– المحاضرة : البحث عن الوريث المحمدي
– المحاضر : أ. منتهى عثمان
– المحاضرة : نصية & صورية
– قدمت في : أكاديمية FG – Group الأمريكية
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم سلام الله الولي المتعال وبركاته النورانية السارية في عباده الأصفياء
الحمد لله الذي جعل لنا من العلم نورا نهتدي ونهدي به ..
الحمد لله ما اهتدى قلب وانشرح ..
وما عم فينا سرور وفرح ..
الحمد لله ما ارتفع نور الحق وظهر ..
وما تراجع الباطل وتقهقر ..
وما سال نبع ماء وتفجر ..
وما طلع صبح وأسفر ..
وما سار سفين للحق وأبحر ..
وما على نجم في السماء وأبهر ..
وصلاة وسلاما طيبين مباركين على النبي المطهر صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر ..
وعلى آله وصحبه خير أهل ومعشر ..
صلاة وسلاما إلى يوم البعث و المحشر ..
في البداية أحب أن أهنئ العالم الإسلامي بمناسبة إفتتاح مهرجان القدرات النورانية بدورته الثانية ..
وأبارك لسماحة المؤسس الحكيم علامة الديار الشامية الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب بهذا الفرح الكوني النوراني البديع والفريد والمميز ..
وأشكر جميع العاملين والمشاركين في هذا الصرح العلمي المبارك ..
وأشكر الحضور الكريم الداعم لهذا المهرجان ..
ف .. أهلا وسهلاً بكم
البحث عن الوريث المحمدي هو عنوان محاضرتي لهذا المساء
إن غاية ما يسعى إليه العبد من عبادته وتقربه إلى الله أن يخلع عليه المعبود الكريم خِلعة المحبة ..
ويكتبه في ديوان الأحباب ..
ومن ثم فليس بينه وبين الملك حجاب ..
فالله على كل شيء قدير إنه هو الملك الوهاب
إن الكرامة الكبرى والنعمة العظمى نيل رضى الله والفوز بالحب الإلهي ..
ومن حاز هذا الفضل العظيم والخير العميم فإنه ولي الله الذي يحب الله من أحبه ويعادي من عاداه ..
ذلك أن محبة الولي أمر إلهي لا تدفعه القلوب السليمة ولا تقاومه الفطر النقية ..
هو من المعروف الذي حث الله عليه معروف من طريق روحاني هو معبر القلوب إلى الله ..
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في أهل الأرض ” .
فهي محبة موصولة من عند الله عز وجل جعل الله محبة جبريل والملائكة بابها السمائي ..
فلا ينال عبد المحبة من الناس في الأرض إلاّ إذا كان هذا الإجماع عليه في السماء .
وجبريل عليه الصلاة والسلام هو رسول الوحي من الله إلى أنبيائه ورسله ..
وهو رسول كل أمر روحي إلى عباده الصالحين ..
وكما أنه سبب ممتد في الرسالات فهو كذلك سبب ممتد في الولاية وفي هذه باق إلى يوم القيامة رغم توقف وحي الرسالة .
إن التعبير بـ ” من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب “
عوض التعبير بـ ” من والى لي وليا فقد أحببته “
تنبيه حكيم إلى أن الأصل هو محبة الولي لا معاداته وأن المعروف الفطري هو موالاة أولياء الله الذين شهدت السماء بمحبتهم .. وبموجب ذلك المنشور السمائي وُضع لهم القبول في الأرض .
فالمحبة للولي معروفة ومن ثم كان التنبيه على المنكر الدخيل :
” من عادى لي وليا “ وكأن في الأمر إنذار هو إذا لم تُوفق لمحبة ذلك الولي فلا تعاديه ولا تزدريه ففي ذلك الحجاب وصدُّ الباب .
فلصحبة الوريث المحمدي أهمية للترقي في مدارج الكمال وتلقي دروس الآداب والفضائل واكتشاف العيوب الخفية والأمراض القلبية .
هنا يطرح السؤال نفسه .. كيف الاهتداء إليه ؟
والوصول إلى معرفته ؟
وما هي شروطه وأوصافه ؟
فنقول : حين يشعر الطالب بحاجته إليه كشعور المريض بحاجته إلى الطبيب عليه أن يصدق العزم ويصحح النية ويتجه إلى الله تعالى بقلب ضارع منكسر ..
يناديه في جوف الليل ويدعوه في سجوده وأعقاب صلاته : ” اللهم دلَّني على من يدلني عليك وأوصلني إلى من يوصلني إليك ” .
عليه أن يبحث ويفتش ويسأل عن المرشد بدقة وانتباه غير ملتفت لما يشيعه بعضهم من فقد المرشد المربي في هذا الزمن ..
والناس في إثبات الخصوصية ونفيها على ثلاثة أقسام :
قسم أثبتوها للمتقدمين ونفوها عن المتأخرين وهم أقبح العوام .
قسم أقروها قديماً وحديثاً وقالوا : إنهم أخفياء في زمانهم فحرمهم الله بركتهم .
قوم أقروا الخصوصية في أهل زمانهم مع إقرارهم بخصوصية السلف وعرفوهم وظفروا بهم وعظموهم .. وهم السعداء الذين أراد الله أن يرحلهم إليه ويقربهم إلى حضرته .
ارجو ان تكونوا جميعا منهم ..
جعلنا الله وإياكم أحباب الحق في الملك والملكوت .
وفي الحكم : ( سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه ) .
وبهذا يُرَدُّ على من زعم أن شيخ التربية انقطع فإن قدرة الله تعالى عامة وملك الله قائم والأرض لا تخلو ممن يقوم بالحجة حتى يأتي أمر الله .
وقد أدركنا والحمد لله في زمننا هذا رجالاً عارفين مرشدين قد توفرت فيهم شروط التربية على الكمال ..
ذوي همة وحال ومقال تخرَّج على أيديهم خلق كثير وانتفع بهم جم غفير ولكن الخفاش لا يستطيع أن يبصر النور ..
فإذا لم يجد أحداً في مدينته فليبحث عنه في مدن أخرى ..
ألا ترون أن المريض يسافر إلى بلدة ثانية للتداوي إذا لم يجد الطبيب المختص ..
أو حين يعجز أطباء مدينته عن تشخيص دائه ومعرفة دوائه ..
ومداواة الأرواح تحتاج إلى أطباء أمهر من أطباء الأجسام .
وللمرشد شروط لا بد منها حتى يتأهل لإرشاد الناس وهي أربعة :
1- أن يكون عالماً بالفرائض العينية .
2- أن يكون عارفاً بالله تعالى .
3- أن يكون خبيراً بطرائق تزكية النفوس ووسائل تربيتها .
4- أن يكون مأذوناً بالإرشاد من شيخه .
أما الشرط الأول :
فينبغي أن يكون المرشد عالماً بالفرائض العينية :
كأحكام الصلاة والصوم والزكاة وأحكام المعاملات والبيوع ..
وأن يكون عالماً بعقيدة أهل السنة والجماعة في التوحيد فيعرف ما يجب لله تعالى وما يجوز وما يستحيل إجمالاً وتفصيلاً ..
وكذلك في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام وهكذا سائر أركان الإيمان .
وأما الشرط الثاني :
فينبغي أن يتحقق المرشد بعقيدة أهل السنة عملاً وذوقاً بعد أن عرفها علماً ودراية
فيشهد في قلبه وروحه صحتها ..
ويشهد أن الله تعالى واحد في ذاته واحد في صفاته، واحد في أفعاله، ويتعرف على حضرات أسماء الله تعالى ذوقاً وشهوداً ويرجعها إلى الحضرة الجامعة ولا يشتبه عليه تعدد الحضرات، إذ تعدد الحضرات لا يدل على تعدد الذات .
وأما الشرط الثالث :
فلا بد أن يكون قد زَكَّى نفسه على يد مربٍ ومرشد فخبَرَ مراتب النفس وأمراضها ووساوسها
وعرف أساليب الشيطان ومداخله ..
وآفات كل مرحلة من مراحل السير ..
وطرائق معالجة كل ذلك بما يلائم حالة كل شخص وأوضاعه .
وأما الشرط الرابع :
فلا بد للمرشد من أن يكون قد أُجيز من شيخه بهذه التربية وهذا السير ..
فمن لم يشهد له الاختصاصيون بعلم يَدَّعيه لا يحق له أن يتصدر فيه .
فالإجازة :
هي شهادة أهلية الإرشاد وحيازة صفاته وعليها أُسِّسَتْ الآن فكرة المدارس والجامعات، فكما لا يجوز لمن لا يحمل شهادة الطب أن يفتح عيادة لمداواة المرضى ولا يصح لغير المجاز في الهندسة أن يرسم مخططاً للبناء وكما لا يجوز للذي لا يحمل شهادة أهلية التعليم أن يُدَرِّس في المدارس والجامعات، فكذلك لا يجوز أن يدَّعي الإرشاد غير مأذون له به من قِبَلِ مرشدين مأذونين مؤهَّلين، يتصل سندهم بالتسلسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على غرار علماء الحديث الذين تناقلوا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسند رجلاً عن رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتبروا السند أساساً لحفظ السنة النبوية من الضياع والتحريف ولهذا قال ابن المبارك : ( الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) .
وكما أنه لا يصح من العاقل أن يتداوى عند جاهل بالطب كذلك لا يجوز للمرء أن يركن إلى غير المرشد المأذون المختص بالتوجيه والإرشاد وكل من درس الوضع العلمي في الماضي يعرف قيمة الإجازة من الأشياخ وأهمية التلقي عندهم ..
حتى إنهم أطلقوا على من لم يأخذ علمه من العلماء اسم ( الصحفي ) .
لأنه أخذ علمه من الصحف والمطالعة الخاصة قال ابن سيرين رحمه الله : ( إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ) .
وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابن عمر رضي الله تعالى عنهما بذلك فقال : ” يا ابن عمر دينَك دينَك إنما هو لحمك ودمك فانظرْ عمن تأخذ، خذ الدين عن الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذين مالوا ” .
وقال بعض العارفين : ( العلم روح تُنفخ لا مسائل تُنسخ ، فلْيَنْتبه المتعلمون عمن يأخذون ، ولْيَنْتبه العالِمون لمن يُعطون ) .
إعلموا أيها الأحباب .. أن من علامات المرشد أموراً يمكن ملاحظتها :
منها : أنك إذا جالسته تشعر بنفحة إيمانية ونشوة روحية لا يتكلم إلا لله ..
ولا ينطق إلا بخير ..
ولا يتحدث إلا بموعظة أو نصيحة ..
تستفيد من صحبته كما تستفيد من كلامه ..
تنتفع من قربه كما تنتفع من بعده ..
تستفيد من لحظه كما تستفيد من لفظه .
ومنها : أن تلاحظ في إخوانه ومريديه صور الإيمان والإخلاص والتقوى والتواضع وتتذكر وأنت تخالطهم المُثُلَ العليا من الحب والصدق والإيثار والأخوة الخالصة ..
وهكذا يُعرف الطبيب الماهر بآثاره ونتائج جهوده حيث ترى المرضى الذي شُفوا على يديه وتخرجوا من مصحه بأوفر قوة وأتم عافية .
علماً أن كثرة المريدين والتلاميذ وقلتهم ليست مقياساً وحيداً وإنما العبرة بصلاح هؤلاء المريدين وتقواهم وتخلصهم من العيوب والأمراض واستقامتهم على شرع الله تعالى .
ومنها : أنك ترى تلامذته يمثلون مختلف طبقات الأمة وهكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
فالظفر به يدفع الطالب للأخذ بيده والتزام مجالسه والتأدب معه والعمل بنصحه وإرشاده في سبيل الفوز بسعادة الدارين .
ومنها : التأييد الرباني بالإكرامات والكرامات التي يقيم بها الحجة فهو مؤيد من الله سبحانه وتعالى بالقدرة .
ومنها : فكما كان للانبياء أعداء يحسدونهم تجد له أعداء يحسدونه ويقولون عنه كما كان يقول أعداء النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم عن النبي
فكما يتهمون الأنبياء بالسحر يتهمونه
وكما يتهمون الأنبياء بالجنون يتهمونه
وكما يتهمون الأنبياء بالكذب يتهمونه
وبالمقابل ترى معه اناس كثيرون مؤمنون
يشهدون بأنه صادق وعاقل وولي ..
يردفه الله بهم يدفع عنه لسان الذين ضلوا لابد من وجود هذين الفريقين .
ومنها : الابتلاء ..
فقد جاء في الحديث اكثركم بلاء الأنبياء فالأمثل فالأمثل ..
فهؤلاء لايخلون من ابتلاء تفتري به الناس عليهم ولكن له نورانية خاصة أنه لايضرهم الحق بهذا الابتلاء ..
فكل الضالين حولهم يؤذونهم ولكن الأولياء لايتضررون من الأذى ..
هذا من وجه وترى من وجه آخر أن كل الذي يتوجهون إلى الولي المرشد بالأذى محاربون من الله تعالى ..
منهم من طرد الى التسفل ..
ومنهم من عوقب في جسده بمعاناة لاتزول الا بالاعتذار من الولي المرشد ..
ومنهم من يعاقب بأعز ماعنده ..
مما سبق نرى أنه ينبغي لمريد الكمال أن يلتحق بمرشد يتعهده بالتوجيه ويرشده إلى الطريق الحق ويضيء له ما أظلم من جوانب نفسه حتى يعبد الله تعالى على بصيرة وهدى ويقين .
– أخذ العهد :
هنا يبايع السالك إلى الله حبا المرشد ويعاهده على السير معه في طريق التخلي عن العيوب والتحلي بالصفات الحسنة والتحقق بركن الإحسان والترقي في مقاماته .
وأخذُ العهد ثابت في القرآن والسنة وسيرة الصحابة .
– فمن القرآن قول الله تعالى :
{ إنَّ الذينَ يُبايعونَك إنَّما يبايعونَ اللهَ يدُ اللهِ فوق أيديهم فمَنْ نكث فإنَّما ينكث على نفسه ومَنْ أوفى بما عاهَدَ عليهُ اللهَ فسيؤتيهِ أجراً عظيماً }
ولما كانت البيعة في الواقع لله تعالى ، حذَّر الله من نقضها تحذيراً ، فقال تعالى :
{ وأوفوا بعهد ِ الله إذا عاهدْتُم ولا تنْقُضوا الأَيمَانَ بعد توكيدها وقد جعلتم اللهَ عليكم كفيلاً }
وقوله تعالى :
{ وأوفوا بالعهدِ إنَّ العهد كانَ مسؤولاً }
– ومن السنة :
فإن أخذ العهد والبيعة في السنة المطهرة ما كان يتخذ صورة واحدة من التلقين أو يختص بجماعة من المسلمين وإنما كان أخذ العهد في السنة جامعاً بين بيعة الرجال وتلقين الجماعات والأفراد ومبايعة النساء بل وحتى من لم يحتلم .
– فأما بيعة الرجال :
فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ” بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ، ولا تعصوا في معروف، فمن وفَّى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه ؛ وإن شاء عاقبه. فبايعناه على ذلك ” .
وأما التلقين جماعة : فعن يعلى بن شداد قال : حدثني أبي شداد بن أوس رضي الله عنه ؛ عبادة بن الصامت حاضر يصدقه قال : ” كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ” هل فيكم غريب ؟ ” – يعني من أهل الكتاب – فقلنا : لا يا رسول الله ، فأمر بغلق الباب ، فقال : ” ارفعوا أيديكم وقولوا : لا إله إلا الله ” ، فرفعنا أيدينا وقلنا : لا إله إلا الله ، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : ” الحمد لله ؛ اللهم إنك بعثتني بهذه الكلمة ، وأمرتني بها ، ووعدتني عليها الجنة ، وإنك لا تخلف الميعاد ” . ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : ” ألا أبشروا فإنَّ الله قد غفر لكم ” .
– وأما بيعة النساء :
فعن سلمى بنت قيس رضي الله تعالى عنها – وكانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد صلت معه القبلتِين وكانت إحدى نساء بني عدي بن النجار – قالت : ” جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبايعته في نسوة من الأنصار ؛ فلما شرط علينا على أن لا نشرك بالله شيئاً ، ولا نسرق ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيه في معروف ، قال : ” ولا تغششن أزواجكن ” قالت : فبايعناه ثم انصرفنا ، فقلتُ لامرأة منهن ارجعي فسلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما حُرِّم علينا من مال أزواجنا ؟ قالت : فسألته فقال : ” تأخذ ماله فتُحابي به غيرَهُ ” .
– وأما بيعة من لم يحتلم :
فقد أخرج الطبراني عن محمد بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بايع الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهم وهم صغار ولم يُبْقِلوا .
يقال : أبقل وجهه ، إذا نبتت لحيته . ولم يبلغوا ، ولم يبايع صغيراً إلا منَّا .
– والخلاصة :
إن الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم كانوا يبايعون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حالات مختلفة :
منها بيعتهم على الإسلام .
وبيعتهم على أعمال الإسلام .
وبيعتهم على الهجرة وعلى النصرة والجهاد .
وبيعتهم على الموت .
وبيعتهم على السمع والطاعة .
وأما بيعة الصحابة رضي الله تعالى عنهم لخلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
فقد أخرج ابن شاهين في الصحابة عن إبراهيم بن المنتشر عن أبيه عن جده قال :
– كانت بيعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين أنزل الله عليه :
{ إنّ الذين يبايعُونَك إنَّما يبايعون الله } التي بايع الناس عليها البيعة لله والطاعة للحق
– وكانت بيعة أبي بكر رضي الله تعالى عنه : ( تبايعوني ما أطعت الله ) .
– وكانت بيعة عمر رضي الله عنه ومن بعده كبيعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال : ” قدمت المدينة وقد مات أبو بكر رضي الله تعالى عنه واستُخلف عمر رضي الله تعالى عنه ، فقلت لعمر : ارفع يدك أُبايعك على ما بايعت عليه صاحبك قبلك ، على السمع والطاعة فيما استطعت ” .
عن سليم أبي عامر رضي الله تعالى عنه : ” أنَّ وفد الحمراء أتوا عثمان رضي الله تعالى عنه فبايعوه على ألاَّ يشركوا بالله شيئاً ، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة ، ويصوموا رمضان ، ويَدَعُوا عيد المجوس ، فلما قالوا : نعم ، بايعهم ” .
ثم نهج الورَّاث من مرشدي الصوفية منهج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في أخذ البيعة في كل عصر .
فقد ذكر الأستاذ الندوي في كتابه ” رجال الفكر والدعوة في الإسلام “ :
أن الشيخ عبد القادر الجيلاني فتح باب البيعة والتوبة على مصراعيه ، يدخل فيه المسلمون من كل ناحية من نواحي العالم الإسلامي ، يجددون العهد والميثاق مع الله ، ويعاهدون على ألاَّ يشركوا ولا يكفروا ، ولا يفسقوا ، ولا يبتدعوا ، ولا يظلموا، ولا يستحلوا ما حرَّم الله ، ولا يتركوا ما فرض الله ، ولا يتفانوا في الدنيا ، ولا يتناسوا الآخرة .
وقد دخل في هذا الباب – وقد فتحه الله على يد الشيخ عبد القادر الجيلاني – خلق لا يحصيهم إلا الله ، وصلحت أحوالهم ، وحسن إسلامهم ، وظل الشيخ يربيهم ويحاسبهم ، ويشرف عليهم ، وعلى تقدمهم ..
فأصبح هؤلاء التلاميذ الروحيون يشعرون بالمسؤولية بعد البيعة والتوبة وتجديد الإيمان .
فكان لهذه المعاهدات والبيعات من الأثر في التزكية والإصلاح الفردي والجماعي أقوى شأن وأوفر نصيب .
– تناقل الإذن :
منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا تناقل هذا الإذنَ والتلقينَ والعهدَ رجالٌ عن رجال ..
فوصل إلينا محققاً مسلسلاً مسجلاً ..
والصوفية يُسمُّون البيعة والإذن والتلقين باسم ” القبضة ” ، يتلقاها واحد عن واحد يقبض كل منهما يد الآخر فكأنما الْتقى السالب بالموجب فارتبط التيار واتصل السند ، ونفذ التأثير الروحي المحسوس المجرب .
سؤال : هذا رائع حقاً .. ولكن يا سيدتي يحضرني سؤال الان .. على من تقع مسؤولية الأفراد الذين ليس لديهم أدنى فكرة عن ضرورة وجود الوريث المحمدي في حياتنا واتباعه ومبايعته .. وهؤلاء أراهم يوميا في كل مكان ؟ حتى أن البعض لا يسلم بهذه الحقيقة ؟
الجواب : طريق الحق واضح سيدتي .. من يريده فهو موجود ..
ذكرنا سابقاً بأن على المسلم أن يطلب من الله أن يدله عليه .. ليصل إلى الولي المرشد والدلال إلى حضرة الحق .
وما هؤلاء المرشدون المجددون على توالي العصور والأزمان الذين يربطون قلوب الناس بهم حتى يوصلوها بنور سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا كالمراكز الكهربائية التي توضع في الأماكن البعيدة عن المولِّد الكهربائي فتأخذ النور من مركز التوليد لتعطيه لمن حولها قوياً وهَّاجاً ..
فهذه المراكز ليست مصدر النور ولكنها موزعة له وناقلة ، ولكن لبعد المسافة يضعف نور الشريط المتصل بالمولِّد ، فاحتاج الأمر إلى هذه المراكز التي تعيد لهذا النور قوته وحيويته .
وهكذا فإن المرشدين يجددون النشاط الإيماني في عصرهم ويعيدون النور المحمدي إلى ضيائه وبريقه بعد تطاول الزمن وتعاقب القرون وهذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام : ” العلماء ورثة الأنبياء ” .
والتجربة العملية هي الدليل الأكبر على ما يثمره أخذ العهد من نتائج طيبة وآثار حميدة ولهذا اعتصم به السلف وورثه صالحوا الخلف وسار عليه جمهور الأمة .
بعد أن عرفنا الوريث المحمدي :
وهو الشيخ المرشد المأذون بالتربية الذي ترقَّى في مقامات الرجال الكمل على يد مرشد كامل مسلسلاً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وجمع بين الشريعة والحقيقة ، ثم تبيَّن معنا أهمية بيعته وأخذ العهد عنه وملازمته ..
نذكر هنا بعضاً من الآداب التي تطلب من المريد الصادق كي يتحقق له الوصول إلى مطلوبه فقد اتفق أهل الله قاطبة على :
– أن من لا أدبَ له لا سيرَ له .
– ومن لا سيرَ له لا وصولَ له .
– وأن صاحب الأدب يَبلغ في قليل من الزمن مبلغَ الرجال .
وها نحن نورد بعض آداب المريد مع شيخه :
وهي نوعان :
– آداب باطنة .
– وآداب ظاهرة .
فأما الآداب الباطنة فهي :
1- الاستسلام لشيخه وطاعته في جميع أوامره ونصائحه وليس هذا من باب الانقياد الأعمى الذي يهمل فيه المرء عقله ويتخلى عن شخصيته ولكنه من باب التسليم لِذي الاختصاص والخبرة بعد الإيمان الجازم بمقدمات فكرية أساسية ..
منها التصديق الراسخ بإذنه وأهليته واختصاصه وحكمته ورحمته ، وأنه جمع بين الشريعة والحقيقة .. الخ .
وهذا يشبه تماماً استسلام المريض لطبيبه استسلاماً كلياً في جميع معالجاته وتوصياته ، ولا يُعَدُّ المريض في هذا الحال مهملاً لعقله متخلياً عن كيانه وشخصيته ، بل يُعْتَبَرُ منصفاً عاقلاً لأنه سلَّم لذي الاختصاص ، وكان صادقاً في طلب الشفاء .
2- عدم الاعتراض على شيخه في طريقة تربية مريديه لأنه مجتهد في هذا الباب عن علم واختصاص وخبرة ..
كما لا ينبغي أن يفتح المريد على نفسه باب النقد لكل تصرف من تصرفات شيخه فهذا من شأنه أن يُضْعِفَ ثقته به ويَحجُبَ عنه خيراً كثيراً ويَقطعَ الصلة القلبية والمدد الروحي بينه وبين شيخه .
قال العلامة ابن حجر الهيثمي :
ومَنْ فتح باب الاعتراض على المشايخ والنظر في أحوالهم وأفعالهم والبحث عنها فإن ذلك علامة حرمانه وسوء عاقبته، وأنه لا يَنْتُج قط، ومن ثَمَّ قالوا : ” من قال لشيخه لِم ؟ لَمْ يفلح أبداً ” .
المقصود بهذا الأدب هو مريد التربية والكمال والوصول إلى الله تعالى ، أما التلميذ الذي يأخذ علمه عن العلماء فينبغي له مناقشتهم وسؤالهم حتى تتحقق له الفائدة العلمية ، أي لشيخه في السلوك والتربية .
3- أن لا يعتقد في شيخه العصمة فإن الشيخ وإن كان على أكمل الحالات فليس بمعصوم إذ قد تصدر منه الهفوات والزلات ولكنه لا يصر عليها ولا تتعلق همته أبداً بغير الله تعالى لأنه إذا اعتقد المريد في شيخه العصمة ثم رأى منه ما يخالف ذلك وقع في الاعتراض والاضطراب مما يسبب له القطيعة والحرمان .
ولكن لا ينبغي للمريد حين يعتقد في شيخه عدم العصمة أن يضع بين عينيه دائماً احتمال خطأ شيخه في كل أمر من أوامره أو توجيه من توجيهاته ، لأنه بذلك يمنع عن نفسه الاستفادة ، كمثل المريض الذي يدخل إلى طبيبه وليس في قلبه إلا فكرة احتمال خطأ الطبيب في معالجته فهذا من شأنه أن يُضعف الثقة ويُحدثَ الشكَّ والاضطراب في نفسه .
4- أن يعتقد كمال شيخه وتمام أهليته للتربية والإرشاد وإنما كَوَّن هذا الاعتقاد بعد أن فتش ودقَّقَ بادىء أمره فوجد شروط الوريث المحمدي التي سبق ذكرها قد تحققت في شيخه
ووجد أن الذين يصحبونه يتقدمون في إيمانهم وعباداتهم وعلمهم وأخلاقهم ومعارفهم الإلهية ” لا ينبغي للمرء أن يكون عاطفياً تغره المظاهر فيقع في صحبة أدعياء التصوف دون أن يكون له ميزان شرعي صحيح وتفكير عقلي سليم ، إذ ليس كل من ادعى التصوف صار صوفياً ومربياً ولو تزيا بزي المرشدين ، كما أنه ليس كل من لبس ثوب الأطباء في المستشفى صار طبيباً لأن هذه الثياب يلبسها الممرضون والآذنون وغيرهم “.
5- اتصافه بالصدق والإخلاص في صحبته لشيخه فيكون جاداً في طلبه منزهاً عن الأغراض والمصالح .
6- تعظيمه وحفظ حرمته حاضراً وغائباً ، قال إبراهيم بن شيبان القرميسيني :
( من ترك حرمة المشايخ ابتلي بالدعاوي الكاذبة وافتضح بها )
وقال محمد بن حامد الترمذي رضي الله عنه : ( إذا أوصلك الله إلى مقام ومنعك حرمة أهله والالتذاذ بما أوصلك إليه، فاعلم أنك مغرور مستدرَج )
وقال أيضا :
( من لم تُرضِهِ أوامر المشايخ وتأديبُهم فإنه لا يتأدب بكتاب ولا سنة ) .
وقال أبو العباس المرسي :
( تَتَبَّعْنا أحوال القوم فما رأينا أحداً أنكر عليهم ومات بخير ) .
وقال الشيخ عبد القادر الجيلاني :
( من وقع في عِرض وليٌّ ابتلاه الله بموت القلب ) .
7- أن يحب شيخه محبة فائقة شريطة أن لا ينقص من قدر بقية الشيوخ ، وأن لا يصل غلوه في المحبة إلى حدٌّ فاسد بأن يُخرج شيخه عن طور البشرية .
وإنما تقوى محبة المريد لشيخه بموافقته له أمراً ونهياً، ومعرفتِهِ لله تعالى في سيره وسلوكه
فالمريد كلما كبرت شخصيته بالموافقة ازدادت معرفته، وكلما ازدادت معرفته ازدادت محبته .
حديث شريف : قال حبيبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم : ” اللهم أسألك حبّك ، و حب من يحبّك ، و حب من يحب من يحبّك ،و حب كل عمل يقربني إلى حبّك ” . انتهى نص الحديث .
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك .
وأقول شارحا :
من اجل الأعمال التي يجب على العبد أن يحبها من التي تقرب العبد اى حب الرب ..
هو حب الوريث المحمدي ..
حب اهل الحب لله ..
فإن الحب حضرة تتوحد فيها الحضرات .
د. هانيبال يوسف حرب حفظه الله تعالى .
8- عدم تطلعه إلى غير شيخه لئلا يتشتت قلبه بين شيخين ..
ومثال المريد في ذلك كمثل المريض الذي يطبب جسمه عند طبيبين في وقت واحد فيقع في الحيرة والتردد ..
ينبغي الملاحظة أن المقصود بالشيخ هنا هو شيخ التربية لا شيخ التعليم إذ يمكن لطالب العلم أن يكون له عدة أساتذة، ويمكن للمريد أن يكون له أساتذة في العلم لأن ارتباطه بهم ارتباط علمي ، بينما صلة المريد بشيخ التربية صلة قلبية وتربوية .
وأما الآداب الظاهرة فهي :
1- أن يوافق شيخه أمراً ونهياً كموافقة المريض لطبيبه .
2- أن يلتزم السكينة والوقار في مجلسه، فلا يتكىء على شيء يعتمده ، ولا يتثاءب ولا ينام ، ولا يضحك بلا سبب ، ولا يرفع صوته عليه ، ولا يتكلم حتى يستأذنه لأن ذلك من عدم المبالاة بالشيخ وعدم الاحترام له . ومن صحب المشايخ بغير أدب واحترام حرم مددهم وثمرات ألحاظهم وبركاتهم .
3- المبادرة إلى خدمته بقدر الإمكان فمن خَدَم خُدِم .
4- دوام حضور مجالسه ، فإن كان في بلد بعيد فعليه أن يكرر زيارته بقدر المستطاع ولذلك قيل : ( زيارة المربي ترقي وتربي ) .
5- الصبر على مواقفه التربوية كجفوته وإعراضه .. الخ .. التي يقصد بها تخليص المريد من رعوناته النفسية وأمراضه القلبية .. قال ابن حجر الهيثمي : ( كثير من النفوس التي يراد لها عدم التوفيق إذا رأت من أستاذ شدة في التربية تنفر عنه ، وترميه بالقبائح والنقائص مما هو عنه بريء . فليحذر الموفق من ذلك ، لأن النفس لا تريد إلا هلاك صاحبها ، فلا يطعها في الإعراض عن شيخه ) .
6- أن لا ينقل من كلام الشيخ إلى الناس إلا بقدر أفهامهم وعقولهم لئلا يسيء إلى نفسه وشيخه ، وقد قال سيدنا علي رضي الله تعالى عنه : ” حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يُكذَّبَ الله ورسولُهُ ؟ ” .
وهذه الآداب كلها إنما تُطلب من المريد الحقيقي الذي يريد الوصول للحضرة الإلهية ..
وأما المريد المجازي فهو الذي ليس قصده من الدخول مع الصوفية إلا التزيي بزيهم والانتظام في سلك عقدهم ..
وهذا لا يُلزَم بشروط الصحبة ولا بآدابها ..
ومثل هذا له أن ينتقل إلى طريق أخرى ولا حرج عليه، كما أن طريق التبرك لا حرج في الانتقال منها إلى غيرها كما هو معروف عند المربين المرشدين .
وقال أبو حفص النيسابوري رضي الله تعالى عنه : ” التصوف كله آداب، لكل وقت آداب، ولكل حال آداب ، ولكل مقام آداب ، فمن لزم الأدب بلغ مبلغ الرجال ، ومن حُرم الأدب فهو بعيد من حيث يظن القرب ، مردود من حيث يظن القبول ” .
وبالجملة فأدب المريد لا نهاية له مع شيخه ولا مع إخوانه ولا مع عامة الوجود ..
وقد أفرده المربون بالتأليف وألف فيه ..
ابن عربي الحاتمي ..
والشعراني ..
وأحمد زروق ..
وابن عجيبة ..
والسهروردي .. وغيرهم .
– آداب المريد مع إخوانه :
1- حفظ حرمتهم غائبين أو حاضرين ، فلا يغتاب أحداً منهم ولا ينقص أحداً لأن لحومهم مسمومة كلحوم العلماء والصالحين .
2- نصيحتهم بتعليم جاهلهم وإرشاد ضالهم وتقوية ضعيفهم .
وللنصيحة شروط ينبغي التزامها .. وهي :
ثلاثة للناصح .
وثلاثة للمنصوح .
فشروط الناصح :
♦️ أن تكون النصيحة سراً .
♦️ أن تكون بلطف .
♦️ أن تكون بلا استعلاء .
وشروط المنصوح :
♦️ أن يقبل النصيحة .
♦️ أن يشكر الناصح .
♦️ أن يطبق النصيحة .
3- التواضع لهم والإنصاف معهم وخدمتهم بقدر الإمكان إذ ” سيد القوم خادمهم ” .
4- حسن الظن بهم وعدم الانشغال بعيوبهم ووَكْلُ أمورهم إلى الله تعالى :
ولا تر العيب إلا فيك معتقداً عيباً بدا بيِّناً لكنه استترا
5- قبول عذرهم إذا اعتذروا .
6- إصلاح ذات بينهم إذا اختلفوا واختصموا .
7- الدفاع عنهم إذا أُوذوا أو انتُهكِتْ حرماتهم .
8- أن لا يطلب الرئاسة والتقدم عليهم لأن طالب الولاية لا يُوَلَّى .
إن البحث عن الشيخ المرشد لغرض أتباعه والاستفادة من علومه وأسراره لهو من المنازل التي يختص الله تعالى بها عباده المكرمين ..
فأولياء الله هم .. « الطريق إلى الله تعالى ، والأدلاء عليه والباب الذي يُدخل منه إليه »
إذا فلا بد من هاد الى الطريق وقدوة ، سؤول ذى ذكر ، خبير بوسيلة العودة إلى الله ، والفرار والهجرة إليه سبحانه وتعالى ..
فإذا كان فى العلوم الدنيوية وضرر الجهل بها مؤقت ينتهي بانتهاء الدنيا مهما طالت ..
فما بالك بطب القلوب ، وهندسة الطريق إلى الله ، والطيران إلى حضرة الحق ، وكيمياء الروح وسائر علوم الآخرة التي تبقى بقاء الآخرة ؟️!!
هنا كان لا بد للمريد والسالك فى طريق الله تعالى من شيخ تقي نقي صالح عارف بالله تعالى وبشرع الله يربي المريد ..
وإمام يرشده ويوجهه ويسدد خطاه ويكشف له أحابيل الشيطان فى عباداته ومعاملاته وخطراته النفسية وإراداته القلبية والواردات التي قد تكون خطراً على صاحبها أكثر من الكفر الصريح .
ونستنتج مما ذكرنا أن علم التزكية او التصوف او مقام الإحسان ..
هو الهجرة إلى الله سبحانه ولا يؤخذ بالدراسة أو القيل والقال بل بالصبر والمجاهدة والإتباع بصدق وإخلاص للمربي الروحي الشيخ الكامل ليكون سنداً وراعياً للمريد السالك في سلوكه فالطريق وعرة وفيها الكثير الكثير من الترغيب والترهيب والباطن يتأثر بما يرد عليه من الأشياء وهنا تكمن ضرورة وجود الشيخ الكامل لتحصيل المريد السالك على نور العلم ( .. يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ .. ) .
قال شيخي ومعلمي وولي المرشد سماحة المؤسس الحكيم الشيخ الدكتور العارف بالله تعالى هانيبال يوسف حرب :
ليس السلوك الروحي امر معقد ولا صعب
بل هو سهل جدا .. وبسيط
تحتاج فقط ان تكون حقيقي ..
وان تطمئن في جنب الله تعالى .. وتتوكل عليه
فهو سيقود روحك في ملكوته ويسلك بها في نور العُلى .
وإلى هنا أكون قد وصلت إلى نهاية مشاركتي في هذا المهرجان النوراني البديع ..
لكم مني كل الحب والود والإحترام راجية من المولى تعالى أن يقضي حوائجكم ويدلكم إلى الطريق المستقيم لتنالوا جنة ونعيما ..
وفي الختام اهديكم هذه الهدية ..
قناة خاصة تعتني بعلوم الإتباع في القرءان الكريم والسنة الشريفة بهدف التوعية الشبابية الى ضرورة الاتباع نظرياً وعملياً .. تستقي علومها من علوم سماحة علامة الديار الشامية المفكر الإسلامي د .هانيبال يوسف حرب : إحدى وأربعون 41 علم اتباع قرءاني
الحمدلله رب العالمين .. الحمدلله حمدا لا منتهى له ..
الآن الآن الآن فقط أحسست أني على بيعة وريث محمدي لا أدري لماذا ..
بورك بك شيخي وحفظك الله .. إني أحبك في الله .. أيها الهاني بالله .. أحبكم جميعاً في الله
ابكيتموني .. أسأل الله رفقتكم في الجنان .. بصحبة الهاني بالله .. الحمدلله .. الحمدلله .. الحمدلله .. ما أجمل الحب في الله وما أجمل النور والعلم والحب .
تمت والحمد لله رب العالمين