– محاضرة : ساعة تدريب روحي /1/
– المحاضر : أ. ياسر طوبجي
– المحاضرة : نصية
– قدمت في : 2023 / FG-Group Academy -Turkey
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
اللهم لاسهل إلا ماجعلته سهلا
إنك تجعل الحزن إذا شئت سهلاً سهلا
لاتكلنا لأنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك
رحمتك نرجوا إن ربك هو الفتاح العليم
سبحان ربي الأعلى الوهاب وبعد :
ما أروع أن نجتمع على مائدة روحية في رزق مقسوم بأمر الله تعالى .
الروح تحلق عندما تسبح بأنوار المعرفة من خلال الذكر باللسان
التفكر بالجنان : القلب
المعايشة بالروح
تدفق نوراني في سرك
اعلم أن آيات اللطف في القرءان سبعٌ :
واحدةٌ في سورة الأنعام { لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار و هو اللطيف الخبير } .
والثانية في سورة يوسف { إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم } .
والثالثة في سورة الحج { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير } .
والرابعة في سورة لقمان { يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير } .
والخامسة في سورة الأحزاب { واذكرن ما يُتلَى في بيوتكن من آياتِ اللهِ و الحكمةِ إن الله كان لطيفاً خبيراً } .
والسادسة في سورة الشورى { اللهُ لطيفٌ بعباده يرزقُ من يشاءُ و هو القويُّ العزيزُ } .
والسابعة في سورة الملك { ألا يعلمُ من خلقَ و هو اللطيفُ الخَبيرُ } .
تعالوا أولاً نستحضر بأرواحنا قوله تعالى : { لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير } .
{ وهو اللطيف الخبير }
نأخذ ثلاث أنفاس شهيق وزفير بطيء وعميق واستشعر بتجليات اسمه اللطيف الخبير
أولاً لطفه بنفسك وهو خبير بالكلية المطلقة بك وهو معك الآن .
على بركة الله تعالى …
– المطلوب أن تقرأ وتعيش بروحك :
الله سبحانه هو المحسن إلى عباده في خفاء وستر من حيث لا يعلمون ، ويسبب لهم أسباب معيشتهم من حيث لا يحتسبون . فهو لطف وخفاء ودقة في إكرامه وإحسانه ، وفي عصمته وهدايته ، وفي تقاديره وتصاريفه . فمن بالغ قدرته ، وعظمة علمه ، وبصره بمخلوقاته ، إلا أنه ذو لطف فيما يحوط به العبد من هداية وإكرام وإحسان وعطاء لامحدود .
كم هو لطف الله عميق سبحانه .
– ملاحظة روحية :
كل منشور نتفكر به تزيد أنوار اللطيف في ذواتنا لطفاً منه جل جلاله .
لطف الله تعالى الخفي يظهر في حكمته ولو كان الظاهر غير ذلك وهنا الواجب التفويض الكلي لله تعالى في مجريات الأمور .
من صفاته عز وجل ( اللطف بعباده ) وهي رسالة للمؤمن فحواها أنه مهما اشتدت بك الكروب وعظم الخطب وضاق بك الحال واشتد البلاء فإن ما يخفف عليك الأمر علمك بلطف الله سبحانه وتعالى كما جرى في كربلاء أشد يوم وهو بلطف خفي في سرائر آل البيت الكرام .
وما حدث للمساكين أصحاب السفينة في سورة الكهف فكان الباطن كمال اللطف الرباني عندما تتوكل على الله تعالى فلا تسمح لخاطر لك باعتراض على ظاهر الأحداث هذا اللطف الذي يربي المؤمن على خوفه من الله عز وجل ومراقبته في السر والعلن ، وعلى الارتقاء بالإيمان .. لطف الله تعالى الذي يحيطنا في جميع جوانب حياتنا ويزيل عنا المخاوف والمخاطر ويجعلنا في معية الله عز وجل ..
– التفكر باللطف يعطي الأمل :
اللطف الذي يعطينا الأمل بأن نكون أقوياء أكثر من أي فترة مضت من أعمارنا .. أقوياء في مشاعرنا وصبرنا وتعاملنا مع المواقف ، فزمن كورونا مثلاً فيه من الدروس والعظات التي لا نستطيع حصرها ومآلها خير ولطف للمؤمن .
أشعر باللطف والحب تقشعر منه الجلود وممكن يخفق القلب ومنهم من تهطل دمعته حباً وشوقاً للطف الله تعالى الكلي المطلق الجميل جمال الكمال .
نتفكر بلطفه أن جعلنا عند الولي المرشد .. نعم .. الله لطيف بعباده في جميع شؤون حياتهم ، واللطف الأعظم الذي نغفل عنه إزاء فتن الحياة وعراقيلها هو لطفه بنا أن هدانا لنعمة الإسلام وغرس في قلوبنا الإيمان ، ولطف بنا أن وفقنا لعمل الخير وأرشدنا إلى طريق الرشاد .. لطف الله بناء في أشد المواقف بتثبيت المؤمن على الحق وبحفظه من مزالق الحياة ومن إغراءات الشيطان ونزغاته ..
ومن أوسع اللطف تلطفه بذواتنا في طريق السلوك إلى الله تعالى ومعرفة الحق سبحانه بالعلم الرباني .
السادة الأعضاء الكرام :
التدريب الروحي اليوم بأن لانقرأ حروف سوداء بالوعي العقلي
الوعي الروحي أعلى مستوى من الوعي العقلي فهو ما وراء العقل وهنا تنصب المعلومات بوعيك الروحي فتكون قرباً أكثر لله تعالى وتتثبت المعلومة وإدراكاً أكبر
القراءة البيضاء هي ما تكون من وراء السطور والكلمات بقوة ربط القلب مع الله تعالى وأن ترى كل معلومة وعلم بأن الله تعالى من ورائهم محيط تعزز الروح .
القراءة السوداء هي قراءة في حالة غفلة وشرود ولو كانت علمية وعقلية تعزز الأنا أي النفس الإمارة .. المطلوب أولاً التعايش روحياً مع الواقع وكل شيء ورؤية القلب والروح ترى :
الله قبل كل شيء …
الله عند كل شيء …
الله بعد كل شيء …
– سؤال : تكرموا علينا بأمثلة في القراءة العقلية والروحية لنرسخ الفهم أكثر بمعيتكم ، أو متى تكون القراءة حروف سواد تسود القلب ؟
الجواب :
هذا مثال القراءة بوعي روحي :
شتان وشتان بين القراءة والحال حضور مع الله تعالى تتراقص الحروف نوراً وبين قراءة عقلية فقط غير مدمجة روحياً ..
قال الشوكاني عند تفسير قول الله تعالى : { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ {16} سورة لقمان .
قال : إن الله تعالى لطيف لا تخفى عليه خافية ، بل يصل علمه إلى كل خفي ، وهذا يستلزم من العبد تعظيم الله سبحانه .
والتأويل عند العارفين أعمق بكثير أيضاً في التأثير على الوعي الروحي العالي نحو الارتقاء أكثر .
مثال ثاني : عندما تقرأ تخيل وعيش الموقف بروحك وكأن المشهد الآن أمامك .
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تواضعه وهو اللطيف الرحيم تأخذ بيده الأَمَة من إماء المسلمين ، فتنطلق به حيث تريد ، فيسعى في قضاء حاجتها ، ثم ينصرف صلى الله عليه وآله وسلم .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ( فإن انتظاره ومطالعته وترقبه يخفّف حمل المشقة ، ولاسيما عند قوة الرجاء ، أو القطع بالفرج ، فإنه يجد في حشو البلاء من رَوح الفرج ونسيمه وراحته ما هو من خفي الألطاف ، وما هو فرج مُعجَّل ، وبه وبغيره يُعرف معنى اسمه اللطيف ) .
اعتقد جازماً بأن تجلي اللطيف موجود ولو لم يظهر حالياً وقل عند البلاء مثلاً :
يارب مانزل بي وما أنا عليه من الشدة والقهر والضر أو مرض فيه لطفك والحمد لله بأن الأمر وقع ذلك وليس أكبر من ذلك فإن غيري الكثير في ابتلاء أكثر بكثير ..
إذا نجحت بامتحان اللطف الخفي فإن العطايا والمطايا سوف تظهر حتما بأمره .
طاقة النفس إن لم تتقوى بذكر الله تعالى ولا تصبر بالله تعالى فإنك محجوب ولن تتحمل ولن يظهر لك أنوار اللطف بعد البلاء .
– تمرين آخر :
استرداد موقف صعب جداً حدث معك ..
راجع ذكرياتك واغمض عينيك وتخيل ما حدث واستشعر اللطف الذي تجلى به الله تعالى عليك وقت الحادثة ..
ابدأ الآن بهدوء على بركة الله تعالى .
يامعين …
– الآن تدريب آخر يقوي روحانيتك :
خذ ثلاثة أنفاس بعمق وبطئ ..
بهدوء …
اغمض عينيك وضع يدك اليمين على قلبك ولاحظ اللطف الإلهي المحيط بفلك القلب .
دقاته بلطف فائق الدقة
تكوينه بلطف ابداعي عظيم
صوته يذكر الله بلطف عجيب
تجلي كمال اللطف والأنوار مكللة به .
– تمرين فلك العين :
خذ ثلاثة أنفاس بعمق وببطئ ..
اغمض عينيك وتفكر بلطف الله تعالى في فلك العين ..
ماؤها لطيف ..
حركتها لطيفة ..
ابداعها لطيف ..
شكلها اللطيف ..
ذكرها لله بلطف ..
راقب أنوار اللطيف في فلك العين .. خشوع وتفكر وعبادة بسر اسمه اللطيف .
– تمرين فلك الأذن :
خذ ثلاثة أنفاس بعمق وببطئ ..
اغمض عينيك وتفكر بلطف الله تعالى بالسمع والتكوين ..
نسمع بلطف الله الدقيق ..
شكل الأذن بلطف عجيب ..
أقسام الأذن كلها بلطف الله تعالى ..
آلية السمع بلطف عظيم .. تخيل أنوار اللطيف تتجلى على الأذنين .
– تمرين فلك الفم :
خذ ثلاثة أنفاس بعمق وببطئ ..
اغمض عينيك وتفكر بلطف الله تعالى بفمك وتكوينه ..
رسم الفم بلطف وابداع ..
الشفتين في ألية الحركة اللطيفة ..
الأسنان من لطف الله بنا وتكوينها ..
اللسان صنع لطيف عجيب ..
الحليمات الذوقية بلطف الله تعالى ..
عملية الكلام تكون بلطف وعناية فائقة ..
كل نواحي وخلايا الفم تتم بكمال لطف الله تعالى ..
وتأتي بلطفه عظائم المقادير والتي تستبعد أكثر العقول خيالاً وقوعها ، فيجعلها كائنة حاضرة ، كل خيط من ذلك المقدر يمسك به قدر من لطفه ، فلا تنتبه إلا ـ وبقريب من المعجزات ـ قد بات بساحتك !
لا تعلم كيف أمكنه أن يحدث ، وتتيقن أن حولك وقوتك أقل من أن تحدثه ، فتنظر بقلبك إلى رب السماء وتقول : { الله لطيف بعباده } .
من صفاته عز وجل ( اللطف بعباده ) وهي رسالة للمؤمن فحواها أنه مهما اشتدت بك الكروب وعظم الخطب وضاق بك الحال واشتد البلاء فإن ما يخفف عليك الأمر علمك بلطف الله سبحانه وتعالى .. هذا اللطف الذي يربي المؤمن على خوفه من الله عز وجل ومراقبته في السر والعلن ، وعلى الارتقاء بالإيمان .. لطف الله عز وجل الذي يحيطنا في جميع جوانب حياتنا ويزيل عنا المخاوف والمخاطر ويجعلنا في معية الله عز وجل ..
اللطف الذي يعطينا الأمل بأن نكون أقوياء أكثر من أي فترة مضت من أعمارنا .. أقوياء في مشاعرنا وصبرنا وتعاملنا مع المواقف ، فزمن كورونا فيه من الدروس والعظات التي لا نستطيع حصرها ..
نعم .. الله لطيف بعباده في جميع شؤون حياتهم ، واللطف الأعظم الذي نغفل عنه إزاء فتن الحياة وعراقيلها هو لطفه بنا أن هدانا لنعمة الإسلام وغرس في قلوبنا الإيمان ، ولطف بنا أن وفقنا لعمل الخير وأرشدنا إلى طريق الرشاد .. لطف الله تعالى بناء في أشد المواقف بتثبيت المؤمن على الحق وبحفظه من مزالق الحياة ومن إغراءات الشيطان ونزغاته ..
وفي هذه الأيام تشتد الحاجة إلى رفع الأيادي إلى الله عز وجل بأن يلطف بنا فيما جرت به المقادير ، وأن يكرمنا بلطفه في جميع أحوال الحياة ..
لطف الله تعالى أن جعلك في بيتك آمنا مستقراً تتلذذ مع أهلك الطعام وتزاول معهم الأنشطة التي عجزت عنها في أيام الحياة .. فهل استشعرت لطف الله تعالى بك ؟ فقط تأمل تفكر يومياً فهي عبادة عظيمة ..
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا حزبه أمر « أي إذا اشتد عليه الأمر » صلى .
فالصلاة طمأنينة للنفس وسكينة للقلب وراحة للمؤمن .. فأوضاعنا اليوم تستلزم أن يفزع كل واحد منا للصلاة ..
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لبلال عندما يقيم الصلاة : ” أرحنا بها يا بلال “
الروح المحمدية اللطيفة قدوة وأسوة لنا نستقي من معينها .
إلى هنا تنتهي المحاضرة المباركة وبوجودكم الهانيبالي والحمد لله رب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته