رحلة في كلمة بحر
2023-08-10
0 1 4 دقائق
– محاضرة : رحلة في كلمة بحر
– المحاضر : إبريز العاشقين في بلاد الشام المهندسة د. سارة الجعبري
– المحاضرة : نصية
– قدمت في : 2023 / FG-Group Academy -Turkey
أهلاً بكم أحبابنا جميعاً في أمسية شاعرية في كلمة حب من كلمات من كتاب الحب القرءان الكريم ..
أمسيتنا ننويها قياماً لله تعالى في مدارسة آياتٍ كريمة من القرءان الكريم ..
بل في حياض كلمة كريمة شريفة واحدة من القرءان الكريم ..
أمسيتنا الخاصة بعنوان : رحلة في كلمة بَحر .. فأهلاً بكم .
لما كان القرءان الكريم نباعاً شاملاً كاملاً .. كان فيه أبعاد وبحور ، وكان في كل كلمة علوم وسطور ، وللحبّ حقيقة ظهور وبطون .
فسنروح بروح عاشقة رحلةً في كلمة بحر .. من باب الحب وعلم ترجمان الحب .
سنذهب في رحلة في كلمة واحدة .. ونعيش حبّا كريماً من الحب في كلمة بحر .
هي رحلة كما رحنا سابقاً .. في كلمة واحدة ..
رحلة ستدهش عقولنا البسيطة وقلوبنا المحبة .. كيف أن في كلمة واحدة فقط مكوّنة من ثلاثة حروف عالم حب فسيح ..
هي كلمة بحر .
لتشعر أيها المحبّ .. كيف أن ثلاثة حروف كنزت حباً فياضاً ..
بل حباً فسيحاً عميقاً شاعرياً .. كما البحر .. وأكثر ..
عادة البحر يأخذك عبره لتتم رحلاتك ..
تركبه لتصل لمبتغاك ..
البحر طريقة من طُرق النقل في الرحلات ..
إلا أننا اليوم نتّخذ من البحر نفسه رحلة ..
نروح إليه بدلا من عبره ..
نروح فيه بدلاً من عليه ..
فرحت فيه اغوص وابحث ..
لأصل إلى أول آية جاءت كلمة بحر فيها .. في الآية الكريمة التي تقول :
{ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ فَأَنجَيْنَٰكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُون {50} سورة البقرة .
لأجد أن البحر جُنديّ مُحبّ في خدمة المحبين ..
جُنديّ يسلّم نفسه لأمر الحبيب تعالى ..
– فيفرُق ليستقبل أمر النجاة .. { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ فَأَنجَيْنَٰكُمْ }
أي : انفعال حُب ..
– ويُطبِقُ ليستقبل أمر الغرق لغير المحبين .. { وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ }
أي : انفعال لأجل الحب ..
إنه جُنديّ من جنود الحب .. جندي لحبيبه الله تعالى ..
جندي كرّمه الله تعالى بإنقاذ المحبين ..
لينقذ تلك القلوب العاشقة الفارّة بنقاء إحساسها التي تتبع الرسول الكريم ..
فانــفَــــــرَق ..
انفرق البحرُ أمام قلوبٍ كُرمت بالحب .. ولننتبه أنّ تلك القلوب بإمامها .. وإمامها رسول حب مُحبّ ..
وكأنه مشهد تقدير وإجلال .. احتراماً للمحبين .. احتراماً لقلوبٍ عشقت العظيم .
حيث قال في الآية الكريم : { فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ {63} سورة الشعراء .
سبحان الله العظيم ..
إنه مشهدٌ يحرّك المشاعر والعواطف علّها تُدرك شيئاً من عظمة هذا الحب .
إنّ هذا الجُنديّ المحب : الذي خدم في انقاذ المحبين وخدم في عقاب الكارهين ..
يعلّمنا أنه جنديُّ من جنود الحب له امتداد إلى كلٍّ من الفئتين .
بل إن البحر في حقيقته : فسحة مائية واسعة ..
وهو كما قلنا له وظيفة ناقلة ..
فمن كونه جنديّ حب كما رأينا في المشهد الأول ، ومن كونه فسحة مائية واسعة ومعبر ناقل ..
ينقلنا ذلك إلى فهم أوسع ..
ما هو برأيكم ؟!
الفهم الذي وصلنا إليه في تفكرنا حباً هو :
أنّ البحر جنديّ يجب أن تعبر من خلاله إلى ما وراء البحار ..
فإما أن يفتح لك مجاريه فتجري فلكك فيه .. وإما أن يرفض نقلك فتتيه في أعماقه وظلماتها ..
قال تعالى : { قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ {63} سورة الأنعام .
إن البحر واسع .. فعندما تقف أمام بحر اختياراتك .. وبحر الصور ومشاهداتك ..
فاركب فُلكاً روحه الحب ووقوده العلم .. كي لا تتيه ..
بل كي تكون مع من ينجيهم الله تعالى من تلك الظلمات ..
فإن ركبت فُلكاً صحيحاً .. نجوت ..
وإن ركبت أهوائك واختيارات تُغرقك ببحرك ..
فستغرق ببحرك ..
في ظلمات ..
فدعك منك واعبر البحر إلى ضفاف العارفين العاشقين .
واعلم أن البحر واسع .. فلا يُغريك الوسع .. فهو ذو سطوة مُجنّدٌ في التصفية ..
بل انتبه لكونه ناقل .. فانتقل عبره ..
وكن من الناجين ..
إن عوالم البحر تُخبرنا بأنه ليس ناقلاً للضفة الأخيرة ..
إنما هو مرحلة ناقلة من مراحل الانتقال ..
هو محطة .. ولكي تكمل رحلتك في الطريق .. يجب أن تكون من الشاكرين ..
قال تعالى : { قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ {63} سورة الأنعام .
وقال تعالى : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {12} سورة الجاثية .
وقال تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ {31} سورة لقمان .
وانتبه أن في الآيات السابقات تجري الفلك بأمره تعالى .. وهو من ينجيكم ..
فلا تغفل في البحر فتتيه في ظلمات نفسك .. إنما سلّم له الامر ..
– استسلم لله تعالى .. يُجري الفُلك وينجيكم .
كما وقد لفتني في الآيات السابقات أن في البحر : ما هو مسخر لنا .
ففي عبورك عبره .. يمكن لك أن تغنم من خيراته..
لكن عليك أن تبقى منتبهاً أن الفلك تجري فيه بأمره تعالى ..
وأنه هو الذي سخر البحر لتأكلوا وتستخرجوا الحلية ..
فإن حظيت على عطاء في رحلتك عبر البحر .. فكن من الشاكرين ..
فكأن العطاء الذي يقدمه البحر سواء في :
– مساعدتك العبور .
– أو في إكرام تناله .
إنما هو تذكير لك لتكون من الشاكرين ..
– إنها عطايا لتذكرك ( بالشكر .. ) لتكمل رحلتك عبره فلا يُغرقك جحودك .. أو غياب شهودك ..
إن البحر جندي بكلّ معنى الكلمة ..
يساعد ويدافع ..
يهلك وينقذ ..
يذكرك .. أو يحجبك ..
فكن يا عابراً البحار :
– شاهداً لمن بيده الأمر ..
– شاكراً له ..
فتعبر هذه المحطة مكملاً طريقك ..
رحلتنا الجميلة في بحار البحر .. أخذتنا في بقاع خصوصياته ..
وعرّفتنا كيف يخدم الجنديّ المحب الأحباب ..
ويدافع عنهم ..
ويساعدهم ..
– فكن في حياتك لمن يحبون الله بحراً ..
ليُكن حُبّك بحدّ ذاته بحراً .. واسعاً شاسعاً عميقاً ..
ناقلاً معلّماً مدافعاً طائعاً خادماً ..
يعلّم الشكر .. ويذكر ..
يساعد المحب .. ويعادي الكاره ..
كن متّصفاً بثلاث حروف البحر ..
ثلاثة أحرف .. تعلّمك أن تجعل حياتك سابحة بحب ، وتعلّمك من أوصاف المحبين ..
وكيف يكون المحبّ جندياً من جنود الحب ..
فتخيّل .. تفكّر .. أن في كلمة واحدة من ثلاثة حروف علوم ودروس :
في التصرف ، في السلوك ، في توجيه العاطفة ، في الفعل والانفعال ..
في الاحتواء ، في الخدمة ، في المساعدة ، في المدافعة ، في التذكير ..
فالحب الذي في البحر في رحلة واحدة رحناها كان كبيراً فسيحاً .. ولكلّ في الحب بحره ورحلته ..
لكن كان ذلك رزقناً المقدّر في دقائقنا المكتوبة ..
كان ذلك .. نصيبنا من ماء الحب الذي يحيي بعض الحجرات في أقدار هذه الليلة الطيبة .. فالحمد لله تعالى ..