علم الحديث – المحاضرة / 5 /

– محاضرة : علم الحديث – المحاضرة / 5 /

– المحاضر : الشيخ عبد الله كشكوش المقدسي

– المحاضرة : نصية

– قدمت في : 2023 / FG-Group Academy -Turkey

 

بسم الله والحمد والصلاة والسلام على

سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

أما بعد :

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا

إنك تجعل الحزن إذا شئت سهلاً سهلا

لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك

رحمتك نرجوا .. إن ربك هو الفتاح العليم

سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب .. وبعد :

أرحب بكم جميعاً في فُلك العلم والايمان المشحون الذي سنبحر به الليلة إن شاء الله تعالى في بحر من بحور العلم .. فمرحباً بكم جميعاً .. وعلى بركة الله تعالى نسير ..  بسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ..

كنا في المحاضرة السابقة قد انتهينا من بيان ( اختصار الحَدِيثِ ) واليوم إن شاء الله تعالى نتابع في سلسلة في علم الحديث .. ومع (عُلُومُ الرُّوَاةِ ) ..

– عُلُومُ الرُّوَاةِ :

  1. الجَرْحُ والتَّعْديلُ .

  2. أقسامُ الرُّواةِ مِن حيثُ الجَرْحُ والتَّعْديلُ .

  3. طبقاتُ الرواةِ .

  4. أسماءُ الرُّواةِ وكُناهُم وألقابُهم وأنسابُهم .

– أولاً : الجَرْحُ والتَّعْدِيلُ :

– تَعْريفُهُ : الجَرْحُ هُوَ : الطَّعْنُ فِي ثقةِ الرَّاوِيِ . أيْ : الطَّعْنُ في عَدالَتِهِ أو ضَبْطِهِ .

– التَّعْدِيلُ هُوَ : تَوْثِيقُ الرَّاوِي . أيْ : الحُكْمُ عَلَيْهِ بِأنَّهُ عَدْلٌ ضابِطٌ .

– مَشْرُوعِيَّتُهُ : رُبَّما ظَنَّ بَعْضُهم أنَّ الطَّعن فِي عَدالَةِ الرَّاوِي أوْ ضَبْطِهِ غِيبَةٌ مُحَرَّمَةٌ ، ولكِنْ أجْمَعَ العُلَماءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ جَرْحِ المَجْرُوحِينَ من رُوَاةِ الحَدِيثِ ، بَلْ عَلَى وُجُوبِهِ ، لِأنَّهُ وَسِيلَةُ ضَروريَّةٌ للتَّمْيِيزِ بَيْنَ الحَدِيثِ المَقْبُولِ وغَيْرِ المَقْبُولِ ، وما لا يَتِمُّ الواجِبُ إلاَّ بِهِ فَهُوَ واجِبٌ .

– شُرُوطُ الجارِحِ والمُعَدِّلِ : شُرِعَ الجَرْحُ والتَّعْدِيلُ لِلضَّرُورَةِ ، والضَّرُورَةُ تُقَدَّرُ بِقَدَرِها ، ولِذلِكَ فَإنَّهُ لا يَجُوزُ الجَرْحُ والتَّعْدِيلُ إلاَّ لِمَن اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ التَّالِيَةُ :

  1. أنْ يَكُونَ ثِقَةً ، أيْ عَدْلاً ضابِطاً ، فَعَدالَتُهُ تَجْعَلُنا نَثِقُ بِصِدْقِهِ ، وضَبْطُهُ يَجْعَلُنا نَثِقُ بِأنَّهُ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَ راوٍ وآخَر ، وأنَّهُ دَقِيقٌ فِي حُكْمِهِ .

ومِمَّا يُنْقَلُ في ذلكَ أنَّ عَليَّ بنَ الْمَدِينِيِّ سُئلَ عن أَبِيهِ ، فَقَالَ : اسألوا غَيْرِي ، فَقَالَ السَّائلُ : سألناكَ أنتَ ، فَأَطْرَقَ ثمَّ رفعَ رَأسَه وَقَالَ : هَذَا هُوَ الدِّينُ ، أبي ضَعِيفٌ .

  1. العِلْمُ بِقَوانِينِ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ ، فالجاهِلُ بِتِلْكَ القَوانِينِ والمَقايِيسِ لا قِيمَةَ لِكَلامِهِ ، فَلا يَجُوزُ لَهُ ذلِكَ .

  2. العِلْمُ بِمُصْطَلَحاتِ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ ، وهِيَ ألْفاظٌ لَها دَلالاتٌ مُعَيَّنَةٌ عندَ العُلَماءِ ، حَتَّى لا يَسْتَعْمِلَ الكَلامَ فِي غَيْرِ مَعْناهُ المُتَعارَفِ عَلَيْهِ عندَ العُلَماءِ .

– آدابُ الجرِحِ : لا بُدَّ أوَّلاً مِنَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الشُّرُوطِ والآدابِ ..

– فالشُّرُوطُ : تَكُونُ فِي الجارِحِ نَفْسِهِ ، وهِيَ مُتَوَفِّرَةٌ قَبْلَ الجَرْحِ .

– أمَّا الآدابُ : فَتَكُونُ فِي طَرِيقَةِ الجَرْحِ ، وتُراعَى أثْناءَ الجَرْحِ .

ولِلْجَرْحِ آدابٌ يَجِبُ أنْ تُراعَى وهِيَ :

  1. عَدَمُ جَرْحِ مَن لا حاجَةَ لِجَرْحِهِ ، فَلا يَجُوزُ جَرْحُ مَن لا يَرْوِي الأحادِيثَ ، لأنَّهُ لا حاجَةَ لِجَرْحِهِ ، إلا لِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ آخَرَ .

  2. الاقْتِصارُ عَلَى قَدْرِ الحاجَةِ ، والحاجَةُ هُنا ذِكْرُ ما يَتَعَلَّقُ بِعَدالَتِهِ وضَبْطِهِ ، أمَّا ما يَتَعَلَّقُ بِشَكْلِهِ أو صِفاتِهِ الَّتِي لا تَتَعَلَّقُ بِرِوايَةِ الحَدِيثِ فَلا يَجُوزُ ذِكْرُها ، لِأنَّ الجَرْحَ شُرِعَ لِلضَّرُورَةِ وهِيَ تُقَدَّرُ بِقَدْرِها .

  3. الاعْتِدالُ فِي الجَرْحِ ، بِأنْ يَذْكُرَ ما فِيهِ ، دُونَ زِيادَةٍ ومُبالَغَةٍ ، ودُونَ نُقْصانٍ .

– تَفْسِيرُ الجَرْحِ : يَرَى جُمْهُورُ العُلَماءِ أنَّ الجَرْحَ لا يُقْبَلُ إلاَّ إذا كانَ مُفَسَّراً ، فَلا يَكْفِي أنْ يَقُولَ الجارِحُ : فُلانٌ ضَعِيفٌ ، بَلْ لا بُدَّ أنْ يَذْكُرَ سَبَبَ ضَعْفِهِ ، كَأنْ يَقُولَ : فُلانٌ كَثِيرُ الخَطَأِ ، أوْ فُلانٌ يَكْذِبُ .

ولاشْتِراطِ الجُمْهُورِ ذلِكَ عِدَّةُ أسْبابٍ :

– التَّثَبُّتُ مِنَ الجَرْحِ ، فَرُبَّما يَكُونُ السَّبَبُ فِي الجَرْحِ غَيَرَ ثابِتٍ أصْلاً ، بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ خَبَرٍ لَمْ يَثْبُتْ ، فَلا بُدَّ من مَعْرِفَةِ السَّبَبِ لِلتَّثَبُّتِ .

– أنَّ العُلَماءَ يَخْتَلِفُونَ فِي أسْبابِ الجَرْحِ ، وبِخاصَّةٍ فِي ما يُعَدُّ كَبِيرَةً وما لا يُعَدُّ ، وفِي ما يُعَدُّ من خَوَارِمِ المُرُوءَةِ وما لا يُعَدُّ ، وفِي كَوْنِهِ مُبْتَدَعاً أمْ لا ، ولِذلِكَ فَإنَّ مَن يُعَدُّ ضَعِيفاً عندَ عالِمٍ رُبَّما يُعَدُّ ثِقَةً عندَ غَيْرِهِ .

