإحتفال بالأعراس هي موروث فرعوني بحت .. ووضع الحناء في يد العروسين للاحتفال بالعرس هو أيضاً عادة فرعونية تناقلناها جيل عن جيل وهي لا تزال إلى الآن في الصعيد والريف المصري .

– المأذون :

وهو أحد كهنة المعبد يقوم بعقد رباط الحياة الزوجيّة المقدس بين العروسين ، ويكتب عقد الزواج من ثلاث نسخ ، واحدة للعروسين ، وأُخرى للكاهن ، وثالثة لدار المحفوظات حتى لا يضيع حق أحد الزوجين .

 

18- طاسة الخضة :

هي طاسة من النحاس الأحمر مدون عليها تعاويذ مكتوبة اعتقد الناس في قدرتها على شفاء الأمراض وطرد الأرواح الشريرة ، وقد أطلق عليها في البداية ” طاسة الخضة ” لأنها كانت تستخدم في علاج الأمراض العصبية ، ثم شملت باقي الأمراض كالتسمم ولسعة الحية والعقرب والصرع والمغص وسائر العلل .

تستعمل ” طاسة الخضة ” بأن يوضع داخلها ماء أو تمر أو حليب ثم تعرض أثناء الليل للندى في مكان مكشوف ويشرب منها المريض في الصباح ويتكرر ذلك عدة مرات .. من المعتقدات الغريبة الأخرى أن العين المصابة لا تغسل بالماء نهائياً لأن ذلك يؤدي إلى فقدان البصر ، وأن العيون تشفى من الرمد بأخذ قطعة من طمي النيل والعبور بها إلى الضفة الأخرى من النهر وإلقائها هناك .

 

19- المآتم :

هنا تظهر العادات المصرية بلا منازع ولا بدّ من الإشادة عندما تقوم المرأة في القرى والأرياف بشق ثيابها ، وشدها من منطقة النحر مع العويل بصوتٍ عالٍ مع فن العديد ( العديد : كلمات لها معنى خاص ومختصرة وتقال في 38 موقفاً وهي عبارة عن مقطوعة من بيتين ) ، واللطم على الخدين ، والندب لإبراز مكانة الميت والحزن عليه .

من التقاليد في المآتم استئجار المقرئين المشهورين لقراءة القرءان الكريم ، وكذلك يلتفون حول الميت عندما يضعونه على السرير ويبدؤون بالبكاء واللطم ويصوتون بصوتٍ عالٍ ، ويضعون التراب فوق رؤوسهم ، ويغسلون ملابس الميت حتى لا يبقى أثر لروحه ، ومن العادات أيضاً زيارة موتاهم في الأعياد .

 

20- التمائم :

لازال كثير من المصريين حريصون على حمل التمائم أو الأحجبة بين طيات ملابسهم أو في مناطق مخفية في المنزل ؛ وذلك اتقاء لشر السحر والسحرة .

 

21- الاحتفال بخسوف القمر :

يا بنات الحور حرررو القمر، ده القمر مكسوف : هكذا ينادي الأطفال في الريف حين يشهدون خسوف القمر ، وهي بمثابة عادة متوارثة أيضاً من مصر القديمة .

وبالرغم من تتابع الأزمنة ونزول الديانات السماوية الثلاث ، إلا أن المعتقدات المصرية ظلت متوارثة منذ عصر الإنسان البدائي مروراً بعهد الفراعنة ، وباختلاف الحقب التاريخية من فرعونية ، قبطية ، والإسلامية ، ويستمر الإنسان المصري بتوريثها مما تغيرت ملامح الأزمان وتتابعت العصور .

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام موضوع العادات  المصرية الفرعونية .. نلقاكم في مشاركات أخرى إن شاء الله تعالى .

 


تمت والحمد لله رب العالمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى