– عنوان المحاضرة : القدس الشريف
– المحاضر : أ. تغريد موسى العناكوة
– المحاضرة : نصية & صورية
– قدمت في : FG – Group Academy -Turkey
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم
موضوعنا اليوم هو عن القدس الشريف والحقب الزمنية التي مر بها على مر العصور .. للأرض المقدسة والمسجد الأقصى مكان متميز ومكانة رفيعة في قلوب المسلمين ، فالقدس والأقصى يسكنان قلب كل مسلم ، وقد وصف القرآن الكريم أرض بيت المقدس بصفات البركة والطهر والقدسية في آيات متعددة منها :
1- قال موسى عليه السلام لقومه : (( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ولا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ )) [ المائدة : 21 ] .
2- وقال الله تعالى عنها : (( وأَوْرَثْنَا القَوْمَ الَذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ ومَغَارِبَهَا الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا .. )) [ الأعراف : 137 ] .
3- وقال سبحانه وتعالى : (( سُبْحَانَ الَذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) [ الإسراء : 1 ] .
4- وفي قول الله تعالى : (( ونَجَّيْنَاهُ ولُوطاً إلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ )) [ الأنبياء : 71 ] .
5- وفي قول الله تعالى : (( ولِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا وكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ )) [ الأنبياء : 81 ] .
6- وفي قول الله تعالى : (( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القُرَى الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ )) [ سبأ : 18 ] .
7- وجاءت الإشارة إلى قدسية هذه الأرض حين أقسم الله تعالى بها مع غيرها في سورة التين (( وَالتِّينِ والزَّيْتُونِ (1) وطُورِ سِينِينَ (2) وهَذَا البَلَدِ الأَمِينِ )) .
8- وفي قول الله تعالى : ((واسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ المُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ)) [ق: 41]، ورد في التفسير أن المنادي هو إسرافيل ينادي من صخرة بيت المقدس.
9- وفي قول الله تعالى : ((ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وسَعَى فِي خَرَابِهَا)) [البقرة:114]، قال كثير من المفسرين: هو مسجد بيت المقدس.
10- وفي قوله عز وجل : ((يَوْمَ يَقُولُ المُنَافِقُونَ والْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا ورَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذَابُ)) [الحديد:13]
قال ابن عباس : السور : سور بيت المقدس ، به باب الرحمة ، وخلفه وادي جهنم ، وبربط هذا التفسير لابن عباس رضي الله تعالى عنه بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن القدس بأنها : ” أرض المحشر والمنشر ” ، نستطيع أن نفهم أن القدس بأسوارها ، ووديانها ، ومبانيها ، هي نموذج مصغر للأرض التي سيجري عليها الحساب ، وأنها بذاتها ستكون منطلق الناس من الأرض إلى الساهرة التي سيحاسب عليها البشر .
مدينة القدس لها مسميات وصفات كثيرة منها مدينة السلام و زهرة المدائن ومدينة داوود و بيت المقدس .
تعد القدس ” مدينة السلام “ من أقدم مدن الأرض في العصر التاريخي فهي أقدم من بابل ونينوى ، وقد أنشأها و سكنها اليبوسيون ، إحدى القبائل الكنعانية من العرب الأوائل الذين نزحوا من الجزيرة العربية مع من نزح من القبائل الكنعانية واحتلوا التلال المشرفةعلى المدينة القديمة .
حظيت مدينة القدس ، وما تزال ، بمكانة عظيمة في التاريخ الإنساني ، وتميزت بخصوصية الزمان والمكان . فهي في الزمان ضاربة جذورها منذ الحضارة العربية الكنعانية ، أما بالنسبة لخصوصيتها المكانية ، فقد شملت الموقع والموضع ، فكانت ملتقى الاتصال والتواصل بين قارات العالم القديم ، تعاقبت عليها الحضارات ، وأَمّتها الجماعات البشرية المختلفة ، مخلفة وراءها آثارها ومخطوطاتها الأثرية ، التي جسدت الملاحم والحضارة والتاريخ ، دلالة على عظم وقدسية المكان .
ولابد أن يكون لمثل هذه الظاهرة الحضارية الفذة أسباب ومبررات ، هي سر خلودها واستمرارها آلاف السنين ، رغم كل ما حل بها من نكبات وحروب أدت إلى هدم المدينة ، وإعادة بنائها ثماني عشرة مرة عبر التاريخ ، وفي كل مرة كانت تخرج أعظم وأصلب وأكثر رسوخا من سابقتها ، دليلا على إصرار المدينة المقدسة على البقاء ، فمنذ أن قامت ( القدس الأولى ) الكنعانية قبل نحو 6000 سنة ، وهي محط أنظار البشرية ، منذ نشأت الحضارات الأولى في ( فلسطين ووادي النيل والرافدين ) ، مروراً بالحضارة العربية الإسلامية ، وحتى يومنا هذا .
يقدر علماء الآثار أن تاريخ مدينة القدس يرجع إلى حوالي ستة آلاف سنة كما اكدت الحفريات والدراسات .
– العصر الكنعاني اليبوسي :
سكان القدس الأصليون : قبيلة اليبوسيين – أحد البطون الكنعانية العربية الوافدة من شبه الجزيرة العربية الذين سكنوا مدينة القدس فأطلقوا عليها اسم يبوس .
وفقا للتقديرات التاريخية فان الهجرة الامورية – الكنعانية من الجزيرة العربية قد حدثت قبل سبعة آلاف سنة ، وذلك من خلال تتبع الآثار في مدنهم القديمة ، ولعل أقدمها مدينة أريحا شرق فلسطين الباقية حتى اليوم والتي تعتبر أقدم مدينة في العالم وإن تأرجحت تقديرات البداية الزمنية لوجود الكنعانيين فما من خلاف فيه انهم كانوا أول من سكن المنطقة من الشعوب المعروفة تاريخيا ، وأول من بنى على ارض فلسطين حضارة .
حيث ورد في الكتابات العبرية أن الكنعانيين هم سكان البلاد الأصليين ، كما ذكر في التوراه أنه الشعب الاموري ولعل الكنعانيون هم أنفسهم العموريون أو ينحدرون منهم ، وكذلك الفينيقيون ، فقد كان الكنعانيون والفينيقيون في الأساس شعبا واحدا ، تجمعهما روابط الدين واللغة والحضارة ولكن لم تكن تجمعهما روابط سياسية إلا في حالات ردء الخطر الخارجي القادم من الشمال أو الجنوب .
ووفقا للتوارة فإن ارض كنعان تمتد من اوغاريت ( رأس شمرا ) حتى غزة ، وقد تم العثور على قطعة نقود أثرية كتب عليها ” اللاذقية في كنعان “ وفي تلك الفترة توصل الكنعانيون إلى بناء الصهاريج فوق السطوح ، وحفر الإنفاق الطولية تحت الأرض لإيصال المياه داخل القلاع ، ومن أهم هذه الأنفاق نفق مدينة ” جازر “ التي كانت تقع على بعد 35 كم من القدس .. وكذلك نفق يبوس ( القدس ) ، حفره اليبوسيون ، وجاءوا بالمياه إلى حصن يبوس من نبع ” جيحون ” .
اليبوسيون ” بناة القدس الأولون “ اليبوسيون هم بطن من بطون العرب الأوائل ، نشأوا في قلب الجزيرة العربية، ثم نزحوا عنها مع من نزح من القبائل الكنعانية التي ينتمون إليها ، إنهم أول من سكن القدس وأول من بنى فيها لبنة .
عندما رحل الكنعانيون عن الجزيرة العربية رحلوا جماعات منفصلة وقد حطت هذه الجماعات في أماكن مختلفة من فلسطين فراحت تدعى ( أرض كنعان ) ، فبعضهم اعتصم بالجبال ، والبعض الأخر بالسهول والوديان ، وقد عاشوا في بداية الأمر متفرقين في أنحاء مختلفة ، حتى المدن التي انشأوها ومنها ( يبوس ، وشكيم ، وبيت شان ، ومجدو ، وبيت ايل ، وجيزر ، واشقلون ، وتعنك ، وغزة ) ، وغيرها من المدن التي لا تزال حتى يومنا هذا ، بقيت كل مدينة من هذه المدن تعيش مستقلة عن الأخرى ، هكذا كان الكنعانيون في بداية الأمر ، ولكن ما لبث أن اتحدوا بحكم الطبيعة وغريزة الدفاع عن النفس ، فكونوا قوة كبيرة ، واستطاعوا بعدئذ أن يغزوا البلاد المجاورة لهم ، فأسسوا كيانا عظيما بقى فترة طويلة .
كانت يبوس ( القدس ) في ذلك العهد حصينة آهلة بالسكان، واشتهرت بزراعة العنب والزيتون كما عرفوا أنواع عديدة من المعادن منها النحاس والبرونز، كما عرفوا أنواع عديدة من الخضار والحيوانات الداجنة، كما عرفوا الخشب واستخدموه في صناعاتهم عن طريق الفينيقيين ، كما اشتهروا بصناعة الأسلحة والثياب .
لقد أسس الكنعانيون واليبوسيون حضارة كنعانية ذات طابع خاص ، ورد ذكــرها في ألواح ( تل العمارنة ) .
وقد ظهر بينهم ملوك عظماء بنوا القلاع وأنشأوا الحصون وأنشأوا حولها أسواراً من طين ، ومن ملوكهم الذين حفظ التاريخ أسماءهم ، ( ملكي صادق ) ويعتبر هو أول من بنى يبوس ( القدس ) وأسسها ، وكانت له سلطة على من جاوره من الملوك ، حيث أطلق بنو قومه عليه لقب ( كاهن الرب الأعظم ) .
كانت يبوس في ذلك العهد ذات أهمية من الناحية التجارية وكانت من أنشط المدن الكنعانية وذلك لأنها واقعة على طرق التجارة ،كما كانت ذات أهمية من الناحية الحربية لأنها مبنية على أربعة تلال وكانت محاطة بسورين وحفر اليبوسيون تحت الأرض نفقا يمكنهم من الوصول إلى ” عين روجل “ والتي سميت الآن ” عين أم الدرج “ .. كذلك كان فيها واد يعرف بواد الترويين يفصل بين تل أوفل وتل مدريا .
عندما خرج بنو إسرائيل من مصر ، ونظروا أرض كنعان ورأوا فيها ما رأوا من خيرات راحوا يغيرون عليها بقصد امتلاكها .. قائلين : أنها هي الأرض التي وعدهم الله بها ، وبذلك أيقن الكنعانيون الخطر القادم فطلبوا العون من مصر ، ذلك لأن بني إسرائيل كانوا كلما احتلوا مدينة خربوها واعملوا السيف فيها ، أما المصريون فقد كانوا يكتفون بالجزية ،فلا يتعرضون لسكان البلاد وعاداتهم ومعتقداتهم ولم يتوان المصريون في مد يد العون إلى الكنعانيين ، فراحوا يدفعوا الأذى عنهم ونجحوا في صد الغارات والكنعانيين ضد العبريين .
ومن الجدير ذكره أن هناك بين ألواح تل العمارنة التي وجدت في هيكل الكرنك بصعيد مصر لوح يستدل منه على أن ( عبد حيبا ) أحد رجال السلطة المحلية في أورسالم أرسل ( 1550 ق. م ) إلى فرعون مصر تاحتموس الأول رسالة طلب إليه أن يحميه من شر قوم دعاهم في رسالته بـ ( الخبيري ) أو ( الحبيري ) .
لمزيد من المعلومات الرجوع لبؤرة معلومات فلسطينيات ( التاريخ والحق العربي في فلسطين ) بنو إسرائيل .
– العصر الفرعوني ( 16 – 14 ق.م ) :
خضعت مدينة القدس للنفوذ المصري الفرعوني بدءا من القرن 16 ق.م . وفي عهد الملك إخناتون تعرضت لغزو ” الخابيرو “ وهم قبائل من البدو، ولم يستطع الحاكم المصري عبدي خيبا أن ينتصر عليهم، فظلت المدينة بأيديهم إلى أن عادت مرة أخرى للنفوذ المصري في عهد الملك سيتي الأول 1317 – 1301 ق.م .
– خلافة سيدنا داوود وابنه سليمان : العصر اليهودي ( 977 – 586 ق.م ) :
دام حكم اليهود للقدس 73 عاماً طوال تاريخها الذي امتد لأكثر من خمسة آلاف سنة . فقد استطاع سيدنا داود السيطرة على المدينة في عام 977 أو 1000 ق.م وسماها مدينة داود وشيد بها قصراً وعدة حصون ودام حكمه 40 عاماً . ثم خلفه من بعده ولده سيدنا سليمان الذي حكمها 33 عاماً .
وبعد وفاة سليمان انقسمت الدولة في عهد ابنه رحبعام وأصبحت المدينة تسمى ” أورشليم “ وهو اسم مشتق من الاسم العربي الكنعاني شاليم أو ساليم .
لقد قام باحثين من أنحاء العالم بالتنقيب والتفتيش للعثور على اية كنوز وآثار من ملك سيدنا سليمان عليه السلام ولكن جميع محاولاتهم بائت بالفشل ..
ولعلها حكمة ربانية و هم محتارون ومندهشين من عدم عثورهم على أية دلالة لهذه الكنوز الكثيرة ..
لعلها حكمة ربانية لكي لا يحتجوا أن القدس حق لهم كما يدعون اليوم بأن هيكل سيدنا سليمان تحت الاقصى و حفروا الانفاق تحت الاقصى ولكن لم يعثروا على الهيكل ايضا ..
و الله قادر أن يورث الأرض لعباده الصالحين .
– العصر البابلي ( 586 – 537 ق.م ) :
احتل الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني مدينة القدس بعد أن هزم آخر ملوك اليهود صدقيا بن يوشيا عام 586 ق.م ، ونقل من بقي فيها من اليهود أسرى إلى بابل بمن فيهم الملك صدقيا نفسه .
السؤال : اذا كان حكم سيدنا داوود و سيدنا سليمان دام للقدس لأكثر من 100 عام ، كيف لم يتم العثور على أي من آثار تلك الحقبة أو حتى ما يدل عليها ؟
الجواب : قدر الله وما شاء فعل .. لعدم مطالبتهم بالبيت المقدس واسقاط حقهم منه .
– العصر الفارسي ( 537 – 333 ق.م ) :
ثم سمح الملك الفارسي قورش عام 538 ق.م لمن أراد من أسرى اليهود في بابل بالعودة إلى القدس .
– العصر اليوناني ( 333 – 63 ق.م ) :
استولى الإسكندر الأكبر على فلسطين بما فيها القدس عام 333 ق.م ، وبعد وفاته استمر خلفاؤه المقدونيون والبطالمة في حكم المدينة ، واستولى عليها في العام نفسه بطليموس وضمها مع فلسطين إلى مملكته في مصر عام 323 ق.م . ثم في عام 198 ق.م أصبحت تابعة للسلوقيين في سوريا بعد أن ضمها سيلوكس نيكاتور ، وتأثر السكان في تلك الفترة بالحضارة الإغريقية .
– القدس تحت الحكم الروماني ( 63 ق.م – 636م ) :
استولى قائد الجيش الروماني بومبيجي Pompeji على القدس عام 63 ق.م وضمها إلى الإمبراطوية الرومانية . وشهد الحكم الروماني للقدس والذي استمر حتى عام 636م حوادث كثيرة ، ففي الفترة من 66 إلى 70م قام اليهود في القدس بأعمال شغب وعصيان مدني قمعها الحاكم الروماني تيطس بالقوة فأحرق المدينة وأسر كثيراً من اليهود ، وعادت الأمور إلى طبيعتها في ظل الاحتلال الروماني للمدينة المقدسة . ثم عاود اليهود التمرد وإعلان العصيان مرتين في عامي 115 و132م وتمكنوا بالفعل من السيطرة على المدينة ، إلا أن الإمبراطور الروماني هدريان تعامل معهما بعنف وأسفر ذلك عن تدمير القدس للمرة الثانية ، وأخرج اليهود المقيمين فيها ولم يُبق إلا المسيحيين ، ثم أمر بتغيير اسم المدينة إلى ” إيلياء “ واشترط ألا يسكنها يهودي .
– كنيسة القيامة :
نقل الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول عاصمة الإمبراطورية الرومانية من روما إلى بيزنطة ، وأعلن المسيحية ديانة رسمية للدولة فكانت نقطة تحول بالنسبة للمسيحيين في القدس حيث بنيت كنيسة القيامة عام 326م .
– عودة الفرس :
انقسمت الإمبراطورية الرومانية عام 395 إلى قسمين متناحرين مما شجع الفرس على الإغارة على القدس ونجحوا في احتلالها في الفترة من 614 إلى 628م ، ثم استعادها الرومان مرة أخرى وظلت بأيديهم حتى الفتح الإسلامي عام 636م .
– الإسراء والمعراج ( 621م/ 10هـ ) :
في عام 621 تقريباً شهدت القدس زيارة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد أسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم صعد إلى السماوات العلى .
– العصر الإسلامي الأول ( 636 إلى 1072م ) :
دخل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مدينة القدس سنة 636 /15 هـ ( أو 638م على اختلاف في المصادر ) بعد أن انتصر الجيش الإسلامي بقيادة أبي عبيدة عامر بن الجراح ، واشترط البطريرك صفرونيوس أن يتسلم عمر المدينة بنفسه فكتب معهم ” العهدة العمرية “ وهي وثيقة منحتهم الحرية الدينية مقابل الجزية . وغير اسم المدينة من إيلياء إلى القدس ، ونصت الوثيقة ألا يساكنهم أحد من يهود .
واتخذت المدينة منذ ذلك الحين طابعها الإسلامي واهتم بها الأمويون ( 661 – 750م ) والعباسيون ( 750 – 878م ) وشهدت نهضة علمية في مختلف الميادين . ومن أهم الآثار الإسلامية في تلك الفترة مسجد قبة الصخرة الذي بناه عبد الملك بن مروان في الفترة من 682 – 691م ، وأعيد بناء المسجد الأقصى عام 709م ، وشهدت المدينة بعد ذلك عدم استقرار بسبب الصراعات العسكرية التي نشبت بين العباسيين والفاطميين والقرامطة ، وخضعت القدس لحكم السلاجقة عام 1071م .
السؤال : مكتوب عندهم بالتوارة صفات سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه الذي يفتح القدس الشريف ؟
الجواب : نعم عندما حضر سيدنا عمر بن الخطاب القدس وقابل البكريرك صفرنيوس عرف وراى هذه الصفات على سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وسلمه مفاتيح القدس .
احتلت مدينة بيت المقدس في الدعوة الإسلامية من البداية مكاناً هاماً فقد أشير إليها عدة مرات في القرآن الكريم وفي الحديث النبوي وكانت قبلة الإسلام الأولى واليها كان إسراء النبي محمد عليه الصلاة والسلام ومنها كان عروجه .
بعد هزيمة الروم في معركة اليرموك اصبح الطريق مفتوحاً إلى بيت المقدس وطلب أبو عبيدة بن الجراج من الخليفة أن يأتي إلى المدينة لأن سكانها يأبون التسليم إلا إذا حضر شخصياً لتسلم المدينة ، وقد ذهب سيدنا عمر إلى بيت المقدس سنة 15هـ / 636 م وأعطى الأمان لأهلها وتعهد لهم بأن تصان أرواحهم وأموالهم وكنائسهم وبألا يسمح لليهود بالعيش بينهم ومنح سيدنا عمر سكان المدينة الحرية الدينية مقابل دفع الجزية ورفض أن يصلي في كنيسة القيامة لئلا تتخذ صلاته سابقة لمن يأتي بعده ، وذهب إلى موقع المسجد الأقصى فأزال بيده ما كان على الصخرة من أقذار ، وبنى مسجداً في الزاوية الجنوبية من ساحة الحرم ، وتميز الحكم العربي الإسلامي بالتسامح الديني ، واحتفظ المسيحيون بكنائسهم وبحرية أداء شعائرهم الدينية .
– الفتح العمري :
لقد شكلت فلسطين والقدس خط الدفاع الأول عن الإسلام وبلاد المسلمين لقد استمدت المدينة أهميتها الدينية عند المسلمين، ليس لأنها ذات أصول عربية كنعانية فحسب بل لأنها مهد الأنبياء أيضا فمنها عرج رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماوات السبع و تكلم إلى ربه ، وتم فرض الصلوات على المسلمين ثم العودة من السماوات العلى إلى بيت المقدس ومنها إلى مكة المكرمة ..
فلم يختر الله سبحانه وتعالى بيت المقدس مكانا لاسراء نبيه عبثا ولكنها مشيئة إلهية سماوية رسمت منذ ذلك التاريخ وإلى الأبد علاقة ملايين المسلمين بهذه البقعة المقدسة من الأرض وهي بالنسبة لهم من اقدس المقدسات ، وهي المكان الذي يحجون إليه ، فهو قبلتهم الأولى وثالث الحرمين الشريفين بعد الكعبة المشرفة ومسجد النبي في المدينة المنورة ..
لقد بدأ رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد الجهر بالدعوة الإسلامية وانتشارها بتوجيه أنظار المسلمين وقلوبهم إلى مدينة القدس ، مدركا أهميتها الدينية والروحانية لدى المسلمين ، فبعث في جمادى الأول سنة ثمان للهجرة أول قوة إسلامية إلى بلاد الشام ، وجعل على راس هذه القوة التي لا تزيد على ثلاثة آلاف مقاتل ” زيد بن حارثة “ سارت القوة إلى بلاد الشام للاشتباك بجيوش الروم ، حيث علم المسلمون أن ” هرقل “ قد حشد في مؤاب بأرض كنعان مائة ألف من الروم وانضم إليهم مثل هذا العدد من القبائل العربية المجاورة فدب التوتر في نفوس قوة المسلمين وفكروا في أن يطلبوا النجدة من سيدنا محمدصلى الله عليه وآله وسلم إلا أنهم آثروا على الاشتباك بجيوش الروم إما النصر أو الشهادة في سبيل الله تعالى والجنة .
فزحف المسلمون إلى الشمال حتى قابلتهم جموع الروم في مؤتة بالقرب من مدينة الكرك في الأردن ودارت رحى المعركة الغير متكافئة وما لبث أن انسحب جيش المسلمين لإنقاذ القوة من فناء أكيد ، لقد كانت هذه الحادثة بمثابة الاختبار الأول للمسلمين و ارادتهم الشجاعة في تحرير بيت المقدس واستعداد تام للتضحية والفداء من أجل القدس ..
لقد أمر الرسول الكريم بتجهيز جيشا يقوده ” أسامة بن زيد “ للانتقام لشهداء مؤتة ، وانتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى وجيش أسامة يتأهب للسير شمالا، فأمر الخليفة أبو بكر الصديق أن يواصل جيش أسامه سيره ويحقق المهمة التي كلفه بها رسول الله ، واشتبك جيش أسامه مع القبائل العربية التي ساندت جيش الروم ضد قوة المسلمين و لقنوها درسا وعادوا إلى المدينة المنورة ..
فبعد أن انتهى الخليفة ” أبو بكر الصديق “ من حروب الردة وتدعيم أركان المسلمين بعد وفاة الرسول ، أعد جيشا لغزو بلاد الشام وتحرير بيت المقدس ، وقدر عدد الجيش بأربعة وعشرين ألفا من جنود المسلمين الأشداء ، وزحف جيش المسلمين شمالا وحارب الروم في معارك جانبية إلى أن وصل مشارف دمشق في “حوران ” .
أما الروم فقد تجمعوا استعداداً للمعركة الحاسمة في وادي اليرموك الفاصل بين سورية والأردن بعدد يقدر عشرة أضعاف جيش المسلمين، ومن ناحية أخرى قدم خالد بن الوليد على رأس جيشا مجهزا مددا لجيش المسلمين وتوحد الجيش بقيادة ” خالد بن الوليد “ ودارت المعركة الفاصلة وكان النصر حليف المسلمين في اليرموك ، وبعد ذلك اتجه جيش المسلمين إلى دمشق حيث حاصرها وتم لهم فتحها وقد هزم الروم شر هزيمة في بلاد الشام .
وبعد أن فرغوا من بلاد الشام وجهوا جزءاً من قواتهم إلى فلسطين وفتحوا مناطق عديدة منها وحاصروا إيلياء زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، واستمات الروم في الدفاع عن بيت المقدس ، بيد أن الدين الجديد وما يزرعه في نفوس قواته قد انتصر على عناد الروم ودب الضعف في نفوسهم ، ولما اشتد الحصار لبيت المقدس 636 م ظهر البطريرك ” صفر ونيوس” من فوق أسوار المدينة وقال لهم : إنا نريد أن نسلم لكن بشرط أن يكون ذلك لأميركم فقدموا له أمير الجيش فقال : لا ، إنما نريد الأمير الأكبر أمير المؤمنين ، فكتب أمير الجيش إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه .
فخرج عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إلى مدينة القدس ولما أطل على مشارفها وجد المسلمين في استقباله خارج بابها المسمى بباب دمشق وعلى رأسهم البطريرك ” صفر ونيوس “ وقد كان عمر على راحلة واحدة ومعه غلامه ، فظهر لهم وهو آخذاً بمقود الراحلة وغلامه فوقها الذي اشترط على غلامه أن يسير كل منهما نفس المسافة واحدا راكب والآخر يسير على الأقدام بالتساوي ، فعندما وصلا كان دور الغلام وعمر بن الخطاب يأخذ بمقود الراحلة .
فبينما رأوه كذلك خروا له ساجدين فأشاح الغلام عليهم بعصاه من فوق رحلته وصاح فيهم ” ويحكم ارفعوا روؤسكم لا ينبغي السجود إلا لله “ ، فلما رفعوا رؤوسهم انتحى البطريرك ” صفر ونيوس “ ناحية وبكى ، فتأثر عمر وأقبل عليه يواسيه قائلا : ” لا تحزن هو عليك ، فالدنيا دواليك يوم لك ويوم عليك “ فقال صفر ونيوس اظننتني لضياع الملك بكيت ؟ والله ما لهذا بكيت ، أنما بكيت لما أيقنت أن دولتكم على الدهر باقية ترق ولا تنقطع .. فدولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة ، وكنت حسبتها دولة فاتحين ثم تنقرض مع السنين .
وتسلم ابن الخطاب مفاتيح القدس من البطريرك ” صفر ونيوس “ وخطب في تلك الجموع قائلا : ” يا أهل ايلياء لكم مالنا وعليكم ما علينا “ . ثم دعا البطريرك لتفقد كنيسة القيامة ، فلبى دعوته ، و أدركته الصلاة وهو فيها فتلفت إلى البطريرك وقال له أين أصلى ، فقال : ” مكانك صل “ فقال : ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة القيامة فيأتي المسلمون من بعدي ويقولون هنا صلى عمر ويبنون عليه مسجدا . وابتعد عنها رمية حجر وفرش عباءته وصلى ، وجاء المسلمون من بعده وبنوا على ذلك المكان مسجدا وهو قائما إلى يومنا هذا .
– نص العهد الذي أعطاه الإسلام للقدس :
( بسم الله الرحمن الرحيم .. هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل ايلياء من الأمان ، أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها ، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ، ولا من صلبهم ، ولا من شئ من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ، ولا يضار أحد منهم ، ولا يكن بايلياء معهم أحد من اليهود .. وعلى أهل ايلياء أن يعطوا الجزية كما يعطى أهل المدائن ، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص . فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم . ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ما على أهل ايلياء من الجزية ، ومن احب من أهل ايلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلى بيعهم وصلبهم ، فانهم آمنون على أنفسهم حتى يبلغوا ما منهم ، ومن كان بها من أهل الأرض فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل ايلياء من الجزية ومن شاء سار مع الروم ومن شاء رجع إلى أهله ، لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم ، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية .
شهد على ذلك كتب وحضر سنة 15 هـ عمر بن الخطاب .. خالد بن الوليد عبد الرحمن بن عوف معاوية بن أبي سفيان ) .
المدينة منذ ذلك الحين طابعها الإسلامي واهتم بها الأمويون ( 661 – 750م ) والعباسيون ( 750 – 878م ) وشهدت نهضة علمية في مختلف الميادين . ومن أهم الآثار الإسلامية في تلك الفترة مسجد قبة الصخرة الذي بناه عبد الملك بن مروان في الفترة من 682 – 691م ، وأعيد بناء المسجد الأقصى عام 709م ، وشهدت المدينة بعد ذلك عدم استقرار بسبب الصراعات العسكرية التي نشبت بين العباسيين والفاطميين والقرامطة ، وخضعت القدس لحكم السلاجقة عام 1071م .
– القدس إبان الحملات الصليبية :
سقطت القدس في أيدي الصليبيين عام 1099م بعد خمسة قرون من الحكم الإسلامي نتيجة صراعات على السلطة بين السلاجقة والفاطميين وبين السلاجقة أنفسهم . وقتل الصليبيون فور دخولهم القدس قرابة 70 ألفاً من المسلمين وانتهكوا المقدسات الإسلامية . وقامت في القدس منذ ذلك التاريخ مملكة لاتينية تحكم من قبل ملك كاثوليكي فرض الشعائر الكاثوليكية على المسيحيين الأرثوذكس مما أثار غضبهم .
– العصر الإسلامي الثاني :
استطاع صلاح الدين الأيوبي استرداد القدس من الصليبيين عام 1187م بعد معركة حطين ، وعامل أهلها معاملة طيبة ، وأزال الصليب عن قبة الصخرة، واهتم بعمارة المدينة وتحصينها .
– الصليبيون مرة أخرى :
ولكن الصليبيين نجحوا في السيطرة على المدينة بعد وفاة صلاح الدين في عهد الملك فريدريك ملك صقلية ، وظلت بأيدي الصليبيين 11 عاماً إلى أن استردها نهائياً الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1244م .
– الأمويون والعباسيون :
بنى عبد الملك بن مروان قبة الصخرة المشرفة سنة 72 هـ / 691 م ، وأقام الوليد بن عبد الملك المسجد الأقصى بعد ذلك بسنوات قلائل ( حوالي سنة 90 هـ ) . وواصل الخلفاء العباسيون الاهتمام بالقدس فزارها منهم المنصور ( 136-158 هـ/574 – 775 م ) والمهدي ( 158 – 169 هـ /775 – 785 م ) والمأمون ( 198 – 218هـ / 813 – 833 م ) عند عودته من زيارة مصر ، وقد جرت في عهد الخلفاء الثلاثة تغييرات وتجديدات فيالمسجد الأقصى وقبة الصخرة بعد الخراب الذي نتج عن الزلازل المتكررة .
– الطولونيون والإخشيديون :
عندما بدأ الضعف يدب في السلطة المركزية ببغداد دخلت القدس وفلسطين في حوزة الطولونيين سنة ( 265 – 292هـ / 878 – 905 م ) ، وتلاهم في حكمهـا الإخشيديون سنـة ( 327 – 359 هـ/ 939 – 969 م ) وكان للقدس منزلة خاصة عند الإخشيديين بدليل أن ملوكهم جميعاً دفنوا فيها بناء على وصاياهم .
– الفاطميون والسلاجقة :
في سنة 359 / 969 م استولى الفاطميون على القدس ، وقد تميز حكـم الحاكم بأمـر الله ( 386 – 411 هـ/ 996 – 1020 م ) بالتعصب الديني واضطهاد النصارى فهدم كنيسة القيامة وغيرها من الكنائس وأوقع بالمسيحية شتى أنواع الاضطهاد ، ولكن ذلك لم يصبهم وحدهم فلم يكن المسلمون من رعاياه أفضل حالاً بكثير .
وفي عهد الدولة الفاطمية استطاع الصليبيون الاستيلاء على بيت المقدس عام 1099 وبقيت في أيديهم حتى عام 1187م إلى أن استطاع القائد صلاح الدين الأيوب يتخليصها منهم بعد معركة حطين .
– من أعمال الناصر صلاح الدين الأيوبي :
أزال صلاح الدين الصليب عن قبة الصخرة ، ورفع فيها المصاحف وعين لها الأئمة ووضع في المسجد الأقصى المنبر الذي كان قد أمر نورالدين محمود بن زنكي بصنعه ودشن إنشاءات إسلامية كثيرة في القدس أهمها مدرسة الشافعية ( الصلاحية ) وخانقاه للصوفية ومستشفى كبير ( البيمارستان ) ، وأشرف بنفسه على تلك الإنشاءات ، بل شارك بيديه في بناء سور القدس وتحصينه ، وعقد في المدينة مجالس العلم .
المنبر صنع في حلب واهداه صلاح الدين الأيوبي للاقصى بعد فتحه .. وقام يهودي استرالي متطرف بحرقه قبل عشرات السنوات .. وتم صنع منبر في الاردن على نسق المنبر الذي أحرق .. وهو موجود إلى الآن في المسجد الاقصى .
المنبر المغاير لمنبر صلاح الدين الأيوبي
تولى حكم القدس بعد صلاح الدين ابنه الملك الأفضل الذي وقف المنطقة الواقعة إلى الجنوب الشرقي من الحرم على المغاربة ، حماية لمنطقة البراق المقدسة، وأنشأ فيها مدرسة ، وممن حكم القدس من الأيوبيين بعد الأفضل الملك المعظم عيسى بنتحمد بن أيوب ، الذي أجرى تعميرات في كل من المسجد الأقصى والصخرة وأنشأ ثلاث مدارس للحنفية ( وكان الحنفي الوحيد من الأسرة الأيوبية ) ، ولكن المعظم عاد فدمر أسوار القدس خوفاً من استيلاء الصليبيين عليها وضرب المدينة فاضطر أهلها إلى الهجرة في أسوأ الظروف وتلا المعظم بعد فترة وجيزة أخوة الملك الكامل الذي عقد اتفاقاً مع الإمبراطور فردريك الثاني ملك الفرنجة ، سلمه بموجبه القدس ما عدا الحرم الشريف، وسلمت المدينة وسط مظاهر الحزن والسخط والاستنكار سنة 626هـ/1229 م وبقيت في أيديهم حتى 637 هـ / 1239م عندما استردها الملك الناصر داود بن أخي الكامل ، ثم عادت إلى المسلمين نهائياً سنة 642 هـ / 1244 م عندما استردها الخوارزمية لصالح نجم الدين أيوب ملك مصر .
– المماليك :
دخلت القدس في حوزة المماليك في سنة 651 هـ/ 1253 م وفي عصر المماليك حظيت المدينة باهتمام ملحوظ وقام سلاطينهم : الظاهر بيبرس ( ت 676 هـ/ 1277 م ) وسيف الدين قلاوون ( حكم من 679 – 689 هـ / 1280 – 1290 م ) والناصـر محمد بـن قـلاوون ( ت 741 هـ / 1340 م ) والأشرف قايتباي ( حكم من 893 – 903هـ / 1486 – 1496 م ) وغيرهم بزيارات عدة للقدس ، وأقاموا منشآت دينية ومدنية مختلفة فيها كانت آيه للعمارة ، وأجروا تعميرات كثيرة في قبة الصخرة والمسجد الأقصى ، ومنالمنشآت التي أقامها المماليك زهاء خمسين مدرسة وسبعين ربط وعشرات الزوايا .
وفي سنة 777 هـ جعلوا القدس نيابة مستقلة تابعة للسلطان في القاهرة مباشرة بعد أن كانت تابعة لنيابة دمشق ومن أثار المماليك في القدس انهم سحبوا المياه من عين العروب إلى الحرم الشريف ، ومن أشهر المدارس التي أنشأوها المدرسة السلطانية الأشرفية والمدرسة التنكزية ، وغدت القدس زمن المماليك مركزاً من أهم المراكزالعلمية في العالم الإسلامي كله فكان يفد إليها الدارسون والمدرسون من مختلف الأقطار وقد اكتشف في الحرم القدسي سنة 1974 م وبعده وثائق مملوكية تلقى المزيد منالضوء على تاريخ المدينة .
– العثمانيون :
في سنة 922 هـ/ 1516 م وضع السلطان سليم العثماني حداً لحكم المماليك في بلاد الشام إثر انتصاره فيمعركة مرج دابق وفي السنة التالية احتل القدس . ولما توفي السلطان سليم خلفه ابنهسليمان القانوني ( 927 هـ/ 1520م ) الذي اهتم بالقدس اهتماماً خاصاً وأقام فيها منشآت كثيرة منها سور القدس الذي دامت عمارته خمسة أعوام ، وتكية خاصكي سلطان ، ومساجد و أسبلة ، وعمر كذلك قبة الصخرة .
دخلت جيوش العثمانيين فلسطين بقيادة السلطان سليم الأول بعد معركة مرج دابق ( 1615 – 1616م ) وأصبحت القدس مدينة تابعة للإمبراطورية العثمانية . وقد أعاد السلطان سليمان القانوني بناء أسوار المدينة وقبة الصخرة . وفي الفترة من عام 1831 – 1840م أصبحت فلسطين جزءًا من الدولة المصرية التي أقامها محمد علي ثم عادت إلى الحكم العثماني مرة أخرى. وأنشأت الدولة العثمانية عام 1880 متصرفية القدس ، وأزيل الحائط القديم للمدينة عام 1898 لتسهيل دخول القيصر الألماني وليام الثاني وحاشيته أثناء زيارته للقدس . وظلت المدينة تحت الحكم العثماني حتى الحرب العالمية الأولى التي هزم فيها الأتراك العثمانيون وأخرجوا من فلسطين .
– الاحتلال البريطاني ( 1917 – 1948م ) :
سقطت القدس بيد الجيش البريطاني في 8 – 9/12/1917 بعد البيان الذي أذاعه الجنرال البريطاني اللنبي ، ومنحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين ، وأصبحت القدس عاصمة فلسطين تحت الانتداب البريطاني ( 1920 – 1948 ) . ومنذ ذلك الحين دخلت المدينة في عهد جديد كان من أبرز سماته زيادة أعداد المهاجرين اليهود إليها خاصة بعد وعد بلفور عام 1917 .
– مشروع تدويل القدس :
أحيلت قضية القدس إلى الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية ، فأصدرت الهيئة الدولية قرارها في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 بتدويل القدس .
– إنهاء الانتداب البريطاني :
في عام 1948 أعلنت بريطانيا إنهاء الانتداب في فلسطين وسحب قواتها ، فاستغلت العصابات الصهيونية حالة الفراغ السياسي والعسكري وأعلنت قيام الدولة الإسرائيلية . وفي 3 ديسمبر/ كانون الأول 1948 أعلن ديفيد بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل أن القدس الغربية عاصمة للدولة الإسرائيلية الوليدة ، في حين خضعت القدس الشرقية للسيادة الأردنية حتى هزيمة يونيو/ حزيران 1967 التي أسفرت عن ضم القدس بأكملها لسلطة الاحتلال الإسرائيلي .
– المصادر :
– مصطفى مراد دباغ ، بلادنا فلسطين .
– القدس .. قصة مدينة ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس ، ط1 ، ص 24 والعسلي ، الموسوعة الفلسطينية ، المجلد ، ص 813 .
– التغيرات الجغرافية والديمغرافية، مركز دراسات المستقبل، جامعة أسيوط ، 1996 ، ص 833 .
– التكوين التاريخي لفلسطين، التقرير الأسبوعي “قضايا دولية”، العدد 261، 2/1/1995 .
– موقع منظمة التحرير الفلسطينية على الإنترنت .
– الموسوعة الفلسطينية، المجلد الثالث ، القدس .
قدمت لكم موجز عن الحقب الزمنية التاريخية التي مرت بها القدس حسب الوقت .. ولكن تاريخها زاخر لا يسعه مجلدات وما مرت عليه من مذابح و مجازر وصل الدم فيها للركب ايام الحملات الصليبية .. و في كل الغارات والحروب من كافة الامم .. و ما زالت ترضخ تحت الذل والهوان ولكن بفضل الله تعالى ثم بفضل سكانها لم ولن ينالوا مرادهم بإذن المولى عز وجل .
عيوننا إليك ترحل كل يوم ترحل كل يوم ياقدس
صور قديمة أيام العرب الذين كانوا يتوافدون للقدس
مدينة القدس القديمة والتناحر والتنازع عليها
مسجد قبة الصخرة الذي يقع ضمن ساحة المسجد الأقصى
تمت والحمد لله رب العالمين