– عنوان المحاضرة : أنواع العقول / 1
– المحاضر : أ. عبد الهادي دنون
– المحاضرة : نصية
– قدمت في : FG-Group Academy -Turkey
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم لا سهل إلا ماجعلته سهلا
إنك تجعل الحزن إذا شئت سهلاً سهلا
لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك
رحمتك نرجوا .. إن ربك هو الفتاح العليم
سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب .. وبعد :
دورة توعوية : أنواع العقول
( المحاضرة الأولى )
إن العقل مهم جداً حيث يعمل على إدراك الشخص ، فمن شروط الإسلام العقل ، فالمجنون غير مكلف ، الإسلام دين والدين خُلق والخُلق هنا يقصد به هنا العقل الذي يُحَسن من خُلُق الإنسان .
– العقل لغةً : عَقَلَ الشيء : أي ربطه .
عقل البعير : ضمّ رسغ يده إلى عضده وربطهما معاً بالعقال ليبقى باركاً .
عَقَلَ الشَّيْءَ : أدركه على حقيقته وفهمه .
– العقل اصطلاحاً : العقل سُمي عقلاً ، لأنّه يعقل – أي يحبس – صاحبه عن التورّط في المهالك .
– تعريف العقل كما ورد عن الإمام الدردير شيخ الأزهر صاحب كتاب الخريدة البهية :
هو سر روحاني تُدْرِكُ به النفس العلوم الضرورية والنظرية ، ومحله القلب ، ونوره في الدماغ ، وابتداؤه من حين نفخ الروح في الجنين ، وأول كماله البلوغ .
مهما اختلفت وتضاربت أو تداخلت التعاريف حول العقل ، فإنّها تلتقي جميعاً أمام نقطة مشتركة هي اعتبار العقل ، والذي هو العنصر الأساسي في الفعل المعرفي البشري ، وهو القاعدة الأولى التي ينطلق منها الإنسان متأملاً وناظراً ومستنبطاً ومدركاً لحقائق الأشياء ، وهو الوسيلة الوحيدة للاهتداء إلى الصواب ، ولكن بشرط أن يعمل بعيداً عن المؤثرات السلبية .
– أين يوجد العقل :
يوجد العقل في القلب ، لقوله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ {46} الحج .
– أنواع العقول :
1- العقل المتحرر :
يعتبر هذا النوع من العقول متفتحاً ، إذ من الممكن مناقشته والتفاعل معه ، كونه يتقبل الآراء المعارضة له برحابة صدر ، فهو غير متعصب لفكره ، لأنه إن كان على خطأ يعترف بذلك ، وإن كان على صواب دافع عن رأيه دون أن يتعدى على حق الطرف الآخر ، ويحترمه ، ويحتفظ بأسلوبه اللبق حتى نهاية الحديث .
2- العقل المتقلب :
لا يثبت العقل المتقلب على رأي واحد ، وإنما يتقلب من رأي إلى آخر ، لأنه لا يعتمد على مصدر ثابت أو معلومات محددة ، وينتقل من فكرة لأخرى بشكل غير منظم ، كونه دائم القلق ، وغير ثابت ، الأمر الذي يجعل المناقشة معه صعبة ولا فائدة منها .
3- العقل المتعصب :
يصعب النقاش والحديث مع العقل المتعصب ، لأنه لا يعترف بصحة آراء الطرف الآخر ، ويعتقد بأن الآخر دائماً على خطأ ، وأنه هو الوحيد صاحب التفكير الصحيح ، كما ويدخل النقاش بصوت عال ، ليضغط على الطرف الآخر ، وليثبت رأيه وإن كان خطأ ، الأمر الذي يجعل النقاش معه مضيعة للوقت .
– علاقة القلب والعقل :
على مدى عقود درس العلماء القلب من الناحية الفيزيولوجية واعتبروه مجرد مضخة للدم لا أكثر ولا أقل من ذلك .
لكن مع بداية القرن الحادي والعشرين ومع تطور عمليات زراعة القلب الطبيعي والصناعي وتزايد هذه العمليات بشكل كبير ، بدأ بعض الباحثين يلاحظون ظاهرة غريبة ومحيرة لم يجدوا لها تفسيراً إلى الآن !
إنها ظاهرة تغير الحالة النفسية للمريض بعد عملية زرع القلب للمريض ، وهذه التغيرات النفسية عميقة لدرجة أن المريض بعد أن يتم استبدال قلبه بقلب طبيعي أو قلب صناعي ، تحدث لديه تغيرات نفسية عميقة ، بل إن التغيرات تحدث أحياناً في معتقداته ، وما يحبه ويكرهه ، بل وتؤثر على إيمانه أيضاً !
بالعودة إلى أن القلب مجرد مضخة وأنه لا يوجد أي أثر لتغيير قلب المريض ، بل قد تحدث تغيرات نفسية طفيفة بسبب تأثير العملية .
ويعتقد البعض بأن القلب المذكور في القرءان الكريم هو القلب المعنوي ( الغير مرئي ) مثله مثل النفس والروح . فما هي الحقيقة ؟
الحقيقة هي لو أننا حصدنا أقوال الأطباء في الغرب الذين برعوا في مجال علم القلب ، باعتراف عدد كبير منهم بأنهم لم يدرسوا القلب من الناحية النفسية ، ولم يعطى هذا الجانب المهم حقه في الدراسة حتى الآن .
تثبت الدراسات بأن القلب يُخلق قبل الدماغ عند الجنين ، ويبدأ بالنبض منذ تشكله وحتى موت الإنسان .
علماً بأن العلماء يعتقدون أن الدماغ هو الذي ينظم نبضات القلب ، إلا أنهم لاحظوا شيئاً غريباً أثناء عمليات زرع القلب ، أنهم عندما يضعون القلب الجديد في صدر المريض يبدأ بالنبض على الفور دون أن ينتظر الدماغ حتى يعطيه الأمر بالنبض وكأنه كائن مستقل بذاته .
وهذا يشير إلى استقلال عمل القلب عن الدماغ ، بل إن بعض الباحثين اليوم يعتقد أن القلب هو الذي يوجه الدماغ في عمله ، بل إن كل خلية من خلايا القلب لها ذاكرة ! ويقول الدكتور ( Schwartz ) إن تاريخنا مكتوب في كل خلية من خلايا جسدنا .
– نعود إلى أنواع العقول :
4- العقل المتحجر :
هو ذاك العقل المتمسك بما يؤمن به ومايراه هو صحيحاً كان أم خاطئاً المهم انه مقتنع بما يفعله ، لا يرضى أن يستقبل أي شيء ، ولا يرضى بالتغيير أبداً ، ويتميز العقل المتحجر بأن التفكير فيه توقف عند حد معين ، لا يتجاوزه ، ويظل متشبثاً به ، ولا يحاول الخروج به إلى العالم المحيط ، الأمر الذي يجعله صامتاً عند إجراء حوار مع الطرف الآخر .
5- العقل الجاهل :
يظن العقل الجاهل أنه وصل إلى مراتب عليا في كل شيء ، ويعتقد أنه ليس بحاجة إلى التزود من الآخرين ، أو إلى التعلم ، أو القراءة ، ويرى أن ما لديه يكفيه للدخول في أي نقاش ، إضافة إلى استعلائه على الطرف الآخر ، الأمر الذي يظهر سطحيته ، وسذاجته ، وبساطة معلوماته خاصة عند التعمق معه في أي حديث .
6- العقل الجبان :
يكون العقل الجبان ممتلئاً بالمعلومات ، إلا أنه لا يشارك الحديث مع الآخرين ، ولا يناقشهم ، ويخاف من مواجهتهم ، إضافة إلى أنه يتجنب الحديث في القضايا الكبيرة ، مثل : القضايا الدينية والسياسية ، ولا يشارك إلا في الأحاديث التي يرى أنها بسيطة ، ولا تلحق به أي ضرر ، علماً أنه بينه وبين نفسه لا يكون راضياً عن هذه التصرفات .
– علاقة الدماغ بالقلب :
هل الدماغ يتحكم بعمل القلب كما يقول العلماء ، أم أن العكس هو الصحيح ؟
بداية ينبغي أن تعلم أن علم الطب لا يزال متخلفاً ببعض العلوم !
وهذا باعتراف علماء الغرب أنفسهم ، فهم يجهلون تماماً العمليات الدقيقة التي تحدث في الدماغ ، ويجهلون كيف يتذكر الإنسان الأشياء ، ويجهلون لماذا ينام الإنسان ، ولماذا ينبض القلب ، وما الذي يجعل هذا القلب ينبض أصلاً ، وأشياء كثيرة ، فهم ينشرون في أبحاثهم ما يشاهدونه ويتدارسوه ويخضعوه للبحث العلمي الدقيق ، ليس لديهم أي قاعدة مطلقة ، بل لديهم التجربة والمشاهدة والحواس .
ولكننا كمسلمين لدينا حقائق حدثنا عنها قرءاننا الكريم قبل أربعة عشر قرناً عندما أكد في كثير من آياته على أن القلب هو العقل ومركز العاطفة والتفكير والذاكرة .
الآيات القرءانية والأحاديث النبوية في كل منها التصريح بكثرة بأن محل العقل القلب ، وكثرة ذلك وتكراره في الوحيين : لا يترك احتمالاً ولا شكاً في ذلك ، وكل نظر عقلي صحيح يستحيل أن يخالف الوحي الصريح ، وسنذكر طرفاً من الآيات الدالة على ذلك ، وطرفاً من الأحاديث النبوية ، ثم نبين حجة من خالف الوحي من الفلاسفة ومن تبعهم ، ونوضح الصواب في ذلك إن شاء الله تعالى .
وهذه بعض نصوص الوحيين :
قال الله تعالى : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا {179} الأعراف ، فعابهم الله تعالى بأنهم لا يفقهون بقلوبهم ؛ والفقه هو : الفهم ، والفهم لا يكون إلا بالعقل ، فدل ذلك على : أن القلب محل العقل .
ولو كان الأمر كما زعم الفلاسفة لقال : لهم أدمغة لا يفقهون بها .
قال الله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ {46} الحج ، ولم يقل : فتكون لهم أدمغة يعقلون بها . ولم يقل : ولكن تعمى الأدمغة التي في الرؤوس . كما ترى ، فقد صرح الله تعالى في آية الحج هذه بأن : القلوب هي التي يعقل بها ، وما ذلك إلا لأنها محل العقل كما ترى .
ثم أكد ذلك تأكيداً لا يترك شبهة ولا لبسا ؛ فقال تعالى : { .. وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ .. } ، فتأمل قوله تعالى : { .. الَّتِي فِي الصُّدُورِ .. } تفهم ما فيه من التأكيد والإيضاح ، ومعناه : أن القلوب التي في الصدور هي التي تعمى إذا سلب الله تعالى منها نور العقل ، فلا تميز بعد عماها بين الحق والباطل ، ولا بين الحسن والقبيح ، ولا بين النافع والضار ، وهو صريح بأن الذي يميز به كل ذلك هو العقل ومحله في القلب .
وقال تعالى : { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {24} محمد ، ولم يقل : أم على أدمغتهم أقفالها .
وانظر ما أصرح الآية هذه في أن التدبر وإدراك المعاني به إنما هو القلب ، ولو جعل على القلب قفل لم يحصل الإدراك ؛ فتبين : أن الدماغ ليس هو محل الإدراك كما ترى .
منذ عقدين تقريباً فقط بدأ بعض الباحثين بملاحظة علاقة بين القلب والدماغ ، ولاحظوا أيضاً أن للقلب دور في فهم العالم من حولنا ، وبدأت القصة عندما لاحظوا علاقة قوية بين ما يفهمه ويشعر به الإنسان ، وبين معدل ضربات القلب وضغط الدم والتنفس في الرئتين .
ومن هنا بدأ بعض الباحثين يدرسون العلاقة بين القلب والدماغ .
ووجدوا بأن القلب يؤثر على النشاط الكهربائي للدماغ .
العلماء لم يثبتوا أن القلب ليس له علاقة بالعواطف بل لا يستطيع أحد أن يثبت ذلك ، لأنهم لم يستطيعوا كشف جميع أسرار القلب ، ولذلك عندما نقول إن القلب هو الذي يوجه الدماغ في عمله ، فهذا الكلام منطقي ولا يوجد ما ينافيه علمياً ، والأهم من ذلك أنه يتفق مع ما ذكر في القرءان الكريم .
الشيء الثابت علمياً أن القلب يتصل مع الدماغ من خلال شبكة معقدة من الأعصاب ، وهناك رسائل مشتركة بين القلب والدماغ على شكل إشارات كهربائية ، ويؤكد بعض العلماء أن القلب والدماغ يعملان بتناسق وتناغم عجيب ولو حدث أي خلل في هذا التناغم ظهرت الاضطرابات على الفور .
ويقول الدكتور ( Armour ) إن للقلب نظاماً خاصاً به في معالجة المعلومات القادمة إليه من مختلف أنحاء الجسم ، ولذلك فإن نجاح زرع القلب يعتمد على النظام العصبي للقلب المزروع وقدرته على التأقلم مع المريض .
– نعود إلى أنواع العقول :
7- العقل المزدوج :
يعتبر العقل المزدوج من أخطر الأنواع ، فهو يدعو إلى الحوار ، ويناقش الآخرين بطريقة متحضرة كونه قوي الحجة ، ويقف في وجه التطرف والتعصب ، إلا أنه في الواقع قد لا يكون مقتنعاً بما يقوله أو يفعله ، ويظهر ذلك بشكل واضح في طريقة تعامله مع الأشخاص المقربين إليه .
8- العقل الرجعي أو المتخلف :
يعيش العقل الرجعي أو المتخلف على الخرافات ، بالإضافة إلى أنه لا يؤمن بالعلم ، ويرى أن التطور شيء يخالف الدين ، لذلك يحاربه ، ويحاول إلغاءه ، ويصدق ما يصدر من أنصاف المتعلمين ، ويرى أن أقوالهم حقيقة ، علماً أنه يقف في وجه المرأة ويمنعها من أخذ حقوقها ، ويمنعها من المشاركة في جوانب الحياة المختلفة ، ويلغي دورها ، وأهميتها في المجتمع .
9- العقل الفلسفي المتنور :
قلة قليلة من الناس يندرجون تحث هذ الصنف لكن يصعب ملاحظهم في المجتمع ما لم يعبروا عن افكارهم ، ويتشكل هؤلاء أساساً من نخبة العلماء والفلاسفة والمستنيرين ومن بعض المثقفين .
I am a student of BAK College. The recent paper competition gave me a lot of headaches, and I checked a lot of information. Finally, after reading your article, it suddenly dawned on me that I can still have such an idea. grateful. But I still have some questions, hope you can help me.