الصحبة والطريق إلى الله تعالى

ومضات من مقام الصحبة في علوم السلوك إلى الله تعالى

– المحاضرة : الصحبة والطريق إلى الله تعالى

– المحاضر : أ. أحمد حسني

– المحاضرة : نصية

– قدمت في : أكاديمية FG – Group الأمريكية


بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

اللهم لا سهل إلا ماجعلته سهلا

إنك تجعل الحزن إذا شئت سهلاً سهلا

لا تكلنا لأتفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك

رحمتك نرجوا .. إن ربك هو الفتاح العليم

سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب .. وبعد :



بالبداية اشكر سماحة المؤسس الحكيم علامة الديار الشامية الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب حفظه الله تعالى على الفيض العلمي النوراني ..

واشكر كل القائمين على مهرجان علوم القدرات النورانية بدورته الثانية جزاكم الله كل خير على المجهود الرائع الذي تقدمونه .



إن للصحبة أثراً عميقاً في شخصية المرء وأخلاقه وسلوكه، والصاحب يكتسب صفات صاحبه بالتأثر الروحي والاقتداء العملي

والإنسان اجتماعي بالطبع لا بد أن يخالط الناس ويكون له منهم أخلاء وأصدقاء ؛ فإن اختارهم من أهل الفساد والشر والفسوق والمجون انحدرت أخلاقه ، وانحطت صفاته تدريجياً دون أن يشعر ، حتى يصل إلى حضيضهم ويهوي إلى دركهم .

أما إذا اختار صحبة أهل الإيمان والتقوى والاستقامة والمعرفة بالله تعالى فلا يلبث أن يرتفع إلى أوج علاهم ، ويكتسب منهم الخُلق القويم ، والإيمان الراسخ ، والصفات العالية ، والمعارف الإلهية ، ويتحرر من عيوب نفسه ، ورعونات خُلُقِهِ . ولهذا تُعرف أخلاق الرجل بمعرفة أصحابه وجلسائه .

وما نال الصحابة رضوان الله عليهم هذا المقام السامي والدرجة الرفيعة بعد أن كانوا في ظلمات الجاهلية إلا بمصاحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومجالستهم له . وما أحرز .

وبما أن رسالة سيدنا محمد عليه السلام عامة خالدة إلى قيام الساعة ، فإن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وُرّاثاً من العلماء العارفين بالله تعالى ، ورثوا عن نبيهم العلم والخُلق والإيمان والتقوى ، فكانوا خلفاء عنه في الهداية والإرشاد والدعوة إلى الله ، يقتبسون من نوره ليضيؤوا للإنسانية طريق الحق والرشاد ، فمَنْ جالسهم سرى إليه من حالهم الذي اقتبسوه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومَنْ نصرهم فقد نصر الدين ، ومن ربط حبله بحبالهم فقد اتصل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

ومن استقى من هدايتهم وإرشادهم فقد استقى من نبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

هؤلاء الوراث هم الذين ينقلون للناس الدين ، مُمَثَّلاً في سلوكهم ، حيَّاً في أحوالهم ، واضحاً في حركاتهم وسكناتهم ، هم من الذين عناهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : ” لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك “ . [ أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الإمارة ، وأخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة بلفظ آخر ، وأخرجه الترمذي في كتاب الفتن ، وابن ماجه في كتاب السنة ] .

لا ينقطع أثرهم على مر الزمان ، ولا يخلو منهم قطر .

وهؤلاء الوراث المرشدون صحبتهم ترياق مجرب ، والبعد عنهم سم قاتل ، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ؛ مرافقتهم هي العلاج العملي الفعَّال لإصلاح النفوس ، وتهذيب الأخلاق ، وغرس العقيدة ، ورسوخ الإيمان ، لأن هذه أُمور لا تُنال بقراءة الكتب ، ومطالعة الكراريس ، إنما هي خصال عملية وجدانية ، تُقتبس بالاقتداء ، وتُنال بالاستقاء القلبي والتأثر الروحي .

ومن ناحية أخرى ، فكل إنسان لا يخلو من أمراض قلبية ، وعلل خفية لا يدركها بنفسه ، كالرياء والنفاق والغرور والحسد ، والأنانية وحب الشهرة والظهور ، والعجب والكبر والبخل .. بل قد يعتقد أنه أكمل الناس خُلقاً ، وأقومهم ديناً ، وهذا هو الجهل المركب ، والضلال المبين .

قال تعالى :

{ قُلْ هل نُنَبِّئُكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنَّهم يُحسنون صنعاً } [ الكهف: 103ـ104 ] .

فكما أن المرء لا يرى عيوب وجهه إلا بمرآة صافية مستوية ، تكشف له عن حقيقة حاله ، فكذلك لا بد للمؤمن من أخ مؤمن مخلص ناصح صادق ، أحسن منه حالاً ، وأقوم خُلقاً ، وأقوى إيماناً ، يصاحبه ويلازمه ، فيريه عيوبه النفسية ، ويكشف له عن خفايا أمراضه القلبية إما بقاله أو بحاله .

ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ” المؤمنُ مِرآةُ المؤمن “ . [ رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه . ورواه البخاري في ” الأدب المفرد ” وقال الزين العراقي : إسناده حسن  . ” فيض القدير ” ج6/ص252 ] .

وعلينا أن نلاحظ أن المرايا أنواع وأشكال ؛ فمنها الصافية المستوية ، ومنها الجرباء التي تُشوِّهُ جمال الوجه ، ومنها التي تُكبِّر أو تُصغِّر .

وهكذا الأصحاب ؛ فمنهم الذي لا يريك نفسك على حقيقتها ، فيمدحك حتى تظن في نفسك الكمال ، ويُدخل عليك الغرور والعجب ، أو يذمك حتى تيأس وتقنط من إصلاح نفسك . أما المؤمن الكامل فهو المرشد الصادق الذي صقلت مرآته بصحبة مرشد كامل ، ورث عن مرشد قبله وهكذا حتى يتصل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو المرآة التي جعلها الله تعالى المثل الأعلى للإنسانية الفاضلة ؛ قال تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أُسوةٌ حسنةٌ لِمَنْ كان يرجو الله واليومَ الآخرَ وذكرَ اللهَ كثيراً } [ الأحزاب : 21 ] .

فالطريق العملي الموصل لتزكية النفوس والتحلي بالكمالات الخلقية هو صحبة الوارث المحمدي والمرشد الصادق الذي تزداد بصحبته إيماناً وتقوىً وأخلاقاً ، وتشفى بملازمته وحضور مجالسه من أمراضك القلبية وعيوبك النفسية ، وتتأثر شخصيتك بشخصيته التي هي صورة عن الشخصية المثالية ، شخصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

ومن هنا يتبين خطأ من يظن أنه يستطيع بنفسه أن يعالج أمراضه القلبية ، وأن يتخلص من علله النفسية بمجرد قراءة القرآن الكريم ، والاطلاع على أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .

وذلك لأن الكتاب والسنة قد جمعا أنواع الأدوية لمختلف العلل النفسية والقلبية ، فلا بد معهما من طبيب يصف لكل داء دواؤه ولكل علة علاجها [ تسرع بعض القراء ففهم هذه العبارة على غير مرادها ، وظن أننا نقصنا من أهمية القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، وزهَّدنا في تلاوتهما ، والحقيقة أن رجال التصوف هم أكثر الناس تعظيماً لهما وتمسكاً بهما . ففي عبارة : ( بمجرد قراءة القرآن الكريم .. ) بيان إلى أنه لا يكفي الاقتصار على قراءة القرآن الكريم والسنة الشريفة بل لا بد أيضاً من الفهم والعمل ، ومن المعلوم أن الكتاب والسنة يدعوان للصحبة الصالحة

كما سنوضحه في محاضرة اليوم ( الدليل على أهمية الصحبة من الكتاب والسنة ) .

وفي عبارة  : ( فلا بد معهما .. ) تصريح واضح بلزوم قراءة القرآن الكريم والسنة الشريفة ، ثم يضاف إلى ذلك صحبة المرشدين الذين يزكون النفوس ويحضون الناس على قراءة وتطبيق الكتاب والسنة  ] .

فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يطبب قلوب الصحابة ويزكي نفوسهم بحاله وقاله .

فمن ذلك ما حدث مع الصحابي الجليل أُبيّ بن كعب رضي الله عنه قال : ” كنت في المسجد ، فدخل رجل فصلى ، فقرأ قراءة أنكرتها عليه ، ثم دخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه ، فلما قضيا الصلاة دخلنا جميعاً على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقلت : إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ، فدخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه . فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقرآ ، فحَسَّنَ النبي شأنهما ، فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية ، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري ، ففضت عرقاً ، وكأني أنظر إلى الله عز وجل فَرَقاً ” . [ أخرجه مسلم في صحيحه في باب بيان القرآن على سبعة أحرف ] .

ولهذا لم يستطع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يطببوا نفوسهم بمجرد قراءة القرآن الكريم ، ولكنهم لازموا مستشفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فكان هو المزكي لهم والمشرف على تربيتهم كما وصفه الله تعالى بقوله : { هو الذي بعثَ في الأمّيّين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويُزكّيهم ويُعلّمهم الكتابَ والحِكمةَ } [ الجمعة : 2 ] .

فالتزكية شيء ، وتعليم القرآن شيء آخر ، إذ المراد من قوله تعالى : { يزكيهم } يعطيهم حالة التزكية ، ففرقٌ كبير بين علم التزكية وحالة التزكية كما هو الفرق بين علم الصحة وحالة الصحة ، والجمع بينهما هو الكمال .

وكم نسمع عن أناس متحيرين يقرؤون القرآن الكريم ، ويطلعون على العلوم الإسلامية الكثيرة ، ويتحدثون عن الوساوس الشيطانية ، وهم مع ذلك لا يستطيعون أن يتخلصوا منها في صلاتهم ! .

فإذا ثبت في الطب الحديث أن الإنسان لا يستطيع أن يطبب نفسه بنفسه ولو قرأ كتب الطب ، بل لا بد له من طبيب يكشف خفايا علله ، ويطلع على ما عمي عليه من دقائق مرضه ، فإن الأمراض القلبية ، والعلل النفسية أشد احتياجاً للطبيب المزكي ، لأنها أعظم خطراً ، وأشد خفاء وأكثر دقة .

ولهذا كان من المفيد عملياً تزكية النفس والتخلص من عللها على يد مرشد كامل مأذون بالإرشاد ، قد ورث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العلم والتقوى وأهلية التزكية والتوجيه .

وها نحن نورد لكم يااحبابى :

 من كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن أقوال علماء الشريعة من المحدثين ، والفقهاء ، والهداة المرشدين العارفين بالله ما يثبت أهمية صحبة الدالين على الله الوارثين عن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وما في ذلك من الآثار الحسنة ، والنتائج الطيبة .

1- قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللهَ وكُونوا معَ الصادقين } [ التوبة : 119 ] .

 والصادقون : هم الصفوة من المؤمنين الذين عناهم الله بقوله  : { مِنَ المؤمنين رِجال صَدَقوا ما عاهدوا اللهَ عيهِ } [ الأحزاب : 23 ] .

2- قال تعالى : { واصبر نفسك مع الذينَ يدعون ربَّهم بالغداةِ والعشيِّ يُريدونَ وجهَهُ ولا تَعْدُ عيناك عنهُم تُريد زينةَ الحياةِ الدنيا ولا تُطِعْ مَنْ أغفلنا قلبَه عن ذكرنا واتَّبَعَ هواهُ وكان أمرُه فُرُطاً } [ الكهف : 28 ] .

الخطاب هنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قبيل تعليم أُمته وإِرشادها .

3- قال تعالى : { واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ } [ لقمان : 15 ] . أناب : رجع .

4- قال تعالى : { ويوم يعضُّ الظالمُ على يديهِ يقولُ يا ليتني اتَّخذتُ مع الرسولِ سبيلاً  . يا ويلتى ليتني لم أتَّخِذْ فلاناً خليلاً .  لقد أضلَّني عن الذكر بعدَ إذ جاءَني وكان الشيطان للإنسان خذولاً } [ الفرقان : 27 -29 ] .

6- قال تعالى : { ثم استوى على العرشِ الرحمنُ فاسألْ به خبيراً } [ الفرقان : 59 ] .

7- قال تعالى حاكياً على لسان سيدنا موسى عليه السلام حين التقى بالخَضِر عليه السلام بعد عزم صادق ، وعناء طويل ، وسفر شاق  : { هل أتَّبِعُك على أنْ تُعلِّمَنِ مما عُلِّمْتَ رُشداً  . قال إنَّك لن تستطيع معيَ صبراً } [ الكهف : 66 -67 ] .

– الدليل على أهمية الصحبة من الأحاديث الشريفة :

1- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ” إنما مَثَلُ الجليسِ الصالح وجليسِ السوءِ كحاملِ المسكِ ، ونافخ الكير ، فحاملُ المسكِ إما أن يُحْذِيَكَ ( يعطيك ) وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ، ونافخُ الكيرِ إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد فيه ريحاً منتنة ) “ . [ رواه البخاري في صحيحه في كتاب الذبائح ومسلم في كتاب البر والصلة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ] .



– الدليل على أهمية الصحبة من القرآن الكريم :

2- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قيل : يا رسول الله أيُّ جلسائنا خير؟ قال : ” مَنْ ذكَّركُم الله رؤيتُهُ ، وزاد في علمكم مَنْطقُه ، وذكَّركم في الآخرة عملُه ” . [ رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح كما في “مجمع الزوائد” ج10/ص226 ] .

4- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ” إن من عباد الله لأناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله ، قالوا : يا رسول الله فخبِّرنا من هم؟ قال : هم قوم تحابُّوا برُوح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها ، فوالله إن وجوههم لنور ، وإنهم لعلى نور ، ولا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس ، وقرأ هذه الآية : { ألا إنَّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون } [ يونس : 62 ] [ رواه أبو داود ] .

5- عن أبي ذر رضي الله عنه قلت : يا رسول الله ؛ الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل عملهم؟ قال : ” أنت يا أبا ذر مع من أحببت ” ️. [ رواه أبو داود ] .

6- عن حنظلة رضي الله عنه قال : ” لقيني أبو بكر رضي الله عنه ، فقال : كيف أنت يا حنظلة ؟ قلتُ : نافق حنظلة . قال : سبحان الله ، ما تقول؟! قلت : نكون عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُذكِّرنا بالجنة والنار كأنَّا رأي عين ، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً . قال أبو بكر رضي الله عنه : ” فو الله إنا لنلقى مثل هذا ” . فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقلت : نافق حنظلة يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ” وما ذاك؟ ” قلت : يا رسول الله نكون عندك تذكِّرنا بالنار والجنة كأنَّا رأي العين ، فإذا خرجنا من عندك عافَسْنَا الأزواج والضيعات ، نسينا كثيراً . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ” والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فُرُشِكم وفي طُرُقِكم ، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة – ثلاث مرات ـ “ . [ رواه مسلم في صحيحه في كتاب التوبة ] .

ومعنى عافسنا : عالجنا ولاعبنا ؛ والضيعات : جمع ضيعة وهو معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة .

إن هذه الأحاديث السالفة الذكر وكثيراً غيرها تبين بمجموعها أهمية الصحبة ، وأثرها في النفوس ، وأنها السبيل العملي للإصلاح والتربية . ولا سيما حديث حنظلة الذي يُظهر بوضوح كيف كانت مجالسة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تشع في القلوب أنوار اليقين ، وتُزكي في النفوس جذوة الإيمان ، وترتفع بالأرواح إلى مستوى ملائكي أقدس ، وتطهِّر القلوب من أدران المادة ، وتسمو بالإيمان إلى مستوى المراقبة والشهود .

وهكذا مجالسة وُرَّاث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحبتُهم ، تُزَكِّي النفوس ، وتزيد الإيمان ، وتوقظ القلوب وتذكر بالله تعالى . والبعدُ عنهم يورث الغفلة ، وانشغال القلب بالدنيا ، وميله إلى متع الحياة الزائلة .

 

– أقوال الفقهاء والمحدثين في أهمية الصحبة وآدابها  :

– ابن حجر الهيثمي :

يقول الشيخ الفقيه المحدث أحمد شهابُ الدين بن حجر الهيثمي المكي في كتابه ” الفتاوى الحديثية ” : ( والحاصل أن الأوْلى بالسالك قبل الوصول إلى هذه المعارف أن يكون مديماً لما يأمره به أستاذه الجامع لطرفي الشريعة والحقيقة ، فإنه هو الطبيب الأعظم ، فبمقتضى معارفه الذوقية وحكمه الربانية ، يُعطي كل بدن ونَفْسٍ ما يراه هو اللائق بشفائها والمصلح لغذائها ) . [ ” الفتاوى الحديثية ” ص55 للمحدث أحمد بن حجر الهيثمي المكي توفي سنة 974هـ ] .

 

– الإمام فخر الدين الرازي :

قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره المشهور عند تفسيره سورة الفاتحة : ( الباب الثالث في الأسرار العقلية المستنبطة من هذه السورة ( الفاتحة ) فيه مسائل .. اللطيفة الثالثة : قال بعضهم : إنه لما قال : { اهدنا الصراط المستقيمَ } لم يقتصر عليه بل قال : { صراطَ الذينَ أنعمتَ عليهم } [ الفاتحة :7  ] وهذا يدل على أن المريد لا سبيل له إلى الوصول إلى مقامات الهداية والمكاشفة إلا إذا اقتدى بشيخ يهديه إلى سواء السبيل ، ويجنبه عن مواقع الأغاليط والأضاليل ، وذلك لأن النقص غالب على أكثر الخلق ، وعقولهم غير وافية بإدراك الحق وتمييز الصواب عن الغلط ، فلا بد من كامل يقتدي به الناقص حتى يتقوى عقل ذلك الناقص بنور عقل الكامل ، فحينئذ يصل إلى مدارج السعادات ومعارج الكمالات ) . [ ” تفسير مفاتيح الغيب ” المشتهر بالتفسير الكبير للإمام فخر الدين الرازي ج1/ص142 ] .

 

– الشيخ إبراهيم الباجوري :

قال شيخ الإسلام إبراهيم الباجوري الشافعي عند شرحه كلام الشيخ إبراهيم اللقاني صاحب ” جوهرة التوحيد ” :

وكنْ كما كان خيارُ الخلقِ *** حليفَ حِلم تابعاً للحق

( أي كن متصفاً بأخلاقٍ مثل الأخلاق التي كان عليها خيار الخلق … إلى أن قال : وإذا كانت المجاهدة على يد شيخ من العارفين كانت أنفع ، لقولهم : حال رجل في ألف رجل أنفع من وعظ ألف رجل في رجل . فينبغي للشخص أن يلزم شيخاً عارفاً على الكتاب والسنة ، بأن يزنه قبل الأخذ عنه فإن وجده على الكتاب والسنة لازمه ، وتأدب معه ، فعساه يكتسب من حاله ما يكون به صفاء باطنه ، والله يتولى هداه ) . [ ” شرح الجوهرة ” للباجوري ص133 . والشيخ إبراهيم الباجوري شيخ الأزهر في عصره وهو من العلماء الأعلام ومن المحققين في المذهب الشافعي توفي عام 1277هـ ] .

 

– ابن أبي جمرة  :  

شرح الإمام الحافظ المحدِّثُ الورع أبو محمد عبد الله بن أبي جمرة الأزدي الأندلسي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فاستأذنه في الجهاد فقال : ” أحَيٍّ والداك ؟ ” قال : نعم ، قال : ففيهما فجاهد )

وبعد أن شرحه بيَّن عشرة وجوه له ، قال في الوجه العاشر :

( فيه دليل على أن الدخول في السلوك والمجاهدات ، السُّنَّةُ فيه أن يكون على يد عارف به ، فيرشد إلى ما هو الأصلح فيه ، والأسدُّ بالنسبة إلى حال السالك لأن هذا الصحابي رضي الله عنه لما أن أراد الخروج إلى الجهاد لم يستبد برأي نفسه في ذلك حتى استشار من هو أعلم منه وأعرف ، هذا ما هو في الجهاد الأصغر فكيف به في الجهاد الأكبر؟! ) . [ ” بهجة النفوس ” شرح مختصر صحيح البخاري لابن أبي جمرة المتوفى سنة 699هـ . ج3/ص146 ] .

 

– ابن قيم الجوزية :

قال الحافظ أبو عبد الله محمد الشهير بابن القيم : ( فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل ، فلينظر هل هو من أهل الذكر أو من الغافلين ، وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي ؟ . فإذا كان الحاكم عليه هو الهوى ، وهو من أهل الغفلة كان أمره فُرطا .. إلى أن قال : فينبغي للرجل أن ينظر في شيخه وقدوته ومتبوعه ، فإن وجده كذلك فليبعد منه ، وإن وجده ممن غلب عليه ذكر الله تعالى ، واتباع السنة ، وأمرُه غير مفروط عليه ، بل هو حازم في أمره ، فليستمسك بغَرْزه ) . [ ” الوابل الصيب من الكلم الطيب ” ص53 لابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751هـ ] .

 

– عبد الواحد بن عاشر :

قال الفقيه المالكي عبد الواحد بن عاشر في منظومة العقائد وعبادات فقه مالك المسماة ” المرشد المَعين “ مبيناً ضرورة صحبة الشيخ المرشد وما تنتج من آثار طيبة :

يصحــبُ شيخاً عارفَ المسالك 💎 يَقيهِ في طريقِهِ المَهَالِكْ

يُــــــــــــــــــــــذَكِّرُهُ الله إذا رآهُ 💎 ويــوصلُ العبدَ إلى مولاهُ

يُحاسبُ النفسَ على الأنفاسِ 💎 ويَزِنُ الخاطرَ بالقِسْطَاسِ

ويحفظُ المفروضَ رأسَ المـــالِ 💎 والنَّفلَ ربْحَهُ بـــــه يوالي

ويُكثرُ الذكـــرَ بصفــــــــــــوِ لُبِّهِ 💎 والعونُ في جميعِ ذا بِرَبِّه

يجـــــاهدُ النفْسَ لربِّ العالمينْ 💎 ويَتَحلَّى بمقامــاتِ اليقينْ

يَصيرُ عند ذاكَ عـــــــــــــارفاً بهِ 💎 حُرَّاً ، وغيرُهُ خَلاَ مِـنْ قلبِه

فحَبَّه الإلــــــــــــــــهُ واصطفاهُ 💎 لحضرةِ القــدُّوسِ واجْتَباهُ

قال شارح هذه المنظومة الشيخ محمد بن يوسف المعروف بالكافي في كتابه ” النور المبين على المرشد المعين ” :

( إن من نتائج صحبة الشيخ السالك ، ما يحصل لمريده من أنه يذكِّرهُ الله ؛ أي يكون سبباً قوياً في ذكر المريد ربه إذا رأى الشيخ لِمَا عليه من المهابة التي ألبسه الله إياها ، ويشهد لذلك ما أخرجه الحاكم عن أنس رضي الله عنه ( أفضلكم الذين إذا رُؤوا ذُكِرَ الله تعالى لرؤيتهم ) .

ومن ثمرة صحبة هذا الشيخ السالك أيضاً أنه يوصل العبد إلى مولاه بسبب ما يريه من عيوب نفسه ، ونصحه بالهروب من غير الله إلى الله تعالى ، فلا يرى لنفسه ولا لمخلوقٍ نفعاً ولا ضراً ، ولا يركن لمخلوقٍ في دفعٍ أو جلب ، بل يرى جميع الانقلابات والتصرفات في الحركات والسكنات لله تعالى ، وهذا معنى الوصول إلى الله تعالى .

ففائدة الشيخ مع المريد هي إظهار العيوب القاطعة عن الله تعالى للمريد ، فيشخصها له ، ويريه دواءها ، ولا يتم هذا إلا مع مريد صادق ألقى مقاليد نفسه لشيخه ، وألزم نفسه ألاَّ يكتم خاطراً ما عن شيخه ، وأما إذا كتمه ولو واحداً فلا ينتفع بشيخه البتة ) . [ ” النور المبين على المرشد المعين ” ص178 ] .

 

– الطيبي صاحب ” حاشية الكشاف ” :

قال الطيبي : ( لا ينبغي للعالم – ولو تَبَحَّر في العلم حتى صار واحدَ أهل زمانه – أن يقتنع بما عَلمه ، وإنما الواجب عليه الاجتماع بأهل الطريق ليدلوه على الطريق المستقيم ، حتى يكون ممن يحدثهم الحق في سرائرهم من شدة صفاء باطنهم ، ويُخَلَّصَ من الأدناس ، وأن يجتنب ما شاب علمه من كدورات الهوى وحظوظ نفسه الأمارة بالسوء ، حتى يستعد لفيضان العلوم اللدنية على قلبه ، والاقتباس من مشكاة أنوار النبوة ؛ ولا يتيسر ذلك عادة إلا على يد شيخ كامل عالم بعلاج أمراض النفوس ، وتطهيرها من النجاسات المعنوية ، وحكمة معاملاتها علماً وذوقاً ، لِيُخرجه من رعونات نفسه الأمَّارة بالسوء ودسائسها الخفية . فقد أجمع أهل الطريق على وجوب اتخاذ الإنسان شيخاً له ، يرشده إلى زوال تلك الصفات التي تمنعه من دخول حضرة الله بقلبه ، ليصح حضوره وخشوعه في سائر العبادات ، من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ولا شك أن علاج أمراض الباطن واجب ، فيجب على كل من غلبت عليه الأمراض أن يطلب شيخاً يُخرِجه من كل ورطة ، وإن لم يجد في بلده أو إقليمه وجب عليه السفر إليه ) . [ ” تنوير القلوب ” للعلامة الشيخ أمين الكردي الشافعي ص44 – 45 ] .

 

– أقوال العارفين بالله من رجال التصوف في فائدة الصحبة وآدابها :

إن السادة الصوفية هم أحرص الناس على حياة تعبدية خالصة ، تقوم أُسُسها على السمع والطاعة ، والإذعان لنصيحة ناصح ، أو توجيه مرشد ، فنشأت بينهم تلك المدارس الروحية التي قامت على أعظم أساليب التربية والتقويم ، وأقوى صلات الروح بين الشيخ والمريد .

ولذا يوصي العارفون بالله تعالى كل من أراد سلوك طريق الحق الموصل إلى معرفة الله ورضاه بالصُحبةِ ، وروحُها الاعتقاد والتصديق بهؤلاء المرشدين الدالين على الله تعالى ، الموصلين إلى حضرته القدوسية .

 

– أبو حامد الغزالي  :

قال الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى : ( الدخول مع الصوفية فرض عين ، إذ لا يخلو أحد من عيب أو مرض إلا الأنبياء عليهم السلام ) . [ ” شرح الحكم ” لابن عجيبة ج1/ص7 ] .

وقال رحمه الله : ( كنت في مبدأ أمري منكراً لأحوال الصالحين ، ومقامات العارفين ، حتى صحبت شيخي ( يوسف النساج ) فلم يزل يصقلني بالمجاهدة حتى حظيت بالواردات ، فرأيت الله تعالى في المنام ، فقال لي : يا أبا حامد ، دع شواغلك ، واصحب أقواماً جعلتُهم في أرضي محل نظري ، وهم الذين باعوا الدارين بحبِّي ، قلت : بعزتك إلا أذقتني بَرْدَ حُسْنِ الظن بهم ، قال : قد فعلتُ ، والقاطع بينك وبينهم تشاغُلُك بحب الدنيا ، فاخْرُجْ منها مختاراً قبل أن تخرج منها صاغراً ، فقد أفضتُ عليك أنواراً من جوار قدسي . فاستيقظتُ فرحاً مسروراً وجئت إلى شيخي ( يوسف النساج ) فقصصت عليه المنام ، فتبسم وقال : يا أبا حامد هذه ألواحنا في البداية ، بل إنْ صحبتني ستكحل بصيرتك بإِثمد التأييد .. الخ ) . [ ” شخصيات صوفية ” لطه عبد الباقي سرور ص154 . توفي سنة 1382هـ بمصر ] .

وقال أيضاً : ( مما يجب في حق سالكِ طريق الحق أن يكون له مرشدٌ ومربٌّ ليدله على الطريق ، ويرفع عنه الأخلاق المذمومة ، ويضع مكانها الأخلاق المحمودة ، ومعنى التربية أن يكون المربي كالزارع الذي يربي الزرع ، فكلما رأى حجراً أو نباتاً مضراً بالزرع قلعه وطرحه خارجاً ، ويسقي الزرع مراراً إلى أن ينمو ويتربى ، ليكون أحسن من غيره ؛ وإذا علمت أن الزرع محتاج للمربي ، علمت أنه لا بد للسالك من مرشد البتة ، لأن الله تعالى أرسل الرسل عليهم الصلاة والسلام للخلق ليكونوا دليلاً لهم ، ويرشدوهم إلى الطريق المستقيم ؛ وقبل انتقال المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى الدار الآخرة قد جعل الخلفاء الراشدين نواباً عنه ليدلوا الخلق إلى طريق الله ؛ وهكذا إلى يوم القيامة ، فالسالك لا يستغني عن المرشد البتة ) . [ ” خلاصة التصانيف في التصوف ” لحجة الإسلام الغزالي ص18 . توفي سنة 505هـ في طوس ] .

 

سؤال : يعني هنا هو يجب ان تقول لشيخك كل صغيرة وكبيرة تقصد .. وشكرا ؟

الجواب : يمكنكم تصفح كتاب ورقات الذهب في آداب الطريقة من تأليف الشيخ الدكتور أوس العبيدي ..

لتحميل الكتاب إضغط من فضلك : كتاب ورقات الذهب في آداب الطريقة

ومن قوله : ( يحتاج المريد إلى شيخ وأستاذ يقتدي به لا محالة ليهديه إلى سواء السبيل ، فإن سبيل الدين غامض ، وسبل الشيطان كثيرة ظاهرة فمن لم يكن له شيخ يهديه ، قاده الشيطان إلى طرقه لا محالة . فمن سلك سبل البوادي المهلكة بغير خفير فقد خاطر بنفسه وأهلكها ، ويكون المستقل بنفسه كالشجرةِ التي تنبت بنفسها فإنها تجف على القرب ، وإن بقيت مدة وأورقت لم تثمر ، فمعتَصَمُ المريد شيخُهُ ، فليتمسك به ) . [ ” الإحياء ” ج3/ص65 ] .

ويقول الغزالي : ( إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيراً بصَّره بعيوب نفسه ، فمن كانت بصيرته نافذة لم تخْفَ عليه عيوبه ، فإذا عرف العيوب أمكنه العلاج . ولكن أكثر الخلق جاهلون بعيوب أنفسهم يرى أحدهم القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عين نفسه ، فمن أراد أن يعرف عيوب نفسه فله أربعة طرق :

الأول : أن يجلس بين يدي شيخ بصير بعيوب النفس ، مطلعٍ على خفايا الآفات ، ويحكّمه في نفسه ، ويتبع إشاراته في مجاهداته ، وهذا شأن المريد مع شيخه ، والتلميذ مع أستاذه ، فيعرّفه أستاذه وشيخه عيوب نفسه ، ويعرّفه طريق علاجها .. الخ ) . [ “الإحياء” ج3/ص55 ] .

 

– ابن عطاء الله السكندري :

يقول ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه : ( وينبغي لمن عزم على الاسترشاد ، وسلوك طريق الرشاد ، أن يبحث عن شيخ من أهل التحقيق ، سالك للطريق ، تارك لهواه ، راسخ القدم في خدمة مولاه فإذا وجده فليمتثل ما أمر ، ولينْتهِ عما نهى عنه وزجر ) . [ ” مفتاح الفلاح ” ص30 ] .

وقال أيضاً : ( ليس شيخك مَنْ سمعت منه ، وإنما شيخك من أخذت عنه ، وليس شيخك من واجهتك عبارته ، وإنما شيخك الذي سَرَتْ فيك إشارته ، وليس شيخك من دعاك إلى الباب ، وإنما شيخك الذي رَفَع بينك وبينه الحجاب ، وليس شيخك من واجهك مقاله ، إنما شيخك الذي نهض بك حاله .

شيخك هو الذي أخرجك من سجن الهوى ، ودخل بك على المولى .

شيخك هو الذي ما زال يجلو مرآة قلبك ، حتى تَجَلَّتْ فيها أنوار ربك ، أنهضك إلى الله فنهضت إليه ، وسار بك حتى وصلت إليه ، وما زال محاذياً لك حتى ألقاك بين يديه ، فزجَّ بك في نور الحضرة وقال : ها أنت وربك ) . [ “لطائف المنن” ص167″ ] .

وقال أيضاً : ( لا تصحب من لا يُنهِضُكَ حاله ، ولا يدلك على الله مقاله ) . [ ” إيقاظ الهمم ” في شرح حكم ابن عطاء الله السكندري المتوفى سنة 709هـ لأحمد بن عجيبة الحسني ج1/ص74 ] .

 

– الشيخ عبد القادر الجيلاني :

ويقول صاحب العينية سيدي عبد القادر الجيلاني قدس الله سره :

وإن ساعد المقدور أو ساقك القضا * إلى شيخ حق ، في الحقيقة بارعُ

فقـــم في رضــــاه ، واتَّبع لمــراده * ودع كــــل مـا من قبل كنت تسارع

ولا تعتــرض فيما جهلـــت مـن أمره * عــليه ، فـــــإن الاعتراض تنــــــازع

ففــي قــــصة الخضر الكريم كفاية * بقتــل غــــــــــــلام ، والكليمُ يدافع

فلما أضــــــــاء الصبح عـن ليل سره * وســـــــــلَّ حساماً للغياهب قاطع

أقـــــــــــــــــام له العذرَ الكليمُ وإنه * كذلك عـــــــــــــلم القومِ فيه بدائع

[ ” فتوح الغيب ” للجيلاني ، من قصيدة تسمى “النوادر العينية في البوادر الغيبية” في 534 بيتاً ص201 ، وتوفي رضي الله عنه سنة 561هـ في بغداد ] .

 

– الشيخ عبد الوهاب الشعراني :

قال العالم الرباني الشيخ عبد الوهاب الشعراني في كتابه ” العهود المحمدية ” :

( أُخِذَ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نواظب على الركعتين بعد كل وضوء ، بشرط ألاَّ نحدِّث فيهما أنفسنا بشيء من أُمور الدنيا ، أو بشيء لم يُشرع لنا في الصلاة . ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يسلك به ، حتى يقطع عنه الخواطر المشغلة عن خطاب الله تعالى . ثم قال : فاسلك يا أخي على يد شيخ ناصح ، يشغلك بالله تعالى ، حتى يقطع عنك حديث النفس في الصلاة كقولك : أروحُ لكذا ، أفعلُ كذا ، أقول كذا ، أو نحو ذلك ، وإلا فمِنْ لازِمِكَ حديث النفس في الصلاة ، ولا يكاد يَسْلَمُ لك منه صلاة واحدة ، لا فرض ولا نفل ، فاعلم ذلك ، وإياك أن تريد الوصول إلى ذلك بغير شيخ ، كما عليه طائفة المجادلين بغير علم ، فإن ذلك لا يصح لك أبداً ) . [ “لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية” للعارف بالله عبد الوهاب الشعراني ج1/ص51 توفي رضي الله عنه سنة 973 هـ في مصر ] .

وقال الشيخ الشعراني أيضاً : ( وكانت صور مجاهداتي لنفسي من غير شيخ أنني كنت أطالع كتب القوم كـ ” رسالة القشيري ” ، و” عوارف المعارف ” و” القوت ” لأبي طالب المكي و”الإحياء” للغزالي ، ونحو ذلك ، وأعمل بما ينقدح لي من طريق الفهم ، ثم بعد مدة يبدو لي خلاف ذلك فأترك الأمر الأول وأعمل بالثاني .. وهكذا ، فكنت كالذي يدخل درباً لا يدري هل ينفذ أم لا؟ فإن رآه نافذاً خرج منه ، وإلاَّ رجع ، ولو أنه اجتمع بمن يُعرِّفه أمر الدرب قبل دخوله لكان بيَّن له أمره وأراحه من التعب ، فهذا مثال من لا شيخ له . فإن فائدة الشيخ إنما هي اختصار الطريق للمريد ، ومن سلك من غير شيخ تاه ، وقطع عمره ولم يصل إلى مقصوده ، لأن مثال الشيخ مثال دليل الحجاج إلى مكة في الليالي المظلمة ) . [ ” لطائف المنن والأخلاق” للإمام الشعراني ج1/ص48 – 49 ] .

وقال أيضاً : ( ولو أن طريق القوم يوصَلُ إليها بالفهم من غير شيخ يسير بالطالب فيها لما احتاج مثل حجة الإسلام الإمام الغزالي والشيخ عز الدين بن عبد السلام أخْذَ أدبهما عن شيخ مع أنهما كانا يقولان قبل دخولهما طريق القوم : كل من قال : إن ثَمَّ طريقاً للعلم غير ما بأيدينا فقد افترى على الله عز وجل . فلما دخلا طريق القوم كانا يقولان : قد ضيعنا عمرنا في البطالة والحجاب . وأثبتا طريق القوم ومدحاها ) . [ ” لطائف المنن والأخلاق ” للإمام الشعراني ج1/ص25 ] .

وقال أيضاً : ( ولو أن طريق القوم يوصَلُ إليها بالفهم من غير شيخ يسير بالطالب فيها لما احتاج مثل حجة الإسلام الإمام الغزالي والشيخ عز الدين بن عبد السلام أخْذَ أدبهما عن شيخ مع أنهما كانا يقولان قبل دخولهما طريق القوم : كل من قال : إن ثَمَّ طريقاً للعلم غير ما بأيدينا فقد افترى على الله عز وجل . فلما دخلا طريق القوم كانا يقولان : قد ضيعنا عمرنا في البطالة والحجاب . وأثبتا طريق القوم ومدحاها ) . [ ” لطائف المنن والأخلاق ” للإمام الشعراني ج1/ص25 ] .

ثم قال : ( وكفى شرفاً لأهل الطريق قول السيد موسى عليه السلام للخضر : { هل أَتَّبِعُكَ على أنْ تُعَلِّمَنِ مما عُلِّمتَ رُشداً } [ الكهف : 66 ] . واعتراف الإمام أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه وأرضاه لأبي حمزة البغدادي بالفضل عليه ، واعتراف الإمام أحمد بن سريج رحمه الله لأبي القاسم الجنيد ، وطلب الإمام الغزالي له شيخاً يدله على الطريق مع كونه كان حجة الإسلام ، وكذلك طلب الشيخ عز الدين بن عبد السلام له شيخاً مع أنه لُقِّبَ بسلطان العلماء .. وكان رضي الله عنه يقول : ما عرفت الإسلام الكامل إلا بعد اجتماعي على الشيخ أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه وأرضاه . فإذا كان هذان الشيخان قد احتاجا إلى الشيخ مع سعة علمهما بالشريعة فغيرهما من أمثالنا من باب أولى ) . [ ” لطائف المنن والأخلاق” للإمام الشعراني ج1/ص50 ] .

 

– أبو مدين :

أبو مدين رضي الله عنه : ( من لم يأخذ الآداب من المتأدبين ، أفسد من يتبعه ) . [ ” النصرة النبوية ” ص13 ] .

 

– الشيخ أحمد زروق :

قال الشيخ أحمد زروق رحمه الله في قواعده : ( أخذ العلم والعمل عن المشايخ أتم من أخذه دونهم { بل هو آياتٌ بيِّناتٌ في صُدور الذينَ أوتوا العلمَ } [ العنكبوت : 49 ] ، { واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ } [ لقمان : 15 ] ، فلزمت المشيخة ، سيما والصحابة أخذوا عنه عليه الصلاة والسلام ، وقد أخذ هو عن جبريل ، واتبع إشارته في أن يكون عبداً نبياً ، وأخذ التابعون عن الصحابة ) .

فكان لكلٌّ أتباعٌ يختصون به كابن سيرين وابن المسيّب والأعرج في أبي هريرة ، وطاوس ووهب ومجاهد لابن عباس ، إلى غير ذلك .

فأما العلم والعمل فأخْذُه جَلِيٍّ فيما ذكروا كما ذكروا .

وأما الإفادة بالهمة والحال ، فقد أشار إليها أنس بقوله : ( ما نفضْنَا الترابَ عن أيدينا من دفنه عليه الصلاة والسلام حتى أنكرنا قلوبنا ) . [ رواه الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي وقال : حديث حسن صحيح غريب ] . ولفظه عن أنس رضي الله عنه قال : ( لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة ، أضاء منها كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء ، وما نفضنا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا ) .

فأبان أن رؤية شخصه الكريم كانت نافعة لهم في قلوبهم ، إذ مَنْ تحقق بحالة لم يخلُ حاضروه منها ، فلذلك أمر بصحبة الصالحين ، ونهى عن صحبة الفاسقين . [ ” قواعد التصوف ” لأحمد زروق القاعدة 65 ] .

 

– علي الخواص :

وقال سيدي علي الخواص رضي الله عنه : 

لا تَسْلكَنَّ طريقاً لَسْتَ تعْرفُها     بلا دليلٍ فَتَهوي في مَهَاويها

[ ” المنن ” للشعراني ج1/ص51 ] .

الدليل والمرشد يوصل السالك إلى ساحل الأمان ويجنبه مزالق الأقدام ومخاطر الطريق ، وذلك لأن هذا الدليل المرشد قد سبق له سلوك الطريق على يد دليل عارف بخفايا السير ، مطلع على مجاهله ومآمنه ، فلم يزل مرافقاً له ، حتى أوصله إلى الغاية المنشودة ، ثم أذن له بإرشاد غيره ، وإلى هذا أشار ابن البنّا في منظومته :

وإنمــــا القومُ مُسافِرونا *** لحضـــرةِ الحقِّ وظاعنونا

فافتقرُوا فيـــه إلى دليلِ *** ذِي بصـرٍ بالسَّيرِ والمقيـلِ

قـدْ سلكَ الطريق ثمَّ عادَ *** لِيُخْبِرَ القومَ بمــــا استفادَ

[ أحمد بن محمد التجيبي المعروف بابن البنا – ” الفتوحات الإلهية ” شرح المباحث الأصلية ج1/ص142 ] .

 

– الشيخ محمد الهاشمي :

فاسلك يا أخي على يد شيخ حيٌّ عارفٍ بالله ، صادق ناصح ، له علم صحيح ، وذوق صريح ، وهمة عالية ، وحالة مَرْضيَّة ، سلك الطريق على يد المرشدين ، وأخذ أدبه عن المتأدبين ، عارف بالمسالك ، ليقيك في طريقك المهالك ويدلك على الجمع على الله ، ويعلمك الفرار من سوى الله ، ويسايرك في طريقك حتى تصل إلى الله ، يوقفك على إساءة نفسك ، ويعرِّفك بإحسان الله إليك ، فإذا عرفته أحببته ، وإذا أحببته جاهدت فيه ، وإذا جاهدت فيه هداك لطريقه ، واصطفاك لحضرته ، قال تعالى : { والذين جاهدوا فينا لَنَهدِيَنَّهم سُبلَنا } [ العنكبوت : 69 ] . فصحبة الشيخ والاقتداء به واجب ، والأصل فيه قوله تعالى : {واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ} [ لقمان : 15 ] وقوله تعالى : { يا أيُّها الذين آمنوا اتَّقوا اللهَ وكونوا مع الصادقينَ } [ التوبة : 119 ] .

ومن شرطه أيضاً أن يكون له الإذن في تربية الخلق من مرشد كامل ذي بصيرة نافذة ، ولا يقال أين مَنْ هذا وصفه ؟ لأنا نقول كما قال ابن عطاء الله السكَنْدَري في ” لطائف المنن “ : ( لا يُعْوِزُكَ وجود الدالين ، وإنما يعوزك وجود الصدق في طلبهم ) . جِدَّ صدقاً تجدْ مرشداً .

لكِنَّ سرَّ الله في صِدْقِ الطَّلب *** كَمْ رِيءَ* في أصحابهِ مِنَ العَجَبْ

[ على وزن [ قيل ] مبني للمجهول ] .

وقال في “لطائف المنن” أيضاً : ( إنما يكون الاقتداء بولي دلك الله عليه ، وأطلعك على ما أودعه من الخصوصية لديه ، فطوى عنك شهود بشريته في وجود خصوصيته ، فألقيتَ إليه القياد ، فسلك بك سبيل الرشاد .. الخ ) .

وقال ابن عطاء الله في حِكَمِهِ : سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه ، ولم يوصل إليهم إلا مَنْ أراد أن يوصله إليه ) . [ ” شرح شطرنج العارفين ” للشيخ محمد الهاشمي التلمساني ص14 .



– الى كل من يستفسر عن الطريقة إلى الله تعالى  :

قال حبيبي عز وجل في قرآنه الحبيب  : { وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً { 16 }

لذلك لو اردنا ان نفهم ماهي الطريقة يجب أن نعرف ونعي التعريف التالي للسنة الشريفة سنة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم فنقول :

السنة لغة  : الطريقة المسلوكة ، وأصلها من قولهم  : سننت الشيء بالمسن إذا أمررته عليه  ، حتى يؤثر فيه سننا أي طرائق . قال الخطابي  : أصلها الطريقة المحمودة  .

يقول الإمام النووي رحمه الله : السنة ( سنة النبي عليه الصلاة والسلام وأصلها الطريقة ) .. وسن الطريق  ، سنها سناً  ، سار عليها  . فالسنة الطريقة المحمودة المستقيمة ، ولذلك قيل : فلان من أهل السنة أي من أهل الطريقة المستقيمة المحمودة . وليس عندنا نحن المسلمون إلا سنة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

واعلم يا وليي في الله تعالى أن لكل شيء طريقة يصل الإنسان اليه بها : فالخياط له طريقته في خياطة الملابس . والمحاسب التجاري له طريقته في الحسابات . والمرأة لها طريقتها في الطبخ . وكما كل شيء في هذا العالم .. فلكل شيء له طريقته ، ولأهل النار طريقهم :

قال عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ) {168} ( إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً ) {169} .

ولأهل النور طريقهم  : قال عز وجل : ( قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ ) {30}

وكذلك للوصول الى الحياة الروحية الدينية الإسلامية الصحيحة طريقتها ، وهذه الطريقة هي التطبيق العملي للشرع قولاً وعملاً وأخلاقاً ، وذلك بإصلاح ظاهر السالك وباطنه ، وذلك بصحبة الشيخ الوارث المربي الذي لا يكتفي بتعليم مريده أمور دينه بصورة نظرية بحتة ، وإنما يأخذ بيده لتطبيق إحكام الشرع عمليا ً ، يثني عليه إذا أحسن ، وينبهه إذا زلّ ، ويتفقده إذا غاب ، ويذكّره إذا نسي ، ويزكّي قلبه إذا قسا ، ويحفزه إذا فتر ، ويحنو عليه ، ويحبه محبة الوالد لولده ، قاصداً بذلك وجه الله تعالى ، وبذلك يكتسب المريد الصفات الحميدة ، ومعرفة الله ، ويداوي عيوب وآفات نفس .

أما عن تعدد الطرق فأقول يا وليي في الله تعالى : منذ الفجر الأول للإسلام وتعدد التناولات الروحية وطرقها في خصوبة كبيرة في صدر الإسلام ولايستطيع الإنسان أن يطبقها على نفسها كلها جملة واحدة لذلك عرض علهيالإسلام أن يأخذ منها ما يستطيع حمله ويقدر على تأديته ليصل الى سكونه الروحي مع الحق . ومنها :

أن سيدنا داوود عليه الصلاة والسلام وآله كانت طريقته في طقوس الصوم  ، فيصوم يوما ويفطر يوما  . ومنها  : الإعتكاف في المحراب .. كما في قصة السيدة مريم عليها السلام وسيدنا زكريا عليه الصلاةوالسلام . ومنها : ” مَا سَبَقَكُمْ أَبُو بَكْرٍ بِكَثْرَةِ صَوْمٍ وَلَا صَلَاةٍ ، وَإِنَّمَا سَبَقَكُمْ بِشَيْءٍ وَقَرَ فِي صَدْرِهِ “ وهذا محمول على المقامات القلبية من توكل وتقى وحب .. الخ . ومنها  : مجاهدة النفس بسلوك مقامات الإيمان من زهد وورع وتقشف . ومنها : الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمنهم من جعل صلاته كلها للحضرة المحمدية .

وأقول يا وليي في الله تعالى بناءا على ما تقدم أن منكر الطريقة هو منكر للسنة الشريفة وكل من يقول أن الطريق ظهرت حديثا ولم تكن على زمن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد كذب وافترى بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير . ولاننكر أن هناك طرقا شيطانية مفتراة  ، ولكن لايدفعنا إبطال الباطل ان ننكر الحق . بل نقر بالحق حقا ونعترف به ونثبته وننكر الباطل  ، فلا يذهب الصالح بالطالح . فهناك طرقا للشيطان تخالف طرق السنة ( السنة  : الطريقة المحمودة ) ، جعلنا الله وإياكم على الطريقة الحقة ( الطريقة الحقة : سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) .

ومنها : الذكر العام والخاص ويسمون أهل الذكر .

ومنها : التفكر في أيات الله تعالى لا في ذاته . ومنها : العلم ويسمون أهل العلم .

ومنها : التبحر في القرآن الكريم .. ويسمون أهل القرآن .. وهكذا هناك عشرات من هذه الحقائق في السلوك الروحي والتي لا يستطيع إنسان واحد أن يلم بها جميعا الى بقدرة الرب . ولذلك لون الحق هذه السلوكيات وقدرها على عبيده كل حسب قدرته واستطاعته .

فمن يستطيع الصوم تبع طريقة ( طريقة : سنة ) الصائمين .. ومن يستطيع القيام اتبع طريق القائمين ، ومن يملك النظر اتبع طريق العلم  ، ومن يملك الفكر اتبع طريق التفكر في آيات الله تعالى ، ومن امتلك قلبا شهيدا اتبع طريق العرفان الروحي والمعرفة بالله تعالى  . وهكذا إلى ماشاء الله تعالى من سنن ( سنن : طرق ) الوصول في الإسلام .

 

سؤال : كيف يعرف الإنسان ما يناسبه من هذه الطرق ؟

الجواب : ️نطلب من الحق فى جوف الليل .. ونصلى ركعتين لله رب العالمين  .

 

– الطريقة الهانيبالية الكمالية المجددية والعارف بالله الدكتور هانيبال يوسف حرب حفظه الله تعالى :

هي طريقتي التي وصلت بها بعون الله وقدرته الى الفضاء الروحي المنشود بإتباع السنة الشريفة من طريقة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة والصوم والذكر والعلم والتفكر والإرتقاء في مطالع الآيات  . ولما وجدتها الأسهل في هذا العصر ووجدت من يقوم بهذه السنة ( السنة : الطريقة ) المحمدية يصل قبل غيره لحقائقه الروحية  ، وجدت أن الحق اراد لهم ولي ذلك . فهي سنة محمدية ( سنة محمدية : طريقة ) تراعي كل إنسان بما يستطيعه فترى منا الصائمون ومنا القائمون ومنا الذاكرون ومنا العارفون ومنا المعلمون نجاهد في الله تعالى بأموالنا وأنفسنا في سبيله صفا كالبنيان المرصوص يشد بعضنا بعضا ، لا نخرج عن نهج الشريعة المطهرة التي رضيها الله لنا على لسان نبيه حبيبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

نعم أخي في الله تعالى : كما لكل شيء سنته ( طريقته ) كذلك لعالم الروح سنته أي طريقته المسنونة المأخوذة عن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم . طريقة الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم . طريقة في عيش علم السلوك الأخلاقي في الإسلام .

مهمتها الدعوة إلى الله تعالى بتوحيد خالص لوجهه الكريم وبضوابط القرآن الكريم والسنة الشريفة وسيرة السلف الصالح رضي الله عنهم ( طريقة الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم ) . بدعوة أخلاقية راقية . عملاً بقوله تعالى : كونوا ربانيين  . تقبل الله منا ومنكم .

فهي طريقة ربانية حديثة متطورة منهاجها علم السلوك إلى الله تعالى بضوابط القرآن الكريم والسنة الشريفة وسيرة السلف الصالح رضي الله عنهم بأحدث ماوصل إليه الذوق العرفاني المجددي القائم على التوحيد الخالص والبعيد عن الخرافات الشركية والأساطير  ، ووصفت بالكمالية لإعتمادها في قواعدها الأساسية على مدارج كمالات الحب الإلهي في التجديد والترقية الإنسانية حيث تنمي الأبعاد الأخلاقية وتظهر كمالات الأخلاق القرآنية الواجب على البشر التخلق بها ، ففي القرآن الكريم قال حبيبي عز وجل : { اليوم أكملت لكم دينكم } ، ووظيفة الطريقة الهانيبالية الكمالية إبراز تلك الكمالات القرآنية بصورتها الأخلاقية تخلقاً وتحققاً واقعياً على الأرض في صورة الفرد المسلم المعاصر الحضاري الحديث والمتطور . ولهذه الطريقة مريدون كثيرون يطلق على السالك منهم لقب مضيئ وقد انتشروا في بعض دول العالم اليوم بكثرة نظراً لنبوغ هذه الطريقة في تطوير القدرات الروحية عند أتباعها .

وبخلاصة مفيدة نقول : هذه طريقة نافعة أثبتت نجاحها في عيش علم السلوك الأخلاقي في الإسلام بعيداً عن المظاهر التي تدعي التصوف والدخيلة على الإسلام . وما ذلك إلا للوصول بالإنسان إلى كماله الذاتي ولانقول الكمال المطلق فهذا لايكون إلا لله تعالى وحده بل نقصد بالكمال والكمالية هنا التحقق والإقتراب قدرالإمكان من عيش الكمالات البشرية الإنسانية بين يدي الله تعالى .

وليعلم كل أحد : أن الإسلام ليس فقط معلومات بل هو مشروع حياة تحتاج فيه الى تدريب عملي على ماتعلمته وهذا التدريب العملي هو الطريقة ( الطريقة : السنة ) .

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل والحمد لله رب العالمين .

ارجو ان تكونوا لمستم في هذا اللقاء الفائدة والمتعة العلمية التي تحتاج إلى تطبيق عملي

جزى الله عنا سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما هو أهله

جزى الله عنا سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما هو أهله 

جزى الله عنا سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما هو أهله 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ {180} وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ {181} وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين

 


تمت والحمد لله رب العالمين

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى