إدخال السرور على قلب مسلم

ثقافة روحية نقية

– عنوان المحاضرة : إدخال السرور على قلب مسلم

– المحاضر : أ. عبد الهادي دنون

– المحاضرة : نصية

– قدمت في : FG-Group Academy -Turkey

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

اللهم لا سهل إلا ماجعلته سهلا

إنك تجعل الحزن إذا شئت سهلاً سهلا

لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك

رحمتك نرجوا .. إن ربك هو الفتاح العليم

سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب .. وبعد  :

 

كلنا بحاجة إلى يدٍ حانية ، تربِّت على أكتافهم في أوقات المصائب ، وتقوِّم انكسارهم ، فالحياة لا تخلوا من المشاكل والهموم والمتاعب ، ومن طالت به خبرته بالحياة علم أن أعلى الناس فيها قدراً هم الناصحون لغيرهم بالعلم النافع ، والمفرجون كرب الناس بالبذل والعطاء ، والميسِّرون على المعسِّرين بالتضحية والفِداء ، والباذلون جهدهم لإسعاد غيرهم .. مثال الأهل في تربية أبنائهم ليكونوا في راحة تامة  ..

أعظم سعادة يستشعرها الإنسان عندما يعيش السعادة أو يُدخل الفرح والسرور على الآخرين ، وديننا الحنيف حثنا وبيّن لنا فضل هذه العبادة المأجورة ، بل وجعلها من أفضل العبادات في التقرب منه جل وعلا  .

 

– من فضل إدخال السرور على قلب المسلم  :

إدخالك السرور على قلب مسلم هو من العبادات التي تؤجر وتثاب عليها ، قال نبينا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ” إن من موجبات المغفرة إدخال السرور على أخيك “ رواه الطبراني  .

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم  : ” إن أحب الأعمال إلى الله تعالى بعد الفرائض إدخال السرور على المسلم “ رواه الطبراني  .

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ” من أدخل على أهل بيت من المسلمين سروراً لم يرض الله له ثواباً دون الجنة “ رواه الطبراني  .

عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من لقي أخاه المسلم بما يحب الله ليسره بذلك سره الله عز وجل يوم القيامة “ رواه الطبراني  .

هذه الأحاديث غيض من فيض والوقت ليس بكافٍ لسردها .. لكن الاستئناس ببعض منها يثري مجلسنا ويذكرنا ببعض ميزات عبادتنا ..

هذه الآثار تدل على عظم وفضل مشاركة السرور والسعادة بين المسلمين ، فهي من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى ، بل هي سبب للمغفرة والرحمة ، وهي سبب لدخول الجنة ، فهي عبادة عالية المرتبة  .

 

– أهمية إدخال السرور على قلب المسلم :

فانظر عزيزي إلى فوائد وآثار إدخالك السرور على المسلمين من حولك ، بدءاً من أسرتك وعائلتك ، فأنت تحظى بالمغفرة والرحمة ، ويدخل الله تعالى عليك السرور والسعادة في الدنيا قبل الآخرة ، ثم إنك بهذا الفعل تخفف عن إخوانك آلامهم ، وتداوي جراحهم ، فتطيب حياتهم ، وتفرح قلوبهم ، وتمتلئ بالتفاؤل أيامهم ، وإدخال السرور يتحقق به كمال الإيمان ، وزيادة الصلة بالإخوان ، ورعاية وعناية أهل العوز والحرمان ، فتغدو الحياة أجمل ، والمجتمع المسلم أقوى وأكمل ، بتكاتفه وتعاونه كالجسد الواحد ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ” مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ ، وَتَرَاحُمِهِمْ ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى “ صحيح مسلم  .

فهنا نلاحظ بأن حياة المسلم مع الجماعة كونهم كجسد واحد أن من ثمراتها التنوع والكثرة في الفكر والثقافة .. فهي متبادلة مع إضافات يضيفها المستفيد من خبرته ليتطور المجتمع .

 

– الحث على إدخال السرور على المسلم  :

لهذا علينا أن نحرص على هذه السنة الكريمة ، وأن نسعى إلى هذه العبادة العظيمة ، فنحييها بين الناس ، فنعرفهم عليها ، وضرورة العمل بها ، ونعلمها أولادنا وعائلاتنا وطلابنا والناس من حولنا ، حتى يعلم الجميع أن السرور والفرح ركن أساسي في المجتمع المسلم ، وأنه ليس بنمط وحجر وتحجر يلغي وقت الفرح .. فهنا حتى وقت الفرح بضوابط يثاب عليه المسلم ، وأن هذه العبادة ممارسة ونشاط ينبغي علينا أن نمارسه يومياً مع من حولنا في وقته المناسب وبحدود وضوابط ، دون زيادة أو نقصان ، أي بحكمة لأن التعاون والتشارك ركن أساسي في المجتمع المسلم ، وهذا المعنى يتحقق ويصبح واقعا عندما يبادر كل منا فيتمثل هذا الخلق الكريم ، وهذه السنة الشريفة ، فيسعى لإدخال السرور على قلوب إخوانه المسلمين من حوله ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ” مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً فَعُمِلَ بِهَا، كَانَ عَلَيْهِ أَوْزَارُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهَا شَيْئًا “ سنن ابن ماجة  .

 

– من صور إدخال السرور على قلب المسلم  :

لإدخال السرور على قلب المسلم صور ونماذج كثيرة ومتنوعة ، أذكر لكم بعضها من باب التذكير بشيء منها لا الحصر  :

– أن يلقاه بالابتسامة : عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال : ” مارآني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي “ رواه البخاري  .

– تقديم هدية : قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم  : ” تَهَادُوا تَحَابُّوا “ السنن الكبرى  .

– أن يقدم النفع والخير : ” قيل : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ “ المعجم الأوسط  .

– أن يعينه على نوائب الحياة : قال صلى الله عليه وآله وسلم : ” مِنْ أَفْضَلِ الْعَمَلِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ : تقْضِي عَنْهُ دَيْنًا ، تقْضِي لَهُ حَاجَةً ، تنَفِّسُ عَنْهُ كُرْبَةً “ شعب الإيمان  .

وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ” أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن ؛ كسوت عورته ، وأشبعت جوعته ، أو قضيت له حاجة “ رواه الطبراني  .

والصور كثيرة في هذا الباب وأبسطها الكلمة الطيبة والنكتة اللطيفة  .

 

ديننا أيها السادة دين عظيم .. فإذا أدخلت على أخيك المؤمن السرور فهذه من أرقى العبادات ، قد تسُرّه بكلمة ، أو بابتسامة ، أو بعطاء ، أو بهدية ، أو بقرض ، أو تسره بإطعامه الطعام ، أو بتلبية دعوته ولو كان بيته بعيداً ، أو أية طريقة من طرق إدخال السرور على المؤمن تراها مناسبة في حينها لها عند الله عزَّ وجل شأن كبير  . 

إنها سعادة غامرة تلك التي يستشعرها المرء عندما يسعد الآخرين أو يشارك في إسعادهم أو تخفيف آلامهم .. سعادة لا تحس بها إلا النفوس الطاهرة النقية ، التي رجاؤها دوما وجه ربها وسعيها دوما هو في طرقات الخير المضيئة  .

 


تمت والحمد لله رب العالمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى