والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم لا سهل إلا ماجعلته سهلا
إنك تجعل الحزن إذا شئت سهلاً سهلا
لا تكلنا لأتفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك
رحمتك نرجوا .. إن ربك هو الفتاح العليم
سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب .. وبعد :
بداية أهنئ العالَم الإسلامي بمناسبة افتتاح مهرجان القدرات النورانية في دورته الثانية ، وأهنئ القائمين والعاملين والمشاركين والحضور في هذا المهرجان الفريد والاسبق من نوعه الذي يعتني في نهضة العلوم الحديثة المواكبة للعصر وبعناية فائقة تهتم بتوعية الجيل وتنشأته على علوم يحتاجها في حياته الشخصية والعملية والنهوض به إلى أعلى مستويات الثقافة .
وانتهز الفرصة للمباركة أيضاً لراعي المهرجان سماحة علامة الديار الشامية الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب حفظه الله تعالى واثني عليه منح هذه الفرصة الكونية العلمية الرفيعة المستوى في طرح العلوم القدروية من خلال المهرجان ، إنه لشيء نادر لم يسبقه أحد به ، بارك الله لنا بكم وزادكم نوراً وفسحة معرفية عرفانية ذواقة ، وإنها لبركة للمهرجان إذ تزامن في شهر المولد المبارك ، شهر مولد خير البرية سيدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
أمسيتنا اليوم تحت عنوان :تسمية المنتج حروفياً
فلنبدأ على بركة الله الرحمن البديع ..
سأتطرق قليلاً في البداية لمقدمة بسيطة مرتبطة في تأسيس لبعض من المفاهيم علم التسمية ؛ فهي أجزاء متممة لبعضها لتمام وضوح الصورة الكُلية والغاية المرجوة .
كل شيء في الوجود له اسم ، وهذا الاسم يصبغ صاحبه ويكون ردائه .
فالاسم هو يمايز به شخص عن شخص ، وشيئ عن شيئ .
ولا تقتصر التسمية على أسماء الأشخاص أو ألقابهم فحسب ؛ بل أيضاً على الممتلكات الشخصية مثل : ( السيارة – المنزل – الموبايل – اللاب بتوب – الشركة … إلخ ) ، وذلك لأهمية الاسم للمسمى .
وقد أمرنا رسولنا الكريم سيدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بتحسين الأسماء فقال : ” حسنوا أسمائكم فَإن صاحب الاسم الحسن قد يستحي من اسمه وقد يحمله اسمه على فعل ما يناسبه وترك ما يضاده ” .
وقيل : ” بأن لكل مسمى من اسمه نصيب ” .. فاختيار الاسم شيء مهم ؛ بل هو روح الشيئ يكون خِلعة المسمى .
فالأصل في هذا العلم أنه قديم ؛ بل حتى وإنه متجدد في كل آن لأنه يواكب عصره .
العرب قديماً كانت تهتم وتعتني كثيراً بالتسمية وبإختيار الأسماء ذات المعاني الراقية التي تحمل معنى جميل ومميز تمثل أصاحبها ، وبإطلاق الألقاب على ممتلكاتهم التي يعتبرونها جزءاً منهم .
ولا يتوقف الأمر عند العرب وحسب بل إن نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم اعتنى عناية خاصة في إطلاق الألقاب على صحابته الكرام الذين عاصروه في حياته ، منهم :
– الصديق : هو عبد الله بن أبي قحافة رضي الله تعالى عنه وأرضاه .
– أسد الله : هو حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه وأرضاه .
– أمين هذه الأمة : هو أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه وأرضاه .
– ترجمان القرءان : هو عبد الله بن العبّاس رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما .
– أم المساكين : هي أم المؤمنين زينب بنت خزيمة رضي الله تعالى عنها وأرضاها .
والكثير الكثير من الألقاب التي اطلقت على الصحابة الأجلاء ، ولا يسعنى المقام الآن لذكرها لطول القائمة .
في البداية علينا الإلتزام بقواعد عند شرائنا أي منتج أو تسميتنا لشيئ ما .
فعليك أن تختار لك الأفضل والأحسن ، فمثلاً تريد شراء الخبز ، فذهبت إلى السوق فوجدت دكانان لبيع الخبز الأول اسمه ( مخبز الفردوس ) والثاني اسمه ( مخبز أبو زعل ) .. والإثنان يبيعان الخبز .. فأيهما تختار ؟
الأمر بسيط وسهل ، ماعليك إلا الاختيار بعلم ..
ببساطة يجب عليك بالبداية أن تعرف معنى اسمَيّ المخبزين ..
فالمعنى أصبح واضح لِكِلا المعنيين ، والخيار يبقى لك أيهما تختار ؟
قس على ذلك عند شراءك الخضراوات والمواد الغذائية والملابس والأثاث ووو إلخ .
الفائدة مما ذكرت ، بأن روح الاسم مسيطرة على المسمى ، فعند اختيارك اسم المكان أو الشخص الذي تريد الشراء منه ، فإن روحانيته تعطيك قبس منها ، فاحذر تسلم .
مثلاً عندنا في بلاد الشام عموماً وفي دمشق الفيحاء خصوصاً يوجد مثل شعبي جميل يترجم لبس روحانية المكان والقرب ، فقالوا فيه والذي هو صنعة العلماء : ” جاور السعيد بتسعد وجاور الغني بتغنى ” .
المثل واضح لا يحتاج منا شرح ، ولكن هناك من كان بحاجة شرح السر وفهمه ، وكيفية عيشه .. هم الغرب ياسادة ، فقد أجروا دراستهم فقط لمعرفة أسباب السعادة الحقيقية للإنسان من خلال هذا المثل ، كانت الدراسة في بداية القرن التاسع عشر في جامعة هارفرد ، حيث تمت الدراسة على عدة شرائح من مجتمعهم ولسنوات طويلة بدأت في عام 1938 وانتهت في 2012 ، وكانت النتيجة بأن العلاقات الجيدة هي من تجعلك أكثر سعادة وأكثر صحة .
احتاج منهم الأمر لسنوات طويلة للفهم ، أما عندنا فهناك من عرف السر وعاشه .
بعد هذه المقدمة نذكر بعض من محددات شراء المنتج ؟
1- الاسم ..
( البادئة بالاسم لأنه محور معتمد عليه أوصاف وماهية المنتج ) .
2- السعر ..
( البعض يحب أن يشترى أشياء ذات جودة عالية وبأسعار زهيدة ، والبعض الآخر يشتري الأشياء الباهظة الثمن لعلمه بأن الأشياء الباهظة الثمن تكون بجودة عالية ، لكن ليس دائماً السعر الباهظ يكون ذا جودة عالية ؟؟ لذلك يجب علينا الحذر من هذا الأمر ، والتفكير قبل شراء المنتج كما في الشكل / 1 ) .
3- تقليد أعمى ..
( كأن نرى بأن الناس جميعاً تشتري منتج ما ، فنقول : كل الناس تشتري هذا المنتج ، لماذا لانشتريه نحن أيضاً ؟؟ ) .
4- الحاجة للمنتج .
5- توظيف الدعاية ..
( كأن يُرَوِجوا لمنتجاتهم من خلال عرض المشاهير من الممثلين أو الشخصيات البارزة في تصوير إعلاناتهم كما في الشكل / 2 ) .
6- التأثر ببلد المنشأ ..
( مثال للصناعة الألمانية أو اليابانية المعروفة بالجودة والمتانة ، وأنها تلبيي الإحتياجات بطريقة عصرية متحضرة وبتقنيات عالية ) .
7- دراسة اسم المنتج ..
( فهذا ماتتقنه كبرى الشركات العالمية التي تمتلك من بعض أسرار علوم الحروف ومدى تأثيرها على تسمية منتجاتها ) .
8- الأكثر مبيعاً ورواجاً ..
( مثلاً ربط الماضي بالحاضر كما في الشكل / 3 ) .
9- التأثر بالدعاية والاعلان ..
( كأن يكون الإعلان غير مالوف أو خارج عن العادة ، حيث يعطي انطباع بالندرة والتميز والأولية ) .
الدعاية والإعلان لها الأثر الكبير في الترويج للمنتج ..
مثلاً : الغرافيك في الشكل (4) بسيط وجميل وأنيق ومرتب ويحوي لون برتقالي ولون أبيض .. وللألوان دلالة بمعناها ..
ونلاحظ أيضاً بأن اسم المنتج في اعلى الغرافيك يأخذ كل المساحة ..
واللون البارز في الغرافيك الأحمر .. وأيضاً له دلالة ..
والكثير من الأسرار في ثنايا الغرافيك تمت دراستها من قِبل الشركة المصنعة .
أما في الشكل (5) فنجد أن الشركة قد روجت لخمسة من منتجاتها في آن واحد ..
حتى أن الطريقة في الترويج متداخلة والألوان غير منتاسقة ..
واسم المنتج موضوع أسفل الغرافيك .
في الشكل (6) نشاهد فاتنازيا في الدعاية لمنتج من شركة مرسيدس .. سيارة معلقة في إحدى المطارات الدولية .
نأخذ مثالاً عن شركة اتبعت قواعد محددات شراء منتجهم بعلم ، طورت من نفسها فأصبحت رائدة في عالمها ..
وما أوصلها إلى ذلك إلا اتباعها أسرار لا يعلمها الكثيرون من منافسيها على الصعيد العام ، سبيل المثال لا الحصر تمنح الشركة مصفوفة من الأرقام والحروف لكل موديل تصنعه ، فهم يعلمون تلك الأسرار ويطبقونها ، وهي شركة مرسيدس بنز لصناعة السيارات الفارهة .
لمحة سريعة وموجزة لتسمية مرسيدس بهذا الاسم :
يعود الاسم ( مرسيدس ) إلى ابنة إميل يلنيك الذي كان ينظم سباقات شركة تصنيع السيارات آنذاك ..
حيث أنه كان يتفائل باسم ابنته مرسيدس فكان يسمي به سيارة السباق ..
فكان الفوز المتكرر حليفه .. فلاحظ أن اسم ابنته يجلب له الفوز ..
فأخذ من اسم ابنته مشروعاً ناجحاً لإنتاج السيارات .
تتميز اليوم سيارة مرسيدس بالجودة العالية والفخامة والقوة وطول العمر ، حيث يركز العلماء والمهندسون فيها على راحة السائق والركاب ومراعاة وسائل الأمان والسلامة للحفاظ على المستوى العالي الذي لا ترضى الشركة التنازل عنه .
الذي يجعل لدى البعض من الناس الحلم في امتلاك هذه السيارة المميزة .
وسجلت شركة مرسيدس العديد من براءات الاختراع ، فهي أول من تضمن نظام الكوابح المانعة للتعليق ABS .
وأول من أتى بفكرة الوسائد الهوائية ، ونظام الأضواء المتحركة مع عجلة القيادة لتقليل المفاجآت عند المنعطفات .
ونظام الأمن ما قبل الحادث ، PreSafe وفكرة الزجاج المتحطم للخارج وغيرها من أنظمة السلامة والأمان المتعددة .
تعد سيارة المرسيدس هي النقلة النوعية في صناعة السيارات .
والكثير الكثير في طيات علم تسمية المنتج ، ولكن ماذكرناه هو أهم نقاط بإمكانك الإعتماد عليها عندك شرائك لمنتج ما .
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه لنا .
اتنمى بأن تكون الأمسية قد نالت إعجابكم ، التوفيق والسداد لزملائي المدربين في أيام المهرجان .