– أنَّ الرَّاوِيَ رُبَّما فَعَلَ ما يُسْقِطُ عَدالَتَهُ ثُمَّ تابَ من ذلِكَ ، ولَمْ يَعْلَمْ الجارِحُ بِذلِكَ .

– أنْ يُعْرَفَ سَبَبُ الجَرْحِ هَلْ يَكُونُ الرَّاوِي بِهِ ضَعِيفاً جِداً لا يَتَقَوَّى حَدِيثُهُ ، أمْ هُوَ ضَعْفٌ يَسِيرٌ يُمْكِنُ أنْ يَتَقَوَّى بِرِوَايَةٍ أُخْرَى .

والرَّاجِحُ فِي رَأْيِي هُوَ ما ذَهَبَ إلَيْهِ الحافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وهُوَ : أنَّ تَفْسِيرَ الجَرْحِ لَيْسَ شَرْطاً لِقَبُولِهِ ، بَلْ هُوَ شَرْطٌ لِتَقْدِيمِهِ عَلَى التَّعْدِيلِ عندَ التَّعارُضِ ، والسَّبَبُ فِي هذا التَّرْجِيحِ أنَّ كُتُبَ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ لا تَذْكُرُ غالِباً سَبَبَ الضَّعْفِ ، فَمَعْنَى ذلِكَ أنَّ الجَرْحَ مَقْبُولٌ دُونَ تَفْسِيرٍ ، واللهُ أعْلَمُ .

وأمَّا التَّعْدِيلُ ( التَّوْثِيقُ ) فَلا يُشْتَرَطُ فِيهِ أنْ يَكُونَ مُفَسَّراً ، والسَّبَبُ فِي ذلِكَ أنَّ شُرُوطَ التَّعْدِيلِ واحِدَةٌ عندَ الجَمِيعِ ، لا تَخْتَلِفُ من شَخْصٍ إلَى آخَر ، وهِيَ سَبْعَةُ شُرُوطٍ ، خَمْسَةٌ فِي العَدالَةِ واثْنان فِي الضَّبْطِ ، وقَدْ سَبَقَ ذِكْرُها ، فَتَفْسِيرُ التَّوْثِيقِ مَعْناهُ أنْ يُعَدِّدَ هذِهِ السَّبْعَةَ نَفْسَها عندَ ذِكْرِ كُلِّ راوٍ ثِقَةٍ ، ولِذلِكَ فَلا حاجَةَ لِذلِكَ لِأنَّ سَبَبَ التَّعْدِيلِ مَعْلُومٌ .

– تَعارُضُ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ : إذا اتَّفَقَ عُلَماءُ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ عَلَى تَوْثِيقِ راوٍ فَهُوَ ثِقَةٌ .

وإذا اتَّفَقُوا عَلَى تَضْعِيفِ راوٍ فَهُوَ ضَعِيفٌ .

وإذا اخْتَلَفُوا فَوَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ وضَعَّفَهُ آخَرُون فما العَمَلُ ؟

لِلْجَوابِ عن ذلِكَ وَضَعَ العُلَماءُ بَعْضَ القَواعِدِ العَامَّةِ ، لِتَرْجِيحِ الجَرْحِ أوْ التَّعْدِيلِ ، إلا إذا دَلَّتْ قَرَائِنُ قَوِيَّةٌ على غَيْرِ ذَلِكَ ، وإلَيْكَ أهَمُّ هذِهِ القَواعِدِ :

  1. يَنْبَغِي التَّوفِيْقُ ، فَلَعَلَّ الاخْتِلافَ ظَاهِرِيٌّ ، فَبَعْضُ العُلَماءِ – مَثَلاً – لَهُمْ مُصْطَلَحاتٌ خَاصَّةٌ ، إذا عُلِمَتْ زَالَ الاخْتِلافُ ، فلفظُ ( لا بَأْسَ بِهِ ) عندَ ابنِ مَعِيْنٍ تَعني أنَّه ثِقَةٌ .

  2. إذا تَعارَضَ جَرْحٌ مُفَسَّرٌ مَعَ تَعْدِيلٍ يُقَدَّمُ الجَرْحُ المُفَسَّرُ ، والسَّبَبُ فِي ذلِكَ أنَّ الجارِحَ قد اطَّلَعَ عَلَى ما لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ المُعَدِّلُ ، ولِذلِكَ تُثْبَتُ أغْلَبُ الحُدُودِ شَرْعاً بِشَهادَةِ اثْنَيْنِ ، وإنْ لَمْ يَطَّلِعْ بَقِيَّةُ النَّاسِ عَلَى ما فَعَلَ الجانِي .

  3. إذا تَعارَضَ جَرْحٌ غَيْرُ مُفَسَّرٍ مَعَ تَعْدِيلٍ يُقَدَّمُ التَّعْدِيلُ ، لِأنَّنا لا نَدْرِي هَلْ سَبَبُ الجَرْحِ ثابِتٌ ؟ وهَلْ هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ؟ وهَلْ تابَ منهُ أمْ لا ؟ .

  4. إذا تَعارَضَ جَرْحٌ مُفَسَّرٌ من مُتَشددٍ مَعَ تَعْدِيلٍ قُدِّمَ التَّعْدِيلُ ، والسَّبَبُ فِي ذلِكَ أنَّ المُتَشَدِّدَ غالِباً يُبالِغُ فِي الجَرْحِ ، فَلا يُقْبَلُ جَرْحُهُ بِوُجُودِ تَعْدِيلٍ ، لكِنْ لَوْ لَمْ نَجِدْ تَعْدِيلاً قَبِلْنا جَرْحَهُ لِعَدَمِ وُجُودُ ما يُعارِضُهُ .

  5. إذا تَعارَضَ جَرْحٌ مُفَسَّرٌ أوْ غَيْرُ مُفَسَّرٍ مَعَ تَعْدِيلٍ مِنَ العالِمِ نَفْسِهِ ، قُدِّمَ القَوْلُ المُتَأخِّرُ ، لِأنَّ العالِمَ قَدْ تَراجَعَ عن قَوْلِهِ الأوَّلِ .

وإلَيْكَ هذِهِ القَواعِدُ بِصُورَةِ المُعادَلاتِ الرِّياضِيَّةِ :

  1. جَرْحٌ مُفَسَّر + تَعْدِيل = جَرْح .

  2. جَرْحٌ غَيْرُ مُفَسَّر + تَعْدِيل = تَعْدِيل .

  3. جَرْحٌ مُفَسَّر مِن مُتَشدد + تَعْدِيل = تَعْدِيل .

  4. جَرْح + تَعْدِيلٌ مِنَ العالِمِ نَفْسِه = القَوْلُ المُتَأخِّر .

– بِمَ يَثْبُتُ الجَرْحُ والتَّعْدِيلُ ؟

الصَّحِيحُ أنَّ الجَرْحَ والتَّعْدِيلَ يَثْبُتُ بِتَصْرِيحِ وَاحِدٍ مِمن تَنْطَبِقُ عَلَيْهِ شُرُوطُ الجارِحِ والمُعَدِّلِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُها ، وقَدْ اشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ اثْنَيْن قِياساً عَلَى الشَّهادَةِ ، والرَّاجِحُ أنَّ عالِماً واحِداً يَكْفِي لِما يَلِي :

  1. أنَّ الشَّهاداتِ فِيها تَعارُضٌ للمَصالِحٍ عادةً ، فاحْتاجَ الأمْرُ إلَى شاهِدَيْن ، بِخِلافِ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ ، فَإنَّهُ لا مَصْلَحَةَ لِلْجارِحِ والمُعَدِّلِ فِي الجَرْحِ أوْ التَّعْدِيلِ عادةً .

  2. أنَّ الجارِحَ والمُعَدِّلَ بِمَنْزِلَةِ القاضِي ، ولا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ القُضَاةِ .

وإذا ثَبَتَ بِوَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِأَكْثَرَ من بَابِ أَوْلَى .

ولا يَكْفِيْ – على الرَّاجِحِ – التَّعْدِيْلُ على الإِبْهَامِ ، كَأَنْ يَقُولَ : حَدَّثَنِي الثِّقَةُ ، دُونَ أَنْ يَذْكُرَ مَن هُوَ ، فَلَعَلَّ عندَ غَيْرِهِ مِن العُلَماءِ مَا يَجْرَحُهُ .

ثانياً : أقْسامُ الرُّواةِ من حَيْثُ الجَرْحُ والتَّعْدِيلُ :

– ألْفاظُ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ : كَما أنَّ لِلطَّلَبَةِ مُسْتَوَياتٍ مُتَعَدِّدَةً ، مِثْلُ : مُمْتاز ، وجَيِّد جِدّاً ، وجَيِّد ، ومَقْبُول ، فَإنَّ لِلرُّواةِ مُسْتَوياتٍ كذلِكَ ، ولِلْعُلَماءِ تَقْسيماتٌ لهذهِ الدَّرجاتِ ، وأَشْهَرُها تقسيمُ الحافظِ ابنِ حَجَرٍ العَسْقَلانِيِّ ، وهي كَما يَلِي :

  1. مَن وُثِّقَ بِصِيغَةِ التَّفْضِيلِ كَأوْثَقِ النَّاسِ ، وإلَيْهِ المُنتَهَى فِي التَّثَبُّتِ .

  2. مَن وُثِّقَ بِلَفْظَيْنِ من ألْفاظِ التَّوْثِيقِ كَثِقَةٍ ثِقَةٍ ، وثِقَةٍ ثَبْت .

  3. مَن وُثِّقَ بِلَفْظٍ مُفْرَدٍ كَثِقَةٍ ، وثَبْتٍ ، ومُتْقِنٍ .

  4. مَن نَزَلَ عن الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ قَلِيلاً كَصَدُوقٍ ، ولا بَأْسَ بِهِ .

  5. مَن كانَ دُونَ ذلِكَ كَصَدُوقٍ يَهِمُ ، ولا بَأْسَ بِهِ إنْ شاءَ اللهُ تعالى .

  6. ما أشْعَرَ بِالقُرْبِ مِنَ التَّجْرِيحِ مِثْلُ يُعْتَبَرُ بِهِ ، ومقارِبُ الحَدِيثِ .

  7. ما فِيهِ جَرْحٌ يَسِيرٌ مِثْلُ لَيِّن ، لَيْسَ بِالقَوِيِّ ، فِيهِ مَقالٌ .

  8. مَن قِيلَ فِيهِ ضَعِيفٌ ، ولا يُحْتَجُّ بِهِ ، ولَهُ مَناكيرٌ .

  9. مَن كانَ تَضْعِيفُهُ شَدِيداً ، مِثْلُ ضَعِيف جِدّاً ، لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ .

  10. مَن اتُّهِمَ بِالْكَذِبِ مِثْلُ مُتَّهَمٌ بِالكَذِبِ ، يَسْرِقُ الحَدِيثَ .

  11. مَن وُصِفَ بِالكَذِبِ مِثْلُ كَذَّاب ، وَضَّاع ، دَجَّال .

  12. الوَصْفُ بِالكَذِبِ بِصِيغَةٍ مُبالَغَةٍ مِثْلُ ، أكْذَبُ النَّاسِ ، مَنْبَعُ الكَذِبِ .

وَلَوْ أَرَدْنَا تَرْجَمَةَ ذَلك إلى النِّسْبَةِ المِئَوِيَّةِ ، وقَسَّمْنَا المِائةَ على الدَّرَجَاتِ السَّابِقَةِ لَكانَتْ النَّتِيْجَةُ 100 ÷ 12 =  8.33 ، وإِلَيك جَدْوَلاً لِلدَّرَجَاتِ مَعَ النِّسَبِ المِئَوِيَّةِ مُقَرَّبَةً إلى الأَرْقامِ الصَّحِيْحَةِ ، وحُكْمَ هَذهِ الدَّرَجاتِ :     

 

الدرجة

النسبة المئوية

الحكم

1 – 3

76 – 100 %

مقبولة

4

67 – 75 %

تقبل ، أو ينظر فيها

5 – 8

34 – 66 %

تكتب للاعتبار

9 – 12

1 – 33 %

مردودة

 

وهكذا تَعْلَمُ أَنَّ الدَرَجَةَ الدُنيا للنَّجاحِ عندَ المُحَدِّثِينَ هي / 76 أو 67 / على رَأْيَيْنِ ، وهِيَ دَرَجَةٌ عاليةٌ حَقَّاً ، وهِي ما يُسَمَّى ( غَلَبَةُ الظَّنِّ ) ومَعْلُومٌ أنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ تَقُومُ مَقَامَ اليَقِيْنِ في الأَحْكَامِ العَمَلِيَّةِ ، أَيْ في غَيْرِ أُصُولِ العَقِيْدَةِ .

– الجَرْحِ والتَّعْديلِ :

  1. أمَّا أهْلُ المَراتِبِ الثَّلاثَةِ الأُولَى فَحَدِيثُهُم مَقْبُولٌ .

  2. وأمَّا المَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ فَفِيها خِلافٌ فَمِنهُمْ مَن قَبِلَها بِشَرْطِ النَّظَرِ في حَدِيثِهِ واخْتِبارِهِ بالقَرائنِ لِيَتِمَّ التَّأكُّدُ من ضَبْطِهِ لِلْحَدِيثِ ، ومنهُمْ مَن قَبِلَها دُونَ شَرْطٍ .

  3. وأمَّا المَراتِبُ مِنَ الخامِسَةِ إلَى الثَّامِنَةِ فَيُكْتَبُ حَدِيثُهُم لِلاعْتِبارِ ، أيْ لِيُبْحَثَ عن رِواياتٍ أُخْرَى تُقَوِّيهِ ، لِأنَّهُ لا يَكْفِي وَحْدَهُ لِلْقَبُولِ .

  4. وأمَّا الأرْبَعَةُ الأخِيرَةُ فَهِيَ مَرْدُودَةٌ .

– أقْسامُ الرُّواةِ من حَيْثُ مَعْرِفَتُهُمْ ومَعْرِفَةُ صِفَتِهِمْ : يَنْقَسِمُ الرُّواةُ من حَيْثُ مَعْرِفَةُ أسْمائِهِمْ وصِفاتِهِمْ إلَى عِدَّةِ أقْسامٍ وهِيَ :

  1. المُصْطَلَحُ مَعْنَاهُ .

  2. المُبْهَمُ لَمْ يُذْكَرْ اسْمُهُ .

  3. المُهْمَلُ ذُكِرَ اسْمُهُ ولَم يُمَيَّزْ .

  4. مَجْهُولُ العَيْنِ لم يَرْوِ عنه إلا راوٍ واحدٌ .

  5. مَجْهولُ الحَالِ رَوى عنه أَكْثَرُ مِن رَاوٍ ، ولَيْسَ فيهِ جَرْحٌ ولا تَوثِيقٌ .

  6. مَعْلُومُ الحالِ رَوَى عنه أكثرُ مِن راوٍ ، وفيهِ حُكْمٌ .

  7. المُبْهَمُ : وهُوَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ اسْمُهُ أو كُنْيَتُهُ أو لَقَبُهُ أو نِسْبَتُهُ ، كَأنْ يَقُولَ الرَّاوِي حَدَّثَنِي رَجُلٌ ، أوْ ابْنُ فُلانٍ ، أوْ عَمُّ فُلانٍ .

فَإنْ كانَ فِي سَنَدِ الحَدِيثِ ولَمْ نَسْتَطِعْ مَعْرِفَةَ اسْمِهِ من رِوايَةٍ أُخْرَى فَإنَّ الحَدِيثَ غَيْرُ مَقْبُولٍ ، لِأنَّنا لا نَدْرِي هَلْ هُوَ ثِقَةٌ أمْ ضَعِيفٌ .

وإنْ كانَ المُبْهَمُ فِي مَتْنِ الحَدِيثِ كَأنْ يَقُولَ الصَّحابِيُّ : جاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ فَهذا مِمَّا لا يُرَدُّ الحَدِيثُ لِأجْلِهِ ، لِأنَّهُ لا فَرْقَ أنْ يَكُونَ السَّائِلُ هُوَ فُلانٌ أوْ غَيْرُهُ .

  1. المُهْمَلُ : وهُو أنْ يَروي الرَّاوي عن شَيْخَينِ مُشْتَرِكَينِ في الاسْمِ ، فَيَذْكُرَ أَحَدَهُما دُونَ أنْ يُمَيِّزَهُ مِن الآخَرِ ، وسُمِّيَ مُهْمَلاً لأنَّهُ تُرِكَ دُونَ تَقْيِيدٍ .

فَإِنْ كانَ الشَّيْخانِ ثِقَتَيْنِ أو ضَعِيْفَيْنِ فَلا إِشْكَالَ ، وإِنْ كانَ أَحَدُهُما ثِقَةً والثَّانِي ضَعِيْفاً ، فَلا يُقْبَلَ حَديثُ المُهْمَلِ حتَّى نَجِدَ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ من رِوايَةِ الثِّقَةِ .

  1. مَجْهُولُ العَيْنِ : وهُوَ الرَّاوِي الَّذِي لَمْ يَرْوِ عنهُ إلاَّ راوٍ واحِدٌ .

ويَرَى كَثِيرٌ مِنَ العُلَماءِ أنَّ هذا الرَّاوِي لا يُقْبَلُ حَدِيثُهُ ، والرَّاجِحُ أنَّهُ يُقْبَلُ حَدِيثُهُ إذا وَثَّقَهُ أحَدُ عُلَماءِ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ .

  1. مَجْهُولُ الحالِ : ويُسَمَّى المَسْتُور ، وهُوَ : الرَّاوِي الَّذِي رَوَى عنهُ أكْثَرُ من راوٍ ولَيْسَ فِيهِ جَرْحٌ ولا تَوْثِيقٌ ، ولا يُقالُ : الأصلُ في الراوي أنَّه ثقةٌ . لأنَّهُ إنْ صَحَّ هذا القولُ في العدالةِ فإنَّه لا يَصحُ في الضَّبْطِ .

والرَّاجِحُ فِي هذا الرَّاوِي أنَّه لا يُقْبَلُ حَدِيثُهُ ولا يُرَدُّ ، بَلْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حالُهُ .

  1. مَعْلُومُ الحالِ : وهُوَ الرَّاوِي الَّذِي رَوَى عنهُ أَكْثَرُ مِن رَاوٍ ، وعُرِفَ حالُهُ جَرْحاً أوْ تَوْثِيقاً .

وهذا الرَّاوِي يُتَعامَلُ مَعَ حَدِيثِهِ بِحَسَبِ المَراتِبِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُها ، فَإمَّا أنْ يُقْبَلَ حَدِيثُهُ ، أوْ يُنْظَرَ فِيهِ ، أوْ يُكْتَبَ لِلاعْتِبارِ ، أوْ يُرَدَّ حَدِيثُهُ .

 

1- أهَمُّ المَراجِعِ فِي رُواةِ الكُتُبِ السِّتَّةِ :

– تَهْذِيبُ الكَمالِ ، لِلْمزي ، ت 742هـ ، وهو 35 مجلداً .

– تَهْذِيبُ التَّهْذِيبِ ، لابْنِ حَجَرٍ العَسْقَلانِي ، ت 852هـ ، وهو 12 مجلداً .

– تَقْرِيبُ التَّهْذِيبِ ، لابنِ حَجَرٍ العَسْقَلانِي أيْضاً ، وهو مجلدان .

2- أهَمُ المَراجِعِ في المَجْرُوحِينَ :

– مِيْزَانُ الاعْتِدَالِ ، لِلذَّهَبِيِّ ، ت 748هـ ، ذَكَرَ فيه مَن جُرِحَ ، وإِنْ كانَ الجَرْحُ غيرَ صَحيحٍ ، فَتَنَبَّهْ ، فَلَيْسَ كُلُ مَن فيهِ ضَعِيفاً .

– لِسانُ المِيزانِ ، لابنِ حَجَرٍ ، ذَكَرَ فيه مَن ذَكَرَهُم الذَّهَبِيُّ في المِيزانِ ولم يَرِدْ ذِكْرُهُم في التَّهذِيبِ ، وقد راجَعَ كَلامَ الذَّهبيِّ فَخالَفَهُ في أشْياءَ ووافَقَهُ في أَشياءَ أُخرى ، فَهوَ في غايَةِ الأَهَمِّيَةِ .

 

نلقاكم إن شاء الله تعالى في محاضرات قادمة .. استودعكم الله تعالى الذي لا تضيع ودائعه ..  وسلام الرب عليكم .. طهراً وقدساً ونوراً .. ورحمته صلى الله عليه حباً ونوراً سارياً فينا أزلاً وأبداً .. وبركاته المتجلية علينا وعلى من سار على دربه إلى اليوم الدين .  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى