نبدأ شاكرين لسماحة المؤسس الحكيم الشيخ د.هانيبال يوسف حرب فضله ودعمه و إتاحة هذه الفرصة .
وشاكرين لكم حضوركم الطيب ومشاركتكم .
لعلنا نفتتح أولى محاضراتنا معكم بأنوار في الحب .. فالحب حقيقة جميلة ..
الحب النور الباعث للجمال وبركات الجمال .. في الأكوان
وعن قدرة من قدرات الحب .. سنكون معاً
حديثنا اليوم عن : (( قدرة الحب الكلامي ))
فهذا الموضوع مهم جدا ويدخل في تفاصيل حياتية كثيرة قد لا نعيها ، ويترك آثارا على المدى الطويل .
وبهذا سنبدأ إن شاء الله تعالى .
ملاحظة : السلايدات والصور في هذه الامسية متعلقة فقط بهذه المحاضرة ومحتواها المكتوب ويرجى عدم نشرها على مواقع التواصل .
1. مقدمة عامّة عن تأثير الكلمة :
بداية دعونا ننطلق من الأساس ..
الكلمة لغويا : لفظ يتلفظ به اللسان ، وحروف يصيغها بإرادته الإنسانية
فإنّ الحروف باجتماعها تكوّن كلمات فتعطي معناها ، وكلّ لفظ له معنى فهو كلمة .
إن الكلمة تحتمل أبعادا كبيرة بالمعنى والتأثير فهي ذات سطوة قدروية لها فاعليّتها وحاكميتها في الكون .
كما نعلم جميعا إن للكلمة وقعٌ وأثر ، وقد بات هذا الأمر مبتوتا اليوم في مختلف العلوم والثقافات .
فللكلمة (( قدرة )) تأثيرية .
عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ ﷺ قَالَ : ” إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم ” رواه البخاري .
وكنّا قد درسنا ذلك في العديد من المحاضرات والأمسيات التي يقدّمها سماحة المؤسس الحكيم د. هانيبال يوسف حرب حفظه الله تعالى ، وأهم تلك العلوم علم تمام الكلمة .
وقد حدثنا عن ذلك في بداية الافتتاح
وكذلك إضافة إلى العلوم العقلية .. فقد ثبُت تأثير الكلمة على الافراد .
حيث أنّ كلمةً واحدة لها ( القدرة ) في التأثير على الجينات التي تنظم الجهد الجسديّ والعاطفي ، كما أورد أحد الكتب العلميّة المتخصص بهذا الشأن .
ولقد إنتشرت حملة واسعة في الفترة الماضية من قبل علماء النفس والمثقفين حول حثّ النّاس على استخدام كلمات طيبة وايجابية في محادثاتهم اليومية الخارجية و الذاتية .
وما قد تسببه بعض الكلمات من آثار نفسية على وعيي الفرد وبالتالي آثار لاحقة وخيمة ، وقد عُدّت بعض الكلمات المسيئة بحق الآخرين نوع من أنواع التنمّر ..
انتشرت العديد من التجارب على الماء و على النبات حول تأثير الكلام الايجابي الطيب عليهما ونوع الاستجابة التي بدت عليهما .
فمثلا : تظهر النباتات التي تتعرض للكلام الايجابي الطيب استجابة جيدة ومحببة بحيث تبقى محافظة على نضارتها وزهوها .
بينما في المقابل النبات المتعرض لكلام السلبي يظهر ردة فعل سيئة بحيث يذبل ويفقد نضارته .
تجربة ( السيد : ثنيان خالد )
تجربة ( آيكيا ) التي طلبتها من طلاب المدارس
إلّا أننا اليوم لن نبحث في تلك الأبعاد أكثر ، حيث أنها مثبتة من كل الجوانب وفي مختلف الأديان والثقافات .. فللكلمة قدرة مؤثّرة .
2. استخدام كلمات الحب والمحبة وقدرتها :
بعد هذه المقدمة يجب أن ندرك تماما أن لكلامنا قدرة تأثيرية على الفرد مما سينعكس لاحقا على المجتمع ككل
لذلك فإننا اليوم نتحدث عن قدرة تأثيرية للكلام .. إلا أننا تخصصنا ( بقدرة الحب الكلامي )
فمن الحب ما يُقال ..
الحب له ظهوره الكلامي ..
وله بالتالي قدراته ككلمات .
إن كلمات المحبة كلمات طيبة .. وكما نعلم فإن الكلمة الطيبة صدقة :
قال صلى الله عليه وآله وسلم : ” وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ” متفق عليه .
وبالتالي فكلمات المحبة كلمات إيجابية الوقع في الوعي وفي الروح .
إنّ قيومية الرجل تجعله في سعي مستمر لرعايته أهله والحفاظ على استقرار بيته ..
لذا لابد ان يجد سكنه حيث يسكن وتسكن عوالمه .. بعد الجهد والسعي .
وإن الطبيعة الزوجية بين الزوجين بأن الزوجة هي سَكَن لزوجها .
وقد يكون التعبير عن هذا السكون بعدة مظاهر واحاسيس .. ظاهرة وغير ظاهرة .
ومن تلك الطرق التعبير الكلامي عن العاطفة والحب .
فإن فُقد ذلك .. فإن التوازن الزوجي الطبيعي سيُفتقد كذلك .
لعل الرجل سيكون أكثر إدراكا لتلك الحقيقة .. ولعل المرأة ستكون أكثر شعورا بتلك الحقيقة .
لنقلب المسألة : فإن الرجل الذي تستقبله زوجته مساءا وتودّعه صباحا بكلام ملؤه الحب .. بكلام فيه ( كلمات حب ) .. هي زوجة تبثّ السعادة والاستقرار العاطفي بالنسبة الى الرجل .
وسنلاحظ المجتمعات تفضّل نساءا معينين للزواج من أقطار معينة نظرا ( لكلامها ) المعسول الذي يبث السعادة .
وهذا أوضح مثال على قدرة كلمة الحب .. في حياة الانسان .
فهذا المثال عبارة عن تجربة يومية لقدرة كلمة الحب في تأثيرها على الرجل .
ونقول : إن كان ذلك تأثير كلمات الحب على الرجل العملي .. فتخيل مدى تأثيرها على الزوجة الأنثى العاطفية بأصلها ..
لعلّ قدرة كلمة الحب ستؤثّر ايجابا في الحياة العاطفية بين الزوجين .. فتنبه .
يعدّ ذلك حثّا على استخدام قدرة الحب في التأثير على قرار الرجل .. وهذه في كلام الحب قدرة .
قد تكون فطرية غير ملاحظة بينهنّ .. إلا أنها مُستخدمة . ولها تأثير مجرب لاشك .
تطلب الطفلة من أمها بطريقة الرسم التعبيرية أن تسمع منها كلاما في الحب .
فالطفل يرغب بكلام حبّ من أمه وأبيه حيث أن الوعي يريد بناء قسمه العاطفي مع الاهل .
يدرك وعيها أن كلمة محبة من والدتها .. لها تأثير لاشك .. فيعبر الوعي بطرقه ليحظى بكلام في الحب .
ونعلم تماما حب الابوين لأطفالهم .. وكم الجهد المبذول من قبلهم للحفاظ على صحتهم النفسية والعاطفية والبدنية ..
وتتنوع طرق التعبير عن حبهم لهم .. إلا أننا هنا نذكر ونهتم بأن كلمات المحبة تجاه الاطفال .. لها تأثيرها القدروي على عواطفهم وبنيتهم النفسية .
إنه لابدّ من تعبيرِ يُظهر تأثّر الوعي العاطفي لذاك الشخص ..
وبكلمة واحدة ستستطيع أن تلمس قدرة كلمات الحب في الإنسان ..
(( حيث إنفعل فورا لتأثير تلك القدرة )) .
إن ما سبق يأخذنا لنتكلم عن زراعتك في وعي عائلتك ومحيطك ..
فما ستزرعه من وقائع في وعيهم ستحصده كردود فعل يصيغها الوعي .
فطالما أن لكلمات الحب والمحبة ذاك التأثير القدروي كما شاهدنا ..
فمن المهم جدا أن يعتاد لسانك على كلمات الحب مع أهلك وعائلتك ومن حولك من الناس .
فإن ذلك يعني إيقاع تأثير في وعيهم ، فيكون لك حصة في الوعي العاطفي لكل منهم .
وبالتالي عند إفراز الوعي العاطفي مفرزاته وردّات فعله ، سيجد في بنتيه أثرك القائم فيه .
وبالتالي فإن رد الفعل الطبيعي سيكون بناءا على صفتك في وعيه العاطفي .
أي سيكوّن رد فعل ومفرزات كلامية طيبة الاثر وايجابية العاطفة .
وهذه القاعدة مهمة جدا في بنية العائلات وأسسها .
حيث ما ستزرعه فيها .. ستحصده .
وهذا الأمر يشكل مستقبلا : هيكلة المجتمعات ، فيجب أن نراعي تلك القدرة التأثيرية .. لمجتمع خال من العقد النفسية والاضطرابات التعاملية .
تذكر الدراسات الاجتماعية النفسية أن ردود فعل الاطفال مبينة على ما يستقطبونه من اهلهم .
ولعلّ العديد من الآباء والأمهات معنا سيجدون ذلك في ذاكرتهم ، فكم من كلمة قلتها امام طفلك ووجدته يعيدها ويستخدمها لاحقا .
كم من طفلة تقلّد أمها أثناء اللعب بالعديد من الامور : الطبخ .. تقديم الشاي .. المكياج .. الخ .
وكم من طفل يقلّد والده أثناء اللعب : كطريقة المشي ..نبرة الصوت .. نوع عمله اذا شاهده ( كنشر الخشب مثلا ) .
فأن يعتاد أفراد العائلة على سماع بعض الكلمات .. يعني استخدامهم لها مستقبلا .
فإن للكلمات قدرتها التأثيرية على سلوكهم كذلك .
وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في الحسن والحسين رضي الله عنهما : ” اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا “فكلماته صلى الله عليه وآله وسلم كلمات حب .
وقد دعا لمن يحبهما بالحب .
فتلك الكلمة في الحب منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لها تأثير كبير على السامعين
بحيث سيتجهون بمشاعرهم لمحبة الحسن والحسين .
فهنا نرى (( تأثير قدروي على عالم المشاعر بكلمات المحبة )) التي قالها ودعا بها رسولنا الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
الحب جزء ثابت في بينة الإنسان ، فإنسان الذي لا يحب إنسان ناقص لا شك .
ففي القرآن الكريم آيات كثيرة تتحدث عن الحب .
فهذا يبنهنا بالضرورة إلى أن الحب جزء مهم من كمالنا الإنساني ، فالكتاب الكامل فيه عن الحب .