الكرامات والخوارق بين النفي والاثبات

من علوم العقيدة وارتباطها بخرق القوانين الكونية

– عنوان المحاضرة : الكرامات والخوارق بين النفي والاثبات

– المحاضر : الشيخ د. أوس العبيدي

– المحاضرة : نصية

– قدمت في : FG – Group Academy -Turkey


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة

والسلام على سيد المرسلين سيدي وحبيبي معلم البشرية محمد صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

اللهم انفعنا بما علمتَنا وعلمنا ما ينفعُنا وَزِدْنَا عِلْمًا

اللهم صل على صاحب التاج والمعراج سيدي وحبيبي محمد صلاة تعلمنا بها وترزقنا بها الادب

مع ورثة حبيبك ونبيبك محمد صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

ابدء ببسم الله الرحمن الرحيم .. بالبداية اشكر سماحة المؤسس الحكيم علامة الديار الشامية الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب حفظه الله تعالى على الفيض العلمي النوراني .. واشكر كل القائمين على مهرجان علوم القدرات النورانية بدورته الثانية جزاكم الله كل خير على المجهود الرائع الذي تقدمونه .

 

– الكرامات :

 هذه الكلمة على مر السنوات كانت محل خلاف بين المؤيد والمعارض بين من يثبت الكرمة للاولياء وبين من ينسب الكرامات للسحر والشياطين  او من ينفيها بالجملة .. مع ان القرءان الكريم اثبت الكرامات للاولياء  في اكثر من  موضع  لكنهم وللاسف  يوقفون هذا الامر وكأن الكرامات والمنح الالهية  لها وقت وتاريخ انتهاء وانتهت ولم يعد هناك هذا النوع من القدرات وبهذا يحدون قدرة الحق عز وجل .

فالناظر في كتب  علم التوحيد يجد ان العلماء  قد اتفقوا على جريان خرق العادة على يد الانبياء والمرسلين وهو ما يسمى بالمعجزة  .. مثل معجزة انشقاق القمر لسيدي وحبيبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .. او معجزة العصى لسيدنا موسى عليه السلام وغيرها من المعجزات الواردة لنا بالنقل ..

لكن الاختلاف احتدم كما قلت قبل قليل حول جريان خرق العادة على يد طاهر صالح  ملتزم بالشرع الحنيف ولم يدعي النبوة  وهو المعبر عنه بالولي  وهذا الخرق للعادة معبر عنه بالكرامة ..

ولذلك انقسم الامر بين فرقتين الاولى مؤيدة .

والثانية معارضة  وكل فرقة من الفرق بدأت تسوق الادلة لدعم صحة الكلام  الذي تعتمده .. ولكي نسير  بخطوات علمية  وعلى منهج العلماء  من اهل السنة والجماعة علماء الحق .. سنناقش ادلة كل من الفرقتين لنبين الحق  علما ان علماء اهل السنة والجماعة اتفقوا على جواز جريان خرق العادة على يد الولي ( الكرامة ) .

بالبداية وكأي بحث علمي دعونا نعرف المصطلحات المستخدمة في هذا البحث :

– الكرامة ( لغة ) : كرم الشيء بضم الراء كرماً بفتحتين ، وكرامة إذا نفس وعز فهو كريم ، وله علي كرامة أي عزازة .

وكل شيء شرف في بابه فإنه يوصف بالكرم ، ولا يقال في الإنسان كريم حتى تظهر منه أخلاق وأفعال محمودة ، وكرمته تكريماً ، وأكرمته إكراما .

 عظمته ونزهته ، والمكرمة بضم الراء : اسم من الكرم، والتكريم . تقول : فعل الخير مكرمة ، أي سبب للكرم، أو التكريم .

وتكون الكرامة اسماً أيضاً من الإكرام ، والتكريم . تقول : نعم وحباً وكرامة . وليس ذلك لهم ولا كرامة . والإكرام والتكريم، أن يوصل إلى الإنسان إكرام أي نفع لا يلحقه فيه غضاضة ، أو أن يجعل ما يوصل إليه شيئاً كريماً ، أي شريفاً .

 يقول ابن منظور الكرامة اسم الوضع للاكرام فأهل اللغة اعتبروا في الكرامة كونها تحمل معنى الاكرام لصاحبها .

– الكرامة ( اصطلاح ) : يقول الامام الجرجاني رحمه الله تعالى :  الكرامة هي ظهور امر خارق للعادة من قبل شخص غير مقارن لدعوة النبوة .

وقال الامام الصاوي رحمه الله تعالى في تعريف الكرامة : هي امر خارق للعادة غير مقرون بدعوة النبوة ولا مقدمة لها يظهر على يد شخص ظاهر الصلاح  ملتزم متابع لنبيه .

وعرف الامام اللقاني رحمه الله تعالى الكرامة فقال :  الكرامة هي امر خارق للعادة  غير مقرون بدعوة النبوة ولا مقدمة لها يظهر على يد ظاهر الصلاح  ملتزم لمتابعة نبي  كلف بشريعة مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح .

وبالنظر للتعريفات اعلاه  نجد ان الائمة رحمهم الله تعالى  قد قيدو التعريفات بعدة قيود  اخرجت منه ما كان بعيدا عنه .

– فالقيد الاول : الامر الخارق للعادة  اخرج كل امر غير خارق للعادة  كالتلبيس الذهني والشيطاني وغيرها من الامور .

– القيد الثاني : غير مقرون بدعوة النبوة .. اخرج من التعريف المعجزة ( أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد مدعى النبوة تصديقا له فى دعواه مقرونة بالتحدى ) .

وبهذا القيد  عرفنا ما الفرق بين المعجزة والكرامة ..

– القيد الثالث : ولا مقدمة لها ( اي ليس مقدمة للنبوة ) فخرج بهذا القيد الارهاصات ( الأمرُ الخارِقُ للعادة يظهر للنبي قبل بعثته ) .

– القيد الرابع : ظاهر الصلاح متبع لنبي  اخرج الاهانة ( مثل ما حدث مع مسيلمة الكذاب فقد ذكر ابن كثير في البداية أنه بصق في بئر فغاض ماؤها ، وفي أخرى فصار ماؤها أجاجاً ، وسقى بوضوئه نخلا فيبست ، وأتى بولدان يبرك عليهم فمسح على رؤسهم فمنهم من قرع رأسه ومنهم من لثغ لسانه ، ودعا لرجل أصابه وجع في عينيه فمسحهما فعمي ) وهذا كما لا يخفى عليكم من باب خرق العادة ولكنه اهانة والعياذ بالله لتبيان كذبه .

سؤال : شكراً جزيلاً لما تفضلت به .. في قولك خارق للعادة هل تقصد به الحكم العادي ؟

الجواب : نعم .. الحكم العادي وهو ما يثبت بالتكرار والتجربة مثل احراق النار  .. وقطع السكين .

– القيد الخامس : خرج بقيد صحيح الاعتقاد الاستدراج والعياذ بالله .

الآن بعد ان تعرفنا على الكرامة لغة واصطلاح وبينا القيود التي اوردها العلماء في حد الكرامة لتميزها ..

دعونا نأخذ بعض بعض النماذج من المنقول التي ورد فيها ذكر بعض الكرامات واستدل بها المجوزون للكرامات وكذلك من قال بعدم جواز الكرامة

– النموذج الاول :

قصة مريم عليها السلام : قال تعالى في سورة آل عمران في الآية (37) : كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ }

من تمعن في هذه الاية الكريمة يجد انها دليل على كرامة الاولياء  قال الامام البيضاوي في هذه الآية ( وهو دليل جواز الكرامات للاولياء ) .

وكذلك الامام اللقاني عندما اراد ان يستدل بجواز الكرامات للاولياء استدل بهذه الاية وبغيرها .. 

وكما هو معلوم لديكم انه لم يكن يدخل على السيدة مريم عليها السلام سوى زكريا عليه السلام  وكان اذا خرج اغلق عليها الباب وفي بعض الاقول  كما في قول الامام اللقاني  سبعة ابواب  فالحق عز وجل ذكر هذه الاية في معرض المدح  على مريم ابنة عمران عليها السلام .

فكان رزقها ينزل عليها وكلما دخل زكريا عليه السلام وجد عندها رزقاً فيجد فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف فيسالها انى لكي هذا الرزق الذي لا يشبه ارزاق الارض تجيب هو من عند الله تعالى فلم ينكر عليها اذ هو من قدرة الله عز وجل  لا من قدرة المخلوق  فقدرته تتعلق بجميع الممكنات ولا تختص ببعض عن بعض .

اما من نفى الكرامة وهم المعتزلة  ومن سار على نهجهم بجهل وبعض الطوائف الاخرى  الحديثة .

صرح القاضي عبد الجبار في اكثر من موضع  بعدم جواز ظهور الخارق للعادة  على غير الانبياء  فيقول انه لا يجوز ظهوره على من ليس بنبي .

ويقول كذلك القاضي عبد الجبار ان الدلالة من قبله تعالى على النبوات لا تكون الا بالمعجزات اي الخارق للعادة ولو ظهر الخارق للعادة على يد هذا الولي لالبتس  امر الولي بالنبي .. الخ .

والذي يدقق في كلامه يرى ان فيه حد لقدرة الله عز وجل وهذا غير جائز فقدرته كما قلنا متعلقة بجميع الممكنات .

قال القاضي عبد الجبار في تفسيره لهذة الاية ( ان ذلك  انما وقع في زمان زكريا عليه السلام  وكان رسولا  وكل ذلك كان عالما به .. هذا الخارق للعادة معجزة زكريا الرسول وليس لمريم فيه نصيب  ولا اشكال لجريان الخارق على يد الرسل ) وهذا حسب مذهبهم .

فنرى انه هنا نسب خرق  العادة لزكريا وليس لمريم عليهم السلام وهذا حسب اعتقادهم الذي ذكرناه قبل قليل  اي حوله من كرامه لمعجزة ولكنه لم ينتبه هنا انه عندما حوله من كرامة لمعجزة قيد التحدي فلم يكن في قصة مريم اي تحدي .

و الحق ان سياق الاية لا يدل على ذلك وزكريا عليه السلام لم يكن له علم بذلك ولذلك سأل عليه السلام مريم انى لك هذا كما هو واضح في الاية وبنفس الوقت لم ينكر عليها بل اقر لها هذا .

 

– النموذج الثاني :

وردت قصة اصف وزير سليمان عليه السلام  واحضاره لعرش بلقيس  في قوله تعالى في سورة النمل في الآية (40) : 

{ قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ } 

نجد ان الامام القرطبي رحمه الله تعالى قال في هذه الاية : ان كان هذا الفعل من سيدنا سليمان فهو معجزة وان كان من اصف او غيره  فهو كرامة لولي .

كما اعتبر الامام البيضاوي رحمه الله تعالى هذا الفعل من باب الكرامات  والامام الصاوي كذلك وغيرهم من اعلام  العلماء .

اما الجبائي وهو من المعتزلة قال في هذه الآية : الذي عنده علم من الكتاب هو سيدنا سليمان عليه السلام وقال ذلك للعفريت ليريه نعمة الله تعالى عليه .

هنا الجبائي يبت الامر ان الذي احضر العرش بلا ادنى ريب هو سيدنا سليمان عليه السلام فهوم معجزة لا كرامة .

سؤال : اتيك تعود على سيدنا سليمان ؟

الجواب : نعم تعود عليه انه سوف يأتيه بالعرش .. لكن ليس سيدنا سليمان من سيأتي به .

– في الآية اعزائي عدة وجوه :

– الاول :  دعوى ان الذي عنده علم من الكتاب هو سيدنا سليمان عليه السلام خلاف  ظاهر النص والنصوص تحمل على الظاهر  الا لقرينة .

– الثاني : لو كان سيدنا سليمان عليه السلام هو المقصود  هنا كيف يستقم ذلك مع قوله : ( انا اتيك به ) فهل سيدنا سليمان عليه السلام يتحدث مع نفسه ؟؟ .

– الثالث : سيدنا سليمان عليه السلام نبي ملك ومن عادة الملوك ان يوكلوا الآخرين للقيام بالاعمال .

الدلالة على أنه آصف بن برخيه الذي نقل عرش بلقيس عليها السلام .. لأن سيدنا سليمان عليه السلام طلب فخاطب الجن .

فكيف يعود الأمر إليه وإخراجه من المعجزة إلى الكرامه ؟ لان آلية نقل العرش يعمل بها الآن .

نعم الجبائي اخرجه من الكرامة للمعجزة حتى لا ينتقض مذهبهم  وهو عدم جواز الكرامة للولي .

 

– النموذج الثالث :

قصة اصحاب الكهف

قال تعالى في سورة الكهف في الآية (9) : { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا } 

بين الامام المتريدي  في تفسيرة لهذه الاية  ان الله عز وجل جعل لهم ذلك اية من اياته وكرامة من كراماته ..

كما استدل الامام الرازي بقصة اهل الكهف  على جواز وقوع الكرامات ملبثهم في الكهف سنين بلا طعال وشراب ..

اما المتعزلة قالوا في قصة اهل الكهف  ان نومهم سنين طويلة بدون طعام وشراب هذا معجزة ولا تكون الا لنبي  وهذا هو قول الجبائي حسب مذهبهم الفاسد في منع وقوع المعجزات على يد الاولياء .

فقال لا بد من ان يكون بينهم اي بين اهل الكهف نبي  حتى يصير ذلك معجزة له .

الان لو اردنا الرد على كلام الجبائي ما نقول ؟

الجواب : الرد عليهم ممكن بقوله تعالى حين اوضح من هم { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى {13} وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ .. {14} سورة الكهف .. فلو كان بينهم نبي لكان هناك صراحة في القرءان المبين لا إشارة .

لا يوجد ذكر ان بينهم نبي كما ادعى المعتزلة وظاهر النص يؤيد ذلك .. بهل انهم هربوا للكهف ولم يكن هناك تحدي كما قلنا في قيود المعجزة .

 

– النموذج الرابع :

كرامة سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :

أخبرنا : عثمان بن أحمد بن السماك قال : حدثنا : الحسن بن مكرم قال : حدثنا : عثمان بن عمر ، قال : أخبرنا أسامة بن زيد ، عن محمد بن المنكدر ، عن سفينة قال : ” ركبت البحر في سفينة فتكسرت ، فركبت لوحاً منها ، فطرحني في جزيرة فيها أسد ، فلم يرعني   فقلت : يا أبا الحارث ، أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجعل يغمزني بمنكبه حتى أقامني على الطريق ، ثم همهم  فظننت أنه السلام ” .

 

– النموذج الخامس :

كرامة الصحابي الجليل اسيد ابن حضير رضي الله تعالى عنه :

روى البخاري عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ ، قَالَ : ” بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ البَقَرَةِ ، وَفَرَسُهُ مَرْبُوطَةٌ عِنْدَهُ ، إِذْ جَالَتِ الفَرَسُ فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ ، فَقَرَأَ فَجَالَتِ الفَرَسُ ، فَسَكَتَ وَسَكَتَتِ الفَرَسُ ، ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتِ الفَرَسُ فَانْصَرَفَ ، وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا ، فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ ، فَلَمَّا اجْتَرَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، حَتَّى مَا يَرَاهَا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ ، اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ ) قَالَ : فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى ، وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ ، فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ المَصَابِيحِ ، فَخَرَجَتْ حَتَّى لاَ أَرَاهَا ، قَالَ : ( وَتَدْرِي مَا ذَاكَ ؟ ) ، قَالَ : لاَ ، قَالَ : ( تِلْكَ المَلاَئِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ ، وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا ، لاَ تَتَوَارَى مِنْهُمْ ) .

ومن سياق الحديث نرى ان الرسول صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم لم ينكر عليه  وهو المشرع .

 

– النموذج السادس :

حادثة سيدنا عمر ابن الخطاب رضوان الله تعالى عليه وسارية :

كان سارية بن زنيم الدؤلي الكناني أحد قادة جيوش المسلمين في فتوحات بلاد بلاد فارس  وبينما كان يقاتل المشركين على أبواب نهاوند في بلاد الفرس تكاثر عليه الأعداء . وفي نفس اليوم، كان أمير المؤمنيين عمر بن الخطاب يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه  وسلم في المدينة ، فإذا بعمر رضي الله تعالى عنه ينادي بأعلى صوته أثناء خطبته : يا سارية الجبل ، الجبل .

 

سؤال : إلى ماذا ينبه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بقول : الجبل الجبل ؟

الجواب : كان جيش المسلمين في معركة وقد تكاثر عليهم العدو واصبحوا في خطر عظيم فسمع سارية صوت ينادي يا سارية الجبل الجبل عندها التجأ هو والجند  الى سفح الجبل ، وواجه الفرس من جهة واحد  وما كانت الا ساعة حتى فتح الله تعالى لهم .

 

– النموذج السابع :

حادثة باب خيبر :

قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى : “حدثني عبد الله بن الحسن ، عن بعض أهله ، عن أبي رافع ، مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : خرجنا مع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ، حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برايته ، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم ، فضربه رجل من يهود ، فطاح تُرسه من يده ، فتناول رضي الله تعالى عنه بابًا كان عند الحصن فترّس به عن نفسه ، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله تعالى عليه ، ثم ألقاه من يده حين فرغ ، فلقد رأيتني في نفرٍ سبعة معي ، أنا ثامنهم ، نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه ” .

وهناك الكثير من المواضع سواء في القرءان الكريم او السنة الشريفة التي تؤكد وقع الكرامات على يد الاولياء وجوازها ..

اما من المعقول فنقول : محور الدليل يدور حول الجواز الامكان العقلي لجريان الكرامات على ايدي الاولياء ..

قال الامام الصاوي : ( فهي واقعة شرعا جائزة عقلا ) ..

فالكرامة من الامور التي يحكم العقل بجوازها دون استحالتها فظهور هذا الخارق المذكور امر ممكن في نفسه وكل ما كان كذلك فهو صالح لشمول القدرة  لايجاده

قال الامام اللقاني في جوهرة التوحيد :

واثبتن للأوليا الكرامة * ومن نفاها فانبذن كلامه

فأن قيل بعد هذا الكلام ما دليلكم على تجويز الكرامات

نقول : ما من امر خارق للعادة الا وهو ممكن من الممكنات وهو مقدور للرب ابتداء ولا يمتنع وقوعه وليس في وقوع الكرامة اي قدح في المعجزة فهي متعلقة بدعوة النبوة والكرامة ليست كذلك فقد خصت السيدة مريم واهل الكهف بضروب من الكرامات وهم ليسوا انبياء اجماعا اما من نسب ذلك الامر لنبي ذلك الزمان فهو ضرب من الجهل المركب والتعنت .

 

سؤال : من فضلك ممكن توضيح لفقرة ( فلقد رأيتني في نفر ) ؟ 

الجواب : اي بعد ان رمى الباب سيدنا علي رضوان الله عليه ، ثمانية من الصحابة رضوان الله عليهم لم يستطيعوا قلب الباب .

 

– الخلاصة :

في هذا البحث فرقنا بين الكرامة والمعجزة بشكل واضح لان اهم مسألة من مسائل علم التوحيد هي مسألة اثبات النبوة  للسادة الانبياء .. اذا لم تثبت النبوة لم يثبت الشرع .

نجد ان المعتزلة اغلب ادلتهم في نفس الكرامة هي ادلة عقلية محضة .

اما اثبات هذه المسائل العقدية بالدليل النقلي والعقلي والعقل مع النقل نور على نور .

وعليه ان الكرامات من الامور الجائزة خلافا للمعتزلة ومن سار على نهجهم وتتميز عن المعجزة بعدم ادعاء النبوة وهذا ما اكد عليه العلماء الاعلام مثل الامام الرازي والبيضاوي والنسفي وغيرهم واجماعهم هذا اشارة الى جواز حصول الكرامات على يد الاولياء .

 

– الكرامات لها علم خاص :

” ما اتخذ الله من ولي جاهل ولو اتخذه لعلمه “

الحق عز وجل هو من يأذن بظهور الكرامة على يد احد اوليائه ويصغها بعلم فهو إله عليم .

 

وفي النهاية لا يسعني الا ان اشكر  قدوتي وسيدي واستاذي بركة الزمان ونوره  العارف بالله الولي الصالح صاحب الكرامات العالم العامل  سماحة المؤسس الحكيم علامة الديار الشامية الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب حفظه الله تعالى كل الشكر والامتنان لسماحتكم .

 

كل الشكر والتقدير للقائمين على هذا المهرجان وكل الامتنان لمن شاركنا في هذه الدقائق جزاكم الله كل خير .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 


تمت والحمد لله رب العالمين

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى