القدرات الرحمانية في الحب

 

محاضرة : القدرات الرحمانية في الحب

– المحاضر : إبريز العاشقين في بلاد الشام المهندسة د. سارة الجعبري

– المحاضرة : نصية

– قدمت في : 2020 / قناة الحب الإلهي المجددي الكمالي

بسم الله الرحمن الرحيم والحمدُ لله ربّ العالمين الذي جَعلَ لَنا في بِحورِ الحُب قطراتٍ رَحمَ رُوحنا بها  ..

تلك التي القطرات التي غُرفت من البَحر الشاسع ..

معلّمنا الحب .. بشارة رسول الحب .. الشيخ د. هانيبال يوسف حرب حفظه الله تعالى .

الذي تميلُ كَلماتنا خَجِلة أمامَ كَلامِه العذب الأنيق .. مُخمليّ المَقام ..

والذي نحنُ ببركتهِ اليَوم نشرق جميعا وتحتَ إشرافه .. 

فأهلا بكم جميعا في أمسية خاصّة ضِمن مهرجان القُدراتِ النورانية ، حيث نفتحُ معا باباً مِن أبوابِ الحُبّ فيه ..

 

سنتعرّف في هذه المحاضرة على بعضِ القُدرات التي يُعطيها التجلّي الرّحماني في عالم الحُب .

فنغنم بمعرفةٍ توسعُ آفاقنا في الحب .. رحمة منه ..

فبسم الله الرحمن الرحيم .. نبدأ :

1- قدرة الجعل الودّي :

يقول الله تعالى في سورة مريم ، الآية (96) : ( إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً ) .

فمن خلال الترجمان نرى أن المحبّين الذين صدّقوا حقيقةً بالحب وعملوا لأجل حبيبهم الصالحات كي يزدادوا حباً إلى حب ، أن الحبيب تعالى من كونه الرحمن سيجعل لهم وداً ، وفي ذلك نقول :

قدرة الجعل الودي هي قدرة رحمانية ، حيث قال : سيجعل لهم ( الرحمن .. )

–  من قدرات الرحمانية في عالم الحب أن الرحمن جلّ وعلا ( يجعل للعبد المحب وداً ) .

–  إذا فالعبد المحبّ إذا جُعل له وداً ، فهو في حياض حب من الحضرة الرحمانية .

–  فعيشه يكون بهذا التجلي رحماني ، وله من ثمار الرحمة .

كيف تنعم بهذه القدرة  ؟

بـ :

الإيمان بالحبيب وتصديق حبه غيباً + أعمال حبّ صالحة ( كل عمل يقرّبك إلى حبه )

هما معا مفتاح للعبد المحب لتنفتح له  قدرة الجعل الودي .

2- قدرة إخشاع الأصوات :

يقول الله تعالى في سورة طه ، الآية (108) : ( يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً ) .

القدرة الرحمانية هنا في العالم الصوتي .

فالاسم الرحمن تعالى سطوة على عالم الأصوات ؛ بحيث في يوم الحبّ العظيم تخشع أصوات المحبين في حضرته ، فللرحمن جلّ وعلا سطوةٌ مهيبة تتجلى على الأصوات التي اعتادت ذكره بحب .. فتنخفض إجلالا في حضرته ..

فكما وقد كانت في حياتها تذكره بحبّ حقيقيّ فتخشع في ذكرها على إثر ذلك الحب .. تخشع أمام اسم حبيبها من شدّة الحب ..

فإنها اليوم تظهر على تلك الحقيقة ..

 فتخشع من عظم المحبوب ..

 فالصوت منها همس ..

إذاً :

– فقدرة إخشاع الصوت قدرة رحمانية ، حيث قال تعالى : ( وخشعت الأصوات للرحمن ) .

– من القدرات الرحمانية في عالم الحبّ أن الرحمن له سطوة على المحبّ في حضرة ذكره  .. فيذكره المحب همساً .

– فالذكر الهامس إثر الخشوع هو من الحضرة الرحمانية .

– فإن وقع المحبّ في هذا الحال  فهو في تجلّ رحمانيّ ، وله من ثمار الرحمة .

وقد قال الله تعالى في سورة الأنبياء : ( وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ (٣٦) ) .

فمن لم يذكر الرحمن تعالى بحبّ صادق الوقع ، حقيقيّ .. وُصفوا بأنهم من الذين كفروا .

فذكر الرحمن ذكرٌ خاصّ بالمحبين من أحبّوا فآمن القلب بحبيبه .. امتلئ القلب بحبه .. ففاض على اللسان ذكره .

وقد قال الله تعالى في سورة الأنبياء : ( وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ (٢٦) لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) ) .

فنرى تلك القدرة الرحمانية على عباد الرحمن في عالم الأصوات :

فلا يسبقونه بالقول إثر الحب الرحماني الذي تجلى به على قلوبهم فخشعت أصواتهم وأقوالهم في حضرته التي تسلب الصوت علوّه .. بل تنحني الأوتار والمعبّرات الترجمانية في حضرة رحمانيته وجلة ..

فهم من خشيته مشفقون ..

فتلك الأحوال على العباد تعني أن العبد له قلب أحبّ الرحمن .. فذكره بحبّ ..

قلنا : ذكر الرحمن له سطوة على عالم أصوات المحبّ .. فرأيناه يخشع إذ ذكر ..

لكن !

إذا لم يذكر القلب حبّ الحضرة الرحمانية .. ؟!

قال تعالى : ( قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُّعْرِضُونَ ) .

فإن لم يحب القلب الرحمن فذكره .. فإنه يقع في حياض قدرة أخرى جلالية :

3- قدرات اسمه الرحمن الجلالية :

وفي عين الحبّ التي نرى بها اليوم ..

فإنّ هذا الجلال له في الحبّ سورة ..

فإنّ الجلال النازل بأقدار من لا يذكرون الرحمن هو انتصار للحبّ في تلك القلوب التي خضعت لجلال جمال تجليه ..

كما أن الجلال النازل على أقدار الخالين من الحب .. هي في عين الحبّ إعلان عن عظمة الحضرة الرحمانية في الحب ..

فإما الحبّ فتنعم .. وإما اللا حبّ فتتعذّب .

ومن القدرات الرحمانية بوجهها الجلالي لمن يترك ذكر الرحمن ويغفل عنه أن يُقيَّض له شيطان فهو له قرين :

يقول الله تعالى في سورة الزخرف : ( وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ (٣٧) ) .

– فإن ترك العبد حبّ الرحمن  فما ذكر حبيبه ، قُيّض له  شيطان عدوّ للحب  والمحبين ، فكأننا نفهم أنه سيزداد في أبعاد الكراهية والبعد عن عالم الحب .. إلى سبيل آخر .

– حيث أن هذا الشيطان ليصدّنه عن سبيل الحب ، فلا يجد لعالم الحبّ في قلبه طريقا يسير فيه فيناله من النعيم ..

ولا يعرف عن الحبّ فيبدأ في السير على دروبه لعلّ سرّه يصل لحقيقة الحبّ فينجو .. لا .. إنما الصدّ عن سبيل الحب هو بحدّ ذاته بداية السبيل نحو الهاوية ..

– ونعرف هنا أن من لا يذكر قلبه عشقا ربه الرحمن ، ثم جاءنا يدّعي الحبّ .. فما هو إلا واهمٌ يحسب أنّه إلى الحبّ قد اهتدى ..

( وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ) ..

 فذكر الرحمن علّم قلب الإنسان الحب والهيام ..

فإن تركت الذكر .. تركت طريق الحبّ .

(وتلك في الحبّ الرحماني .. قدرة كشفية ) .

إذاً فالسير في سبيل الحبّ فمعرفته ومقاماته وأحواله والنيل من عطاءاته .. يوجب عليك ذكر الرحمن حبّا له ..

(( تنويه هام )) :

وننوّه هنا بأننا لا نعطي ذكرا لتذكروه ، فالذكر له أذونه الخاصة .. ونحن اليوم في رحاب المعرفة والعلم فقط ، فذكرك ما يعطيه لك شيخك ، وهو من يأذن لك .. فتنبّهوا .

4- قدرة التعليم حباً :

يقول الله تعالى في سورة الرحمن ، الآية (1 و 2 ) : ( الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) ) .

فإذا المحب دخل جنان الرحمن تعلّم عشقاً وحباً مالم يعلمه البعيد من الإنسان .

فالرحمن تعالى علم القرءان ..

والقرءان كتاب الحب العظيم الذي هو معجزة الحبيب ..

إذا فمن دخل تحت حياض محبته .. علّمه دستور حبه ..

فالرحمن تعالى يعلّم المحبّ من القرءان الكريم عن الحب .. من الوجه الرحماني .

وتلك للمحبّ غنيمة :

حيث بتجلي الرحمن تعالى على قلبه يقع في حياض قدرة تفتح له من الأسرار في الحب وفهومه بما لا يمكن أن  نحصيه .

فهو بذلك أمام باب علمٍ عن الحبّ كبير مُعجز ، هو له بمثابة باب من أبواب الجنة .

المحب .. يتعلم .. والتعلم في حقه رحمة ..

( حب وعلم )

تلك عين الرحمة  للذات .

وكما أنّ هذه القدرة على العبد تسير به على طريق المحبين .

فما اتّخذ الله ولياً جاهلاً قط ولو اتّخذه لعلّمه .

فالعلم أساس في المحب .. وهذه القدرة الرحمانية ( التعليم ) كقلمٍ يخطّك في كتاب أحباب الله تعالى ..

لتبدأ رحلتك نحوه حتى تهيم .. فتفنى به ..

كما وأن هذه القدرة الرحمانية في الحب .. تخرجك من اللعنة ..

فالدنيا ملعونة ملعون ما فيها ، إلا ذكر وما والاه وعالِم و ( متعلّم ) .

فإذا كان المتعلّم خارج عن اللعنة ، فكيف بمن هو متعلّم عن حبّه .. !

حيث نستطيع أن نقول أنّها قدرة مُنجية للقلب من اللّعن والخروج من دائرة حبه الرحماني .

يقول الله تعالى : ( عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) ) .

وفي القدرة الرحمانية في الحب ( التعليم حباً ) .. علّمه البيان .

فما قد يكون من ذلك في الحب ؟

نقول أنّ هذه القدرة تفتح في ذات المحبّ باب معارف في البيان :

–  كتبيّنه الصور المحبة من غيرها .

–  تبيّنه لمراسم الحب في الوجود .. فيقيمها .

–  تبيّنه لمنصات الحب فيعتليها ..

–  تبيّنه لسور الحب الباطنة في صورها .. فيتأدب معها ..

–  تبيّنه لرسائل الحب المسطورة في الدستور الذي تعلّمه .. فيتبعها .. ويعمل بها ..

وذلك على سبيل المثال لا الحصر .

رحم الله تعالى ذواتنا .. بحبه الذي لا يضر معه  ذنب ..

وأيّد أرواحنا العاشقة بقدرات حبّه .. رحمة منه ..

فما تناغمت العيون معه اليوم بعضاً من القدرات الرحمانية في الحب ..

وما أوسع رحمته .. وما أوسع حبّه !

وكان ذلك دعاؤنا لكم في الختام ..

وفي أيام المهرجان ..

فشكراً لحضوركم الذي يزيّن المهرجان  بنور على نور ..

وشكراً لمتابعتكم الطيبة .

ومسك الختام .. شكرٌ لمن سرت محبته فيما علّمنا وعرّفنا عن الحب ..

لمن يظهر بنُبلٍ فريد .. وخصوصية عريقة أنيقة .. يتعلم منه الكون كيف يحب ..

بشارة الحبيب عليه الصلاة والسلام .. سماحة المحبّ الشيخ د.هانيبال يوسف حرب حفظه الله تعالى وزاده حباً و وفيه تبحّراً .


تمت والحمد لله رب العالمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى