إشراقات الحروف وتجلياتها في حياة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه

– عنوان المحاضرة : اشراقات الحروف وتجلياتها في حياة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه

– المحاضر : د. سناء صبري

– المحاضرة : نصية

– قدمت في : أكاديمية FG – Group الأمريكية

بسم الله الرحمن الرحيم ..

 و الحمد لله رب العالمين .. مَن تقدَّست أسماؤه و عَلَت صفات ذاته .. و كانت حروفه مُوصِلاتٍ كونية لإرادته الإلهية الأزلية الأبدية .. و بقُدرة حتمية .. سبحان الحيّ القيوم العليم أبداً ..

اللهم صل وسلم  وبارك على الحبيب محمد صلاة مباركة بكل حروف الجمال

 

أهلا بكم اعزائي مع امسيتنا لهذا اليوم حيث سنقدم لكم قدرة خاصة وهي من قدرات الحرفية الاسمية الكشفية ، حيث سنتكلم عن أحد صحابة رسول الله الكرام صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهو الصحابي الجليل سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فإننا سننتطلق في تحليل اسمه المبارك ونرى سطوع تلك الحروف في حياته كيف أشرقت وصاغت شخصه الكريم  وسيرته العطرة .. رضي الله عنه وارضاه ..

– تحليل اسم عبد الله :

– شخصية قوية وجلالية في الظاهر .

– بظاهر شخصيته تجده انسان سهل ومرن ومتفهم .

– ولكن بالباطن انسان حازم وشديد ومتعصب لأفكاره .

– يعاني من الآم خاصة لايعيها من حوله من الناس .

– يعاني كثيرأ في أموره الحياتية .

 – شخصيته جاهرة فهو معبر عن ذاته ومترجم عن شخصيته ويفصح عما بداخله بسهولة .

– انسان متفهم ورحيمي .

– لديه قدرة المفاوضات وحل النزعات بين المتخاصمين .

– يعاني من تردد وقلق ممكن يعيقه في اتخاذ قراراته .

– مدافع دائما عن الحق وممانع للشر ويسعى لعمل الخير، يحب الإنفتاح والعصرنة .

– يسعى إلى الكمال في كل جوانب حياته .

– يحب أن يكون وجيها ورجل الخير الأول الذي يساعد الناس لذلك نرى فيه صفات مثل الحلم والهدوء وحسن الاستماع إلى الآخرين .

– طاقته الروحية متركز على الفهم القوي .

– يساير الناس الذين ليسوا على طريقته ليس من باب التذبذب أو النفاق بل من باب التكيف مع الآخرين .

– يرى نفسه سيد القوم وشريفهم وهو بالفعل شريف .

– النجاح دائما حليفه .

– يحب الانتصار ويعطيه الله طاقة النصر .

– يحب أن يكون معروف في وسطه ومجتمعه .

– لديه قوة تمام في شخصيته .

– لايحب الروتين والرتابة، ولديه جنوح نحو التطور، يحب معاينة الأشياء ومعرفة تفاصيلها .

هذا كان  تحليل الحرفي  لبعض من صفات اسم عبد الله .

 

أبو بكر الصِدّيق صديق الرَّسول عليه الصَلاة والسَّلام ، ورفيقه في الهجرة إلى المدينة المنوَّرة ، وخليفته على المسلمين، وأوَّل من أسلم من الرِّجال ، وأحد العشرة المبشَّرين بالجنَّة ، واسمه هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرالقرشيّ التَّميمي .

وقيل اسمه عتيق ، وكنيته هي أبو بكر .. ولد أبو بكر الصِّديق في مكَّة المكرَّمة بعد عام الفيل بسنتين وستَّة أشهر، وكان رضي الله عنه تاجراً من تجَّار قريش ومن ساداتها وأغنيائها في الجاهليَّة .

ومن أعرف النّاس بأنسابها وكان أحد الرَّافضين لعبادة الأصنام ؛ فلم يسجد رضي الله عنه لصنم قطّ، ولم يشرب الخَمر في حياته أبداً .

– من صفات عبد الله أنه يتوافق مع من حوله ويسايرهم من باب التكيف فكان سيدنا أبو بكر رضي الله عنه متكيفا تماما مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حتى لقب بالصديق، فقد كان أبو بكر -رضي الله عنه- أوّل من صدّق الرّسول – صلّى الله عليه وآله وسلّم – وآمن به من الرّجال، فكان من أحبّ النّاس إلى الرّسول – صلّى الله عليه وآله وسلّم – .

و كان الصّديق – رضي الله تعالى عنه – من أخصّ الخواص والأصحاب لرسول الله – صلّى الله عليه وآله وسلّم – قبل الإسلام ، وحينما عرض عليه الرّسول – صلّى الله عليه وآله وسلّم – الرّسالة والتوحيد لم يتردّد بتصديق النبيّ – صلّى الله عليه وآله وسلّم – والدخول في الإسلام ، فلم يكتفِ بإعلان إسلامه  بل سارع إلى نشر دعوة الإسلام بنفس اللحظة التي تلقّاها من الرّسول ، فأسلم على يده ستة من العشرة المُبشّرين بالجنّة مع غيرهم من الصحابة .

– من صفات اسم عبد الله أنه إنسان وجيه يرجع إليه الناس في كثير من أمورهم، فهو رجل الخير الأول الذي يساعد الجميع .

فقد كان سيدنا أبو بكر الصديق  رضي الله تعالى عنه أحد أشراف قريش ووجهائهم قبل الإسلام ، وكان في الجاهليّة يسقي الحجيج، ويُضيِّف النّاس ، كانوا يستعينون به في نائباتهم ومصائبهم ؛ لعلمهم بخُلُقه الحسن ، فقد كانوا يُحبّونه ويعترفون له بالفضل ، وقد اشتهر أيضًا بكرمه، وإنفاقه للمال بسخاء .

وكان أبو بكر – رضي الله تعالى عنه – من السّابقين لأعمال الخير بعمومها، فحين اشتدّ العذاب على المسلمين في بداية الدّعوة بسبب إسلامهم أعتق أبو بكر – رضي الله تعالى عنه – عشرين صحابيّاً، أنفق في ذلك أربعين ألف دينار .

– من صفات اسم سيدنا أبو بكر رضي الله تعالى عنه صفة التمام فهو لديه القدرة على إتمام الأمور من حوله .

كان أبو بكر في الهجرة رفيق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وكان نِعْم الرّفيق إذْ إنّه حماه بكلّ ما أوتي من قوّة وانتباه، فكان يمشي تارةً خلف الرّسول وتارةً أمامه ومرّةً عن يمينه وأخرى عن شماله ، ولمّا دخلا الغار زاد حرصه على النبيّ حتى لا يُصيبه شيء يؤذيه ، وعندما وصل المشركون إليهم ، خاف أبو بكر على الرّسول ، فقال له الرّسول مطمئناً : ” ما ظنُّك باثنَينِ اللهُ ثالثُهما “ ، وبعد ذلك أتمّ أبو بكر مهمّته في حماية الرّسول حتى بلغ معه المدينة المنوّرة .

وساهم أبو بكر مع الصّحابة في إعمار الدّولة الإسلاميّة في المدينة ، وشارك مع الرّسول في كلّ المشاهد التي شهدها ، وكلّفه الرّسول بعدّة مهمّات ، منها : إمارته لبعثة الحجّ ، وإمامة المسلمين في مرض الرّسول عليه السّلام .

فتجلت صفة التمام في إيمان سيدنا أبو بكر الصديق في إيمانه العميق بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم فسمي بالصديق ، فكان له تمام التصديق بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ( وهو تمام الإيمان ) .

– ولعل صفة الاعتدال من أبرز الصفات التي تحلت شخصية أبو بكر رضي الله تعالى عنه بها ، فقد رأينا كيف كان معتدلا وقت وفاة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم رغم حبه الشديد له ورغم ألمه الكبير على فرافقه فلم يجزع أو يتخبط  وتمالك نفسه واستطاع أيضا تهدئة المسلمين حيث كان الكثير منهم تخبطوا من ذلك فثبت يوم وفاة رسول الله رغم الفاجعة وهول المصيبة .

– قلنا بالتحليل السابق لاسم عبد الله أن النجاح دائما حليفهم .. فقد وجدنا من خلال سيرة حياة سيدنا أبو بكركيف كان النجاح مرافقه دائما .

بُويع أبو بكر خليفةً لرسول الله – صلّى الله عليه وآله وسلّم – بعد وفاته ، حيث إنّه تحلّى بالحكمة والثبات على المبادئ من أوّل يوم في عهد الخلافة .

كما أنّه ثبت على مبادئ الإسلام وأركانه ، فكان قائداً عسكريّاً قويّاً ومُحنّكاً فدافع عن المدينة والدّولة ومقدّراتها ومكاسبها ، ولم تمض أيام على وفاة الرّسول – عليه السّلام – حتى أرسل الجيوش لتثبيت جزئيّات الدّين التي أصبحت ممّا يتفاوض فيها من المرتدّين ، ثمّ أُرسلت جيوش أخرى إلى أكبر إمبراطوريتان في العالم الفرس والرّوم ، فكان ذلك تمهيداً لسقوطهما واختفائهما ، فكان بحمد الله وفضله النجاح كان حليفه في كل هذه الأمور .

– من الصفات التي تكلمنا عنها بتحليل اسم عبد الله قلنا أن اصحاب اسم عبد الله ينظرون إلى النهايات نظرة خاصة .

فكان سيدنا أبو بكر ينظر إلى خاتمته نظرة خاصة فهو كان يخشى الله عز وجل ويخاف من الآخره فكان ورعا وتقيا دائم الخوف من الله ويخشى الحساب .

فذات مرّة دخل عليه عمر بن الخطّاب فوجده يجبد لسانه ، فاستغرب عمر من ذلك وسأله ، فأجاب أبو بكر قائلاً : ” إِنّ هذا أوردني الموارد “ ، وروي عن أبي بكر أنّه رأى طيراً واقفاً على شجرة فقال : ” طوبى لك يا طير والله لوددتُ أنّي كنت مثلك تقعُ على الشجرة وتأكلُ من الثمر ثمّ تطير وليس عليك حساب ولا عذاب ، والله لوددتُ أنّي كنتُ شجرة إلى جانب الطّريق مرّ عليّ جمل فأخذني فأدخلني فاه فلاكني ثمّ ازدردني ثمّ أخرجني بعراً ولم أكن بشرا ” .

ولقب أيضاً بالأواه : لكثرة خشيته من الله عز وجل .

صفات سيدنا أبو بكر رضي الله عنه الكمال وقد شاهدنا من خلال سيرة حياته رضي الله عنه صور الكمال في شخصيته .

فقد قال عنه عليّ رضي الله عنه : ” والذي نفسي بيده ما استبقنا إلى خير قط إلّا سبقنا أبو بكر إليه “ .

وكان سيدنا أبو بكر كريم ينفق أمواله في سبيل الله فقد دعا النبيّ أصحابه ذات مرّة للإنفاق والبذل في سبيل الله ، فحاول عمر بن الخطّاب مسابقة أبا بكر بالإنفاق ، فجاء لنصف ماله لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فجاء أبو بكر ووضع ماله بين يدي رسول الله ، فسأله الرّسول : ” ما أبقيتَ لأهلكَ ؟ فقال : أبقيتُ لهمُ اللهَ ورسولهُ “ فجاد أبو بكر – رضي الله تعالى عنه – بكلّ ماله في سبيل الله ، فضرب مثلا بكمال الإنفاق والبذل في سبيل الله .

من صفات سيدنا أبو بكر أيضا أن الله سبحانه وتعالى أعطاه طاقة النصر .

فعندما شاعت الأخبار بأنّ عدداً من القبائل ارتدّت عن الدّين بعد وفاة الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كان لا بدّ من الحزم في هذه المسألة وعدم تركها تساهلاً ، فجهز أبو بكر الجيوش لمقاتلة المرتدّين عن الدّين ، وكانت معركة اليمامة من أهمّ المعارك التي قُتل فيها مسيلمة الكذّاب الذي ادّعى النبوّة بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وبذلك . نصره الله عليهم وتم القضاء نهائيا على المرتدين .

صفات التي تحلت بها شخصية سيدنا أبو بكر أن طاقته الروحية متركزة على الفهم القوي .

فقد أدرك سيدنا ابو بكر من خلالها أن لا بد لهذا الكون العظيم من إله ، وكان غير مُقتنع بعبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع بشيء ، وكان دائم التفكر في هذا الكون الفسيح ، وكثير التساؤلات حول جماله ، وابداع خلقه ، وكانت علاقة أبي بكر بالنبي قوية ، وكان يُصدقه بجميع قوله ، فعندما بُعث النبي دخل أبو بكر في دين الإسلام دون تردد أو خوف ، وكان أول من آمن من الرجال ، وقد فرح النبي فرحاً كبيراً لإسلام صاحبه .

ومن خلال فهمه القوي للأمور التي حوله أدرك سيدنا أبو بكر أهمية جمع القرءان الكريم في مصحف واحد وضرورية الحفاظ على القرءان الكريم ؛ وذلك لأنه خاف على القرءان الكريم من الضياع فقد قام سيدنا أبو بكر بجمع القرءان إذْ لم يكن القرءان الكريم مجموعاً في مصحف واحد ، بل كان متفرّقاً كلّ سورةٍ أو جزء منها في مجموعة أوراق ، وبعد أن استشهد الكثير من الصّحابة وحفظة القرءان في حروب الرّدّة ، اقترح عمر بن الخطّاب – رضي الله تعالى عنه – على أبي بكر أن يُجمع القرءان بين لوحين حفظاً له فتردّد ثمّ انشرح صدره ، وبدأ باختيار الصّحابة الذين سيوكّل لهم هذه المهمّة العظيمة ، فاختار على رأسهم زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه .

ومن فهمه العميق والقوي للأمور أيضا  لم يشأ أبو بكر الصديق أن يحل لواء عقدة الرسول صلى الله عليه وسلم، لذلك  قام سيدنا أبو بكر الصديق بتسير جيش أسامة ، حيث كان الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- عقد لواء جيش أسامة قبل وفاته، وكان الجيش متوجّهاً لقتال الرّوم في الشّام، وبالرّغم من المصائب التي حلّت بالمسلمين من ارتداد بعض القبائل، وتجهيز عدداً كبيراً من الجيوش لمحاربة المرتدّين إلّا أنّ أبا بكر أصرّ على خروج جيش أسامة في المهمّة التي وضعها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، إذ لم يشأ أن يحلّ لواءً عقده الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.

قلنا أن من صفات سيدنا أبو بكر أنه من الشرفاء ، فهو إنسان شريف حتى قبل إسلامه .

كان رضي الله تعالى عنه أحد أشراف قريش ووجهائهم قبل الإسلام .

كما أنّه لم يسجد لصنمٍ أبدًا ؛ فقد حمله عقله النيّر وفطرته السليمة القويمة لرفض ذلك ، وتحريم الخمر على نفسه كذلك قبل الإسلام ، وأما بعد الإسلام فكان المؤمن الشُّجاع الذي يُدافع عن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ويتحمّل الأذى في سبيل الدّين والدّعوة .

وكان أحد الخلفاء الراشدين أمرنا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأن نقتدي بأبي بكر الصديق ؛ كما في قوله عليه الصلاة والسلام : ” عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ “ رواه الإمام أحمد والترمذي .

لقّبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصدّيق لكثرة تصديقه له ، وأجمع الكلُّ على صدقه ؛ فقد كان أول من أسلم من الرّجال .

وكان رضي الله تعالى عنه يغيث المحتاج وحقّق بذلك التكافل الاجتماعي بين المسلمين ، فكان بيت مال المسلمين قبلةً للفقراء ، ولمّا توفّي أبو بكر لم يكن في بيت المال إلّا درهم واحد .. كل هذه الأعمال دلت على شرفه ومكانته رضي الله تعالى عنه فهو من أشراف هذه الأمة رضي الله تعالى عنه .

– وفاة أبي بكر الصديق :

أُصيب أبو بكر الصديق بالمرض في جمادى الآخرة عام ثلاثة عشر للهجرة ، وبقي مريضاً لمدة خمسة عشر يوماً ، ثمّ وافته المنية يوم الإثنين في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة ، وكان عمره ثلاث وستين سنة ، وغسلته زوجته أسماء بنت عميس ، وتم دفنه إلى جوار النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

وبذلك نكون قد رأينا معا كيف أشرقت تلك الحروف الرضية في حياة الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه .

نرجوا من الله تعالى أن تكون حروفنا مشرقة مزهرة كما أشرقت حروفهم .

أشكر الله سبحانه وتعالى أن علمنا من علمه وفتح لنا بهذه العلوم القرءانية اللدنية الشريفة ..

 كما أشكر معلمي ومرشدي علامة الديار الشامية الشيخ د.هانيبال يوسف حرب الذي منحني هذه الفرصة وعلمني مما أعطاه الله تعالى والشكر والتقدير له على كل ما أعطى وعلم جزاه الله تعالى عنا كل خير وحب .


تمت والحمد الله رب العالمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